منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين… صور وفيديو

تقف فوزية بن ثامر أصيلة محافظة نابل التونسية (شمال البلاد) على مدارج المسرح البلدي بالعاصمة، في اليوم العالمي للمهاجرين، وهي تحمل صورة ابنها العشريني “آدم” الذي غادر البلاد منذ سنة 2022 في عملية هجرة غير نظامية نتيجة الظروف الاجتماعية الصعبة التي تعيشها العائلة وهي تصرخ “نريد الحقيقة كاملة لأبنائنا المفقودين في عرض البحر”.
شاركت فوزية مع العشرات من المتظاهرين والحقوقيين اليوم الأربعاء 18 كانون الثاني/ديسمبر2024 في مظاهرة تضامنية تزامنا مع اليوم العالمي للمهاجرين، للمطالبة بكشف حقيقة المفقودين التونسيين في عمليات هجرة غير نظامية.

أمهات تبحثن عن الحقيقة

إنقطع آدم عن الدراسة وهو في سن الـ 14 سنة بعد وفاة والده وقرر أن يغادر البلاد في عملية هجرة غير نظامية أملا في تحسين ظروف عائلته القاسية.
رحلة آدم كانت رفقة عدد من زملائه الذين راودهم الحلم الأوروبي ببناء حياة جديدة تضمن لهم الكرامة والشغل.
تقول فوزية: “المركب الذي غادر فيه إبني كان على متنه 47 آخرون وإلى هذا اليوم لم نتلقَ أية معلومة بخصوص وضعيتهم إن كانوا على قيد الحياة أو فقدوا في عرض البحر”.
أكثر من سنتين مرت على مغادرة آدم البلاد ووالدته المثقلة بالهموم لم تترك بابا إلا وطرقته بحثا عن حقيقة مصير ابنها المفقود.
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين - سبوتنيك عربي, 1920, 18.12.2024
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين
تحدثنا قائلة: “طلبت مني السلطات إجراء تحاليل الحمض النووي لتسهيل عملية البحث عن إبني ولكن دون جدوى، في كل مرة أجد نفسي بين الأمهات المناشدات لأبنائهن المفقودين وسط المظاهرات”.
بعين دامعة وبقلب يعتصره الألم، تضيف فوزية: ” في اليوم العالمي للمهاجرين يطرق الأمل بابي في أن تقدم لي السلطات معلومات جديدة تهم آدم ويتجدد في ذهني مشهد دخول إبني بيتنا من جديد”.
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين - سبوتنيك عربي, 1920, 18.12.2024
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين
“رشيدة باجي” والدة أيمن العياري هي أيضا واحدة من بين النساء اللاتي وقفن وسط شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس وعلى ملامح وجهها أكثر من تساؤل حول مصير ابنها المفقود منذ حوالي 14 سنة.
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين
انقطعت أخبار أيمن منذ ثورة الحرية والكرامة في تونس سنة 2011 ولم يجمعهما اتصال واحد منذ ذلك التاريخ.
تضيف رشيدة: “طرقت باب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ولم أجد جوابا، واليوم أجد نفسي وسط مظاهرة علها تساعدني على إيجاد إبني”.
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين
وتطالب رشيدة باجي، مثل العشرات من أمهات المفقودين في عرض البحر، السلطات التونسية بتقديم توضيحات حول ملف ابنها حتى وإن كانت المعلومات تحمل لها خبر الوفاة.

وقف مسار التعاون مع الاتحاد الأوروبي

وفي السياق ذاته جدد رئيس جمعية “الأرض للجميع” عماد السلطاني في تصريحات لـ”سبوتنيك” دعوته إلى إيقاف مسار التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة.
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين - سبوتنيك عربي, 1920, 18.12.2024
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين
وبيّن السلطاني أن ملف المهاجرين غير النظاميين لم يراوح مكانه منذ 2011 وسط مسار طويل من المعاناة في صفوف العائلات التي ما تزال في رحلة بحث شاقة لمعرفة الحقيقة ، مشيرا إلى أن عدد الذين فقدوا في هجرات غير نظامية يتجاوز 5 آلاف مهاجر.
وتابع: “لقد حددت لجنة التحقيق التي تم تشكيلها سنة 2016 عدد المفقودين بـ501 مهاجر وذلك بناء على المستندات التي قدمتها العائلات، غير أنها وإلى حدود اليوم لم تكشف عن إحصائيات جديدة”.
ويوضح السلطاني أن عائلات المفقودين في هجرات غير نظامية في كل المحافظات التونسية ستواصل الاحتجاج في العاصمة بحثا عن حقيقة مصير أبنائها، ولحث السلطات على التحرك في هذا الصدد.

تجديد التضامن مع ضحايا السياسات الهجرية

وكانت الوقفة التي شاركت فيها عشرات المنظمات تحمل أيضا جملة من المطالب الحقوقية، فإلى جانب ملف المفقودين في عمليات الهجرة غير النظامية، رفع المشاركون في هذه المظاهرة شعارات تطالب بإنصاف ضحايا سياسات الهجرة.
وفي الإطار، قال الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، إن هذه الوقفة الاحتجاجية تأتي “تضامنا مع ضحايا سياسات الهجرة الأوروبية والنشطاء الحقوقيين الموقوفين على ذمة ملفات قضائية ترتكز على دورهم في تقديم الخدمات الإنسانية للمهاجرين”.
وأضاف: “في هذا اليوم نستعرض العديد من الإنتهاكات التي تعرض لها المهاجرون بعد أن تحوّل البحر الأبيض المتوسط إلى أكبر مقبرة مائية”.
ويضيف بن عمر: “لقد خلّفت الاتفاقيات غير العادلة التي أمضتها الدولة التونسية مع الاتحاد الأوروبي العديد من الانتهاكات التي تمس المهاجرين غير النظاميين في دول أوروبية تتمثل أساسا في الاحتجاز القسري والطرد الجماعي والتعسفي الممنهج”.
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين - سبوتنيك عربي, 1920, 18.12.2024
منظمات تونسية تحتج ضد سياسات الهجرة وتتضامن مع عائلات المفقودين
وطالب بن عمر الحكومة التونسية بالتراجع عن كل مسارات التعاون مع الاتحاد الأوروبي والتي كانت على حساب المصالح الوطنية وحوّلت تونس إلى حارس حدود وإلى مصيدة للمهاجرين، على حد قوله.
وحث الحقوقي السلطات على وضع سياسات وطنية للهجرة تحفظ الحقوق والكرامة، وأن تفرض تعاونا عادلا مع الطرف الأوروبي في علاقة بهذا الملف.
وتابع: “إن السياسات الأوروبية تنظر للمهاجر كتهديد أمني وصحي وديمغرافي. وهذا الخطاب وجد صدى له حتى في دول الجنوب، مما أدى إلى انتشار خطاب الكراهية والعنصرية ضد المهاجرين في العديد من الدول الأوروبية.
ولفت بن عمر إلى أن هذه السياسات نجحت في نقل أزمة الهجرة من الحدود الجنوبية لأوروبا إلى تونس وخاصة في منطقتيْ العامرة وجبنيانة (محافظة صفاقس/ جنوب البلاد) وتعميق معاناة السكان المحليين مع المهاجرين.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى