بعد التصعيد الإعلامي والدبلوماسي…هل دقت طبول الحرب بين الصومال وإثيوبيا؟

بعد تطور العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بين مصر والصومال، في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوتر بين القاهرة وأديس أبابا بشأن سد النهضة، على أثر ذلك تناثرت الأنباء عن سيطرة القوات الإثيوبية التابعة لقوات حفظ السلام على عدد من المطارات الصومالية قبل أن يتم إرسال قوات مصرية إليها.

هل ينتظر الصومال صراع جيوسياسي على أرضه..وهل التصعيد في صالح حركة الشباب..وما هو السيناريو القادم؟

بداية يؤكد الدكتور مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر: “أن الأوضاع تزداد تعقيدا في الصومال، وقوات حفظ السلام الإثيوبية المتواجدة هناك بالتأكيد لن تترك الصومال بسهولة”.

الوضع خطير

وقال في حديثه لـ”سبوتنيك“: “إن هناك قلق إثيوبي من اتفاقية الدفاع المبرمة ما بين مصر والصومال، لكن لا أظن أن يكون هناك صراع جيوسياسي بين مصر وإثيوبيا على أرض الصومال، ومع ذلك يمكن توقع حدوث ذلك، خاصة في ظل الاتفاقية الموقعة بين القاهرة و مقديشيو، وفي ظل الإصرار الإثيوبي في الإبقاء على وجوده العسكري على أرض الصومال”.

وفيما يتعلق بحركة الشباب ومدى استفادتها من التوترات الحاصلة الآن، يقول غباشي: “حركة الشباب الصومالية المناهضة للسلطة (المصنفة إرهابية) موجودة ولها تأثير ومن الممكن أن تستغل هذا الصراع بشكل أو بآخر لتعزيز قوتها وأرضيتها في الصومال”.

وأشار غباشي إلى أن “السيناريو القادم ضبابي بدرجة كبيرة، لأن مصر لن تترك هذا الأمر بسهولة نظرا للعناد الإثيوبي بشأن مياه النيل والذي وصل إلى مدى خطير ومن الصعب جدا تقبله من جانب مصر، وزاد من سوء الوضع الاتفاقية التي أُبرمت بين إثيوبيا وما يسمى جمهورية أرض الصومال، حيث تنص الاتفاقية على فتح باب لإثيوبيا على البحر، وهذه في حد ذاتها مسألة مزعجة جدا بالنسبة لمصر والكثيرين، لذا أتصور أن الأمور ذاهبة أو قابلة للتعقيد والتطور بشكل أكبر، وإن لم تضبط الأوضاع فيمكن أن يحدث انفلات يصعب السيطرة عليه سياسيا وعسكريا”.

ساحة للصراع

من جانبه يقول عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي: “الأمر معقد جدا، ليس في الصومال فقط، وإنما في المنطقة كلها، وهذا ما سيزيد مخاوف انجرار المنطقة إلى مصير مجهول، فإثيوبيا التي تنتهك سيادة الصومال تعيش نفسها حالة من التفكك السياسي والاضطراب الأمني، نتيجة الصراعات الإثنية بين بعض قومياتها، وتحركات القوى المسلحة المتمردة التي تقترب قواتها يوما بعد يوم من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا”.

وأضاف: “أما الصومال والتي تشهد تعافيا من أزمات الحروب الأهلية والصراعات الأيديولجية، إلا أن بيتها الداخلي ليس مرتبا على الوجه المطلوب، وما أدل على ذلك إلا التظاهرات التي شهدتها بعض المناطق الصومالية تعبيرا عن مخاوفها من تحول هذه المناطق إلى ساحة صراع بين قوى إقليمية ودولية”.

السيطرة على المطارات

وأشار محمد إلى أن “سيطرة القوات الإثيوبية على عدة مطارات في الصومال، قد يأتي في إطار تأمين انسحاب قواتها من الصومال استجابة لقرار الحكومة الفيدرالية الصومالية، وهي خطوة تُقدم عليها القوات الإثيوبية عندما تنسحب من البلاد، حيث تنتشر في مناطق لم تكن موجودة فيها على سبيل الاحترازات الأمنية“.

وتابع المحلل السياسي: “حظيت حالة إعادة انتشار القوات الإثيوبية بهذا القدر من التحليل، نظرا لأن تلك الخطوة المكررة تزامنت مع التوترات الشديدة في المنطقة، وفي أعقاب اتفاقية التعاون العسكري الصومالي المصري، الذي امتعضت منه إثيوبيا بدون وجه حق، إذ أن الصومال دولة ذات سيادة كاملة ولها الحق في التعاون مع أي جهة لها مصالح مشتركة وقضايا ذات اهتمام مشترك معها”.

وأشار محمد إلى أنه “على الرغم من التوترات والتصعيدات في المنطقة، إلا أنه لا تزال هناك جهود لتخفيف وطأة التوتر، إذ وصل الإثنين الماضي إلى العاصمة الصومالية “مقديشو” الدكتور ووكن غيبيهو، الأمين العام لمنظمة “الإيجاد” الإقليمية للقاء مع مسؤولي الحكومة الفيدرالية الصومالية، والبحث معها قضايا تهم المنطقة والطرفين (الصومال والإيغاد)، وذلك بعد الغموض الذي أحاط بالجولة الثالثة من المحادثات غير المباشرة بين الصومال وإثيوبيا في أنقرة التركية، والتي كان من المقرر عقدها أمس الثلاثاء 17/سبتمبر/ أيلول الجاري، لكن لم يكتمل الاجتماع”.

حركة الشباب

وفيما يتعلق بمدى استفادة حركة الشباب من التصعيد الحادث على الأرض، يقول محمد: “مما لا شك فيه أن الجماعات والحركات المسلحة، غالبا ما تنشأ وتزدهر في ظل الصراعات الإقليمية والداخلية، فضلا من أن ظهور حركة الشباب كقوة عسكرية مسلحة كان عندما اجتاحت القوات الإثيوبية قوات اتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال عام 2006/2007، ما يعني أن عودة إثيوبيا تعني انتعاش لفكر (الشباب) أو نشوء جماعات أيديولوجية جديدة، وهو ما حذر منه الرئيس الصومالي مرارا وتكرارا منذ اندلاع الأزمة الحالية بين الصومال وإثيوبيا”.

تداولت وسائل إعلام صومالية أنباء سيطرة إثيوبيا على مطارات في الصومال، الذي توجد فيه قوات إثيوبية ضمن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وزعمت صحيفة “صوماليا غارديان” أن القوات الإثيوبية سيطرت على مطارات رئيسية بمنطقة غيدو، جنوبي البلاد، وقالت إن الهدف من ذلك منع نقل قوات مصرية إلى الصومال جوا، بينما ذكر موقع “غارو أون لاين” أنها سيطرت على مطارات في غربي البلاد أيضا.

وتوجد قوات إثيوبية في الصومال إما ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي أو وفقا لاتفاقيات أمنية ثنائية تم إبرامها في السابق، بين البلدين.

وتكمن أهمية المطارات في أنها الوسيلة الوحيدة الآمنة للوصول إلى منطقة “غيدو” بعدما سيطرت حركة الشباب الصومالية التي تحارب الحكومة، على الطرق المؤدية للمدن.

ويترقب الصومال وصول قوات عسكرية مصرية لتعزيز قدرات الجيش الصومالي والمشاركة في مهام حفظ السلام بالبلاد، وذلك بعد توقيع اتفاقية تعاون دفاعي بين البلدين، في وقت سابق.

وفي تصريحات صحفية سابقة، قال علي محمد عمر، وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية إنه لا توجد قوات عسكرية مصرية بالصومال في الوقت الحالي، مضيفا: “لكنها ستصل قريبا وستقدم الدعم والمساعدة لإعادة بناء الجيش الصومالي.

وأشاد عمر بالدعم المصري للصومال في الأزمة الحالية مع إثيوبيا، وقال إن اعترافها باستقلال إقليم أرض الصومال يخالف القوانين الدولية والمواثيق الأفريقية، مشيرا إلى أن توقيعها اتفاقا مع جزء من الصومال يمثل انتهاكا لسيادة البلاد وهو بمثابة إعلان حرب ضد مقديشو.

ووقّعت إثيوبيا اتفاقا مع الإقليم، في يناير/ كانون الثاني الماضي، يمنحها فرصة الوصول إلى البحر الأحمر، دون الرجوع إلى مقديشو، كما يمنح أديس أبابا ميناء وقاعدة عسكرية لمدة 50 عاما، مقابل اعترافها رسميا بإقليم “أرض الصومال” كجمهورية مستقلة عن الصومال، وهو الأمر الذي وصفته مقديشو بـ”الانتهاك غير قانوني”.

وبعدها قال السيسي إن الصومال له الحق في الدعم الدفاعي في إطار ميثاق الجامعة العربية، مؤكدا رفض القاهرة لاتفاق أديس أبابا مع إقليم أرض الصومال.

وفي يوليو/ تموز الماضي، أعلن الصومال موافقته رسميا على اتفاقية دفاع مشترك مع مصر، وفي أغسطس/ آب الماضي، قال وزير الخارجية الصومالي أحمد فقي، إن الاتفاقية تمكن القوات المسلحة الصومالية من حماية سيادتها بفاعلية أكبر.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى