السياسة

ما هي قوات “الأورطة الشرقية” وعلاقتها بالجيش السوداني وإريتريا؟

لا يزال الجدل دائرا في السودان حول قوات “الأورطة الشرقية”، التي أعلنت انتشارها في شرق السودان في ظل مخاوف من سيطرة مليشيات جديدة على شرق البلاد وتحويلها إلى مناطق نفوذ قبلية، تمهيدا لعملية تقسيم قادمة في البلاد، علاوة على أن تلك القوات يمكن أن تكون غطاء للتدخل الإريتري في البلاد.

ما هي قوات الأورطة الشرقية وعلاقتها بالجيش السوداني والدولة الإريترية وسر المخاوف من ظهورها في هذا التوقيت.. وهل يمكن أن تؤدي إلى تكريس المناطق القبلية وما يتسبب فيه من مخاطر على وحدة البلاد..وهل ظهور تلك القوات وإعلان انضمامها للجيش يعطي مؤشرات معينة حول مصر الحرب؟

بداية يقول عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني: “تاريخيا كانت هناك عناصر وفصائل تنشط وتتدرب داخل الحدود الإريترية من المعارضة خلال فترة حكم الإنقاذ السابق، وتم إنهاء هذا الوضع بالاتفاقية التي وقعتها حكومة البشير السابقة مع المجموعات المسلحة في جيبوتي، حيث عادت تلك الفصائل إلى السودان وتم تجريدهم من السلاح وضم بعضهم إلى القوات المسلحة والبعض الآخر تم تسريحه”.

الأورطة وإريتريا

وأضاف : “فيما يتعلق بـ”قوات (الأورطة الشرقية) وما أثير حولها، يبدو أن بعض القيادات الشرقية التي لها وجود مجتمعي مثل، الأمين داوود، باستغلال علاقتهم القوية مع إريتريا، حيث ان تلك القبائل السودانية لها امتداد داخل الدولة الإرتيرية، واقنعوا الإدارة الإريترية بإمكانية أن يقوموا بتدريب شباب تابع لتلك القبائل، على أن يتم إلحاقهم بالجيش السوداني وليس العمل كمجموعات خاصة”.

وتابع ميرغني: “اعتقد أن الإدارة الإريترية وافقت في البداية، لكن بعد أن لاحظت أن تلك المعسكرات بدأت تأخذ شكل (قَبلي) تم رفض تلك المعسكرات وطلبت أن يكون هناك مركز واحد للجميع وأن لا تفتح معسكرات التدريب حسب القوميات”.

وأشار إلى أن “من المجموعات التي تدريبها، مجموعة الأمين داوود والذين تم إلحاقهم بالجيش، فإذا كنا بحاجة إلى مجموعات إريترية للتدريب فليأتوا إلى داخل السودان”.

تراجع المخطط

ويرى ميرغني، أن “عملية دمج عناصر الأورطة الشرقية في الجيش السوداني، هو نوع من التراجع من قبل القيادات السياسية الشرقية التي كانت تتجه للحصول على قوة عسكرية حقيقية للمساومة، حيث أن الأوضاع في البلاد نجد أن كل فصيل يستند على بندقيته لكي يحصل على موقع سياسي، ويبدو أن اعتراض القيادة الإرترية على هذا التوجه هو ما دفعهم لتسليم تلك العناصر المسلحة للجيش، لأنهم توقعوا أن تهدد تلك الفصائل إريتريا نفسها فيما بعد، لأن كلمة الأورطى الشرقية نفسها هى نوع من التراجع المؤدب”.

الصورة غير مكتملة

من جانبه يقول الفريق جلال تاور، الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، “إن الصورة غير مكتملة الآن فيما يتعلق بتلك القوة التي تسمى بـ الأورطة الشرقية، لكن المعلومات المتوفرة لدينا تقول أن كل ما يجري حولها تم بعلم قيادة القوات المسلحة، من حيث التدريب والتأهيل ومشاركتها وحتى تخرجها، بمعنى أن كل تلك الإجراءات تمت بمعرفة القوات المسلحة”.

وأضاف : “الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة دعا كل الجهات للاستنفار والاشتراك في القتال، باعتبار أن الدعم السريع أصبح مهددا لوجود الدولة السودانية بشكل عام ويأتيه الدعم من العديد من الدول الكبرى والدول الإقليمية”.

العلاقة مع الجيش

وعبر تاور عن “عدم خوفه من خطورة مثل تلك العناصر (الأورطة الشرقية) بعد انتهاء الحرب، حيث أن الحركات المسلحة انضمت إلى الجيش بشكلها الحالي بعد أن وقعت على اتفاقية جوبا مع الحكومة السودانية، وقوات الأورطة الشرقية لم توقع على اتفاق جوبا، لكنها اليوم تنضم باختيارها وطواعية إلى الجيش، ومن الضرورة أن يتم استيعابها بطريقة رسمية، والأورطة الشرقية هو اسم تاريخي للقوات التي دافعت سابقا عن البلاد”.

وأعلنت قبل أيام قوات عسكرية تطلق علي نفسها “الأورطة الشرقية” بقيادة الجنرال الأمين داؤود، الانتشار والانفتاح نحو الإقليم الشرقي بالسودان، في أعقاب مشاورات فنية مع الجيش السوداني.

وقالت الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، التي يرأسها الأمين داؤود، في بيان: “قواتكم الباسلة أبطال الأورطة الشرقية بقيادة الجنرال الأمين داؤود محمود تنتشر وتنفتح نحو الإقليم الشرقي بعد عملية مشاورات فنية وعسكرية مع قوات الشعب المسلح”، بحسب صحف سودانية.

ووفق البيان، فإن خطة الانتشار والانفتاح تأتي “ضمن استراتيجية قوات الأورطة الشرقية بحماية الأرض والعرض مع المنظومة الأمنية في البلاد، وأنها لاقت القبول والارتياح الشعبي”.

ولاحقا ذكر الأمين داؤود، في تصريحات إعلامية، أن “هدف الأورطة أكبر من البحث عن مكاسب، بل تلبية نداء الواجب والوقوف بجانب الجيش بكل صدق وتجرد”.

وتأسست الأورطة الشرقية بقيادة الأمين داؤود، بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السري” منتصف أبريل/ نيسان 2023، وأعلنت في وقت سابق تخريج 3 دفعات عسكرية خلال الفترة الماضية.

وتضم قوات “الأورطة الشرقية” مقاتلين من قبيلة “البني عامر” المشتركة مع دولتي السودان وأريتريا، ويرأسها الأمين داؤود، الذي يرأس تنظيم “الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة”، والذي كان جزءًا من اتفاق جوبا للسلام في السودان، ولكنه وجد معارضة واسعة في الشرق، ما علق تنفيذ الاتفاق هناك.

أعلن الجيش السوداني، الأحد الماضي، أن قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة أبوعاقلة كيكل انحاز للقوات المسلحة برفقة مجموعة من قواته، مؤكدا العفو عنه.

وقال الجيش في بيان إن “كيكل الذي كان يقود قوات الدعم السريع في وسط السودان وتتمركز قواته في ولاية الجزيرة وأجزاء من ولايتي سنار والنيل الأبيض المجاورتين، انحاز لجانب الحق والوطن”.

وأوضحت وسائل إعلام سودانية أن “الخطوة اكتملت بعد تفاوض طويل شاركت فيه عدة أطراف”.

وتأتي هذه الخطوة بعيد انتقال الجيش من مرحلة الدفاع إلى الهجوم منذ 26 سبتمبر/ أيلول الماضي، حيث حقق المزيد من التقدم العسكري على عدة جبهات.

واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى