دمشق تودع الناشط مازن الحمادة الذي “أعدم” قبل أيام من سقوط نظام الأسد
شيع مئات السوريين الخميس جثمان الناشط المعارض مازن الحمادة، الذي تم العثور عليه مع نحو 35 آخرين في ثلاجة مستشفى قرب دمشق، بعيد سيطرة فصائل معارضة على العاصمة إثر هجوم مباغت انتهى بإعلانها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وقالت شقيقته أمل على هامش التشييع “تواصلت مع طبيب وأرسلت له مقطع فيديو وصورة.. قال لي إنه أعدم من نحو عشرة أيام”.
رافق مئات السوريين الخميس جثمان الناشط والمعارض السوري مازن الحمادة إلى مثواه الأخير، بعدما عُثر عليه في ثلاجة مستشفى قرب العاصمة دمشق.
وتشكل معاناة هذا الناشط الذي اعتقله النظام السوري مرتين، فصلا من فصول المأساة التي عاشها عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون سيئة السمعة وشهدت على انتهاكات وتعذيب لا يوصف، وفق شهادات معتقلين وناشطين ومنظمات حقوقية.
وفي باحة مستشفى المجتهد بالعاصمة السورية، صاح المشيعون الذين حمل بعضهم أعلام الثورة السورية “لن ننسى دمك يا مازن”، بينما كان آخرون يحاولون تهدئة والدته التي بدت منهارة من شدة البكاء والحزن.
وقد عثر فصيل معارض الثلاثاء على نحو 35 جثة في ثلاجة داخل مستودع مستشفى حرستا الواقع شمال شرق دمشق، ملفوفة بأكياس وقماش أبيض وعليها آثار تعذيب وكدمات، بينها جثة الحمادة الذي تعرفت عليه العائلة من الصور.
وقالت شقيقته أمل لوكالة الأنباء الفرنسية بتأثر على هامش التشييع “تواصلت مع طبيب وأرسلت له مقطع فيديو وصورة.. قال لي إنه أعدم من نحو عشرة أيام”.
هذا، وتختصر تجربة الحمادة الذي سجن مرتين معاناة السوريين داخل سجون النظام السابق. إذ سجن الشاب لأول مرة بعد مشاركته في الاحتجاجات المناهضة للحكومة إثر اندلاعها عام 2011، إذ تعرض لتعذيب شديد بأساليب عدة، كما روى لاحقا بعد خروجه من السجن وفراره إلى هولندا في العام 2014 حيث تقدم بطلب لجوء.
“قتلنا كلنا…”
وفي هولندا كما في دول أخرى، قدم الحمادة شهادته علنا عن الانتهاكات والتعذيب الذي تعرض له. وتحدث في مقابلات وندوات عن معاناته في السجن والتي لم يتمكن من تجاوزها وأدت لاحقا وفق عائلته إلى تدهور حالته النفسية.
في إحدى مقابلاته التي أعاد ناشطون خلال اليومين الأخيرين تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، استعاد الحمادة لحظات من تجربة قاسية. وقال “دمروا الذكريات الحلوة، دمروا طفولتي، دمروا شبابي”.
وأضاف “نحن لسنا كما يصفنا الأسد، نحن كلنا متعلمون ودرسنا في الجامعات” قبل أن يضيف ودموعه تغطي وجنتيه “قتلنا كلنا، لم يترك شيئا منا”.
وقالت شقيقته خلال التشييع “قالوا إنه صور مظاهرات… هو صور (مظاهرات) سلمية، وشبابا يطالبون بالحرية”.
وقال محمد الحاج، أحد مقاتلي “غرفة عمليات الجنوب”، وهو ائتلاف فصائل معارضة، عثر على الجثامين في مستشفى حرستا لوكالة الأنباء الفرنسية عبر الهاتف من دمشق “فتحتُ باب غرفة التبريد بيدي، كان المشهد مهولا، حوالي أربعين جثة مكدسة داخلها وعليها آثار تعذيب لا يصدقه عقل”.
وإلى ذلك، أظهرت صور ومقاطع فيديو التقطها الحاج داخل مستشفى حرستا، شمال شرق دمشق، الجثث وبينها جثة مازن الحمادة، قبل أن يتم نقلها إلى مستشفى المجتهد، حيث تهافتت عائلات بحثا عن أبنائها.
وشكل مستشفى حرستا، وفق ما قال دياب سرية من رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، “مركزا رئيسيا لتجميع الجثث الآتية من سجن صيدنايا أو مستشفى تشرين قبل نقلها إلى مقابر جماعية”.
ويشار إلى أنه بعد نحو ست سنوات من وصوله إلى هولندا، عاد الحمادة بشكل مفاجئ إلى سوريا. وأفادت تقارير حينها بأن النظام استدرجه للعودة. وما إن وطأت قدماه مطار دمشق الدولي حتى تم توقيفه واختفى تماما إلى حين العثور على جثته في مستشفى حرستا.
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان، قضى نحو ستين ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاحتجاز المريعة في السجون السورية، ودخل نصف مليون شخص سجون السلطة، منذ بداية الحرب، بحسب للمصدر ذاته.