مقالات

لي عنق الحقيقة وقلب معالم الواقع قديماً ومتوارثاته حديثاً

لي عنق الحقيقة وقلب معالم الواقع قديماً ومتوارثاته حديثاً
بقلم
د.أيمن وزيري
استاذ الآثار-كلية الآثار-جامعة الفيوم
نائب رئيس اتحاد الأثريين المصريين
عضو لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة
جرت محاولات لقلب حقائق الأمور ولي عنق الحقيقة فلماذا جرت هذه المحاولات ؟؟ وها نحن بصدد طرح بعض الأسباب التي كمنت من وراء قلب مجريات الأمور الصحيحة وتغيير معالم الحقيقة سواء أكان ذلك للتراث الحضاري المصري والعربي في إطار الآثار الثابته ( المنشآت) والآثار المنقولة ( المقتنيات التي تضمها المتاحف ) ، وكذلك المخطوطات مثل البردي والرق والجلد والورق بالإضافة إلى النصوص التي كُتبت على كسرات الفخار أو الأحجار أو التماثيل أو اللوحات والأعمال الفنية والتصويرية عبر العصور التاريخية .
وعلى ذلك فيُمكن القول أن لي عنق الحقيقة أو ما يُعرف في علم النفس المعاصر تحت مُسمى ” تحسين الهدف السيء وتسويء الهدف الجيد ” وقد يكون أيضاً تحت مُسمى التزييف الذي قد يكون سائداً في كل مكان وزمان ، وهو يُعد تعبيراً عن حالة مرضيةٍ لدى الإنسان بغض النظر عن ثقافته ووضعه الإجتماعي والإقتصادي وذلك بقصد طمس الحقائق وقلب مجريات الأمور وتغييبها وطرح البديل الذي يخدم غرضاً غير مقبول لشخص أو حاكم أو لمؤسسة ..
ولقد سادت أدلة قلب الحقائق أو التزييف – إن جاز التعبير – منذ أن وجد الإنسان على وجه البسيطة الأرضية وخصوصاً فيما يتعلق بوثيقة تُمثل أهمية أو تحقق للمُزيف نفعاً شخصياً أو تقلب حقائق الأمور ومجريات التاريخ . وقد شاع ذلك في أكثر مما شاع في نسبة أثر أو مخطوط لشخص ليس بصاحبه أو إستبدال إسم ملك بآخر نتيجةً لصراع سياسي أو ديني أو محوه كليةً أو تغيير أرقام حسابيه ، أو وثيقة وضعت تحت يد القضاء للحكم عليها وكذلك للكشط أو المحو أو الإزالة لكلمة أو لسطر أو أكثر، وكذلك لإعادة إستخدام أثر لشخص آخر أو لغرض آخر ، وذلك لا يُعد تزويراً وإنما تصويباً أو إضافه أو إغتصاب أو في بعض الأحيان إعادة إستخدام ظهر لوحه أو برديه والأمثلة على ذلك عديده في المصادر المصرية القديمة .
ويُمكن أن نطرح ونُلخص أسباب ومُسببات قلب الحقائق في الآثار بصفةٍ عامةٍ والبرديات والمخطوطات بصفةٍ عامةٍ أيضاً ومتوراثات ذلك ومنها ما يلي : –
1- الصراع السياسي على السلطة والحكم .
2- المجد الشخصي لبعض أصحاب الأعمال الفنية المغمورة .
3- الحقد والتناحر والنزاع الشخصي بين البعض المغمور والبعض الآخر المشهور .
4- كسب ودر المال من خلال تزوير توقيعات وإمضاءات بعض الأشخاص ذوي النفوذ الفني أو السياسي أو الحضاري .
5- تحسين الهدف السيء لبعض الأشخاص المغمورين والأعمال المغمورة .
6- تسويء الهدف الجيد لبعض الأشخاص المشهورين والأعمال المشهورة .
والأمثلة على ذلك عديده ولعل التفرقة بين الآثار الحقيقية والآثار المقلدة موضوع مهم لمحبي الحفاظ على الآثار الحقيقية ، ولكن من الطريف أن مهربي الآثار يقومون بحصد الملايين بعد الإفلات من عقوبة التهريب ، إذا نجحوا في بيع آثار مزورة ، زاعمين أنها حقيقية وخادعين بذلك من يقدم على الشراء منهم.
وعلى رغم تطور الأجهزة الإلكترونية إلا أن التفرقة بين الآثار الحقيقية والآثار المقلدة يعتمد على حواس أصحاب الخبرة الذين يعرفون الأثر الحقيقي من الأثر المقلد بمجرد النظر واللمس، وكأنهم يملكون الحاسة السادسة التي تفوق أحياناً أحدث الأجهزة.
ويلاحظ أمثلة عدة أظهرت قدرة اكتشاف أصحاب الخبرة محاولات استبدال آثار حقيقية بأخرى مقلدة.. ولعل أشهرها تلك التي أحدثت ضجة إعلامية كبرى عندما أعلن الأثري قدري كامل عن اكتشافه حقيقة استبدال لوحة «آمنمحات» بلوحة أخرى مزورة أثناء عرضها في اليابان. . وبناء على هذه الشكوك قام بمقارنة الصور الدقيقة التي التقطها للوحة الأثرية قبل السفر، ومقارنتها باللوحة المعروضة فإذا به يكتشف العديد من الاختلافات الدقيقة التي لا يمكن للمشاهد العادي اكتشافها..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى