الصحة

الأمراض وعلاجها فى مصر الفرعونية

بقلم دكتور حسام حجازي

اعتقد المصري القدیم أن هناك أیام معينة فى السنة منحوسة وتنبأ فیها بحدوث أشیاء سیئة وبعضها كان ینذر بسُوء الحظ ، وكانت تلك الأیام ملیئة بالمخاطر ولذا يجب تجنبها وإلا سيحدث له أمر سئ وينتشر المرض فيها. وهناك کثير من المصادر التي أعطتنا فکرة واضحة عن الطب في مصر القديمة، وأهمها: البقايا البشرية والمومياوات، کذلك ما دوَّن من نقوش على جدران المعابد؛ ولکن يبقى المصدر الرئيسي والأهم وهو: “البرديات الطبية وتصف هذه البرديات عظمة الفراعنة في الطب وتفوقهم في تشخيص الأمراض، ووصف العلاج،

دكتور حسام حجازي

وتنوعت هذه البرديات وتعددت واشتملت على ذکر الأمراض التي يتعرض لها المصري القديم، وکيفية علاجها وطرق الوقاية منها، مثل بردية “إدوين سميث” و بردية “إيبرس” وبردية “کارلسبرج و بردية كاهون وبردية شستر بيتي رقم 10 و بردية لندن الديموطيقية و بردية جولنشيف وبردية المشايخ وغيرهم .

ومن خلال دراسة المومياوات والبقايا الآدمية كانت معرفتنا عن الأمراض التى عانى منها أصحاب المومياوات والطعام الذى كانوا يتناولونه وأسباب الوفاة وصوّر الفن المصرى القديم مناظر نادرة لعلاج المرضى ومن خلال إجراء الأشعة على بعض المومياوات تم اكتشاف عدة امراض لعل أهمها: أمراض القلب : من أقدم الحالات التى عثر عليها مصابة بأمراض القلب أميرة مصرية تسمى “أحمس مريت أمون” حيث اكتشفت من خلال الفحص حدوث انسداد بشرايين القلب ولقد وجد الباحثون أن تصلب الشرايين كان منتشر بمعدل عالى فى مصر القديمة وكذلك التهاب عضلة القلب . أمراض الرئة : تم الكشف عن أول حالة بارزة مصابة بأمراض الرئة لمومياء عمرها 3800سنة لشخص يدعى ” نخت- عنخ ” والذى عاش لمدة 60 عاما وكانت رئتيه سيئتان جدا وربما كان يعانى صعوبات فى التنفس ومن خلال فحصها وجد أن بها جسيمات دقيقة من الملوثات الجوية والتى وجدت أنها نتجت عن حرق الوقود . مرض الجدرى : وهو مرض فيروسى يعتقد أنه ينتقل من المواشى الداجنة وأكثر الاصابات شهرة بتلك المرض هو مومياء ” رمسيس الخامس ” . مرض السل : اتضح من الدراسات انتشار هذا المرض بصورة كبيرة فى العصور القديمة و تم العثور عليه فى أنسجة الرئة وعينات المراراة أمراض العظام :

ومنها مرض شلل الأطفال الذى يشتبه فى وجود اصابات به فى مصر القديمة وكذلك مرض التهاب المفاصل الذى ينتج من كبر السن أو الضغوط كما وجدت حالات اصابة بسرطان العظام وذلك فى مومياء ترجع للعصر البطلمى الأورام : هناك القليل من الأدلة للاصابة بالأورام ربما لأن فترة الحياة كانت قصيرة وبالنسبة للأورام الداخلية فمنها الأورام الحميدة فى العضلات الملساء فى الرحم وورم غدى ليفى فى الثدى ( سرطان الثدى ) وسرطان القولون والمستقيم وذلك فى مومياء تعود للقرن الرابع عشر . دونت البرديات الطبية أسماء العديد من العقاقير التى استعملها الأطباء فى مصر القديمة ومنها:

(١) العقاقير النباتية: وقد استعمل قدماء المصريين الكثيرَ من العقاقير النباتية التي بلغت خمسة أسداس مجموع ما استعملوه من مختلف العقاقير، وقد كان وصفها لمرضاهم بحسب ما أوحت به ملاحظتهم العلمية الدقيقة التي امتزجَتْ بها أحيانًا في بعض العقاقير الفكرةُ الشعبية والأسطورةُ العقائدية الدينية. وقد كان بعض عقاقيرهم النباتية مصرية صميمة، وبعضها غريب استُجلِب إلى مصر وتأقلم بطبيعتها، وقد عرف العلماء الكثير من النباتات، وحقَّقوا أسماءها الهيروغليفية. وقد وجدنا جذورَ نبات الخروع منذ العصور التي كانت ما قبل التاريخ، وعرف المصريون خواصَّه الشفائية، واستعملوه في جميع الأمراض، وأفردت له بردية إيبرس فصلًا خاصًّا به، واستعملوا هذه البذورَ كمُلَيِّن يمضغونها مع الجعة كما هدتهم ملاحظتهم الدقيقة. وقد أثبت العلم الحديث أن زيت الخروع الذي تحويه البذور سريع الذوبان في المواد الكحولية، كما أن الكحول يرسب المواد السامة، ومن هذا تظهر فائدة استعمال الجعة مع زيت الخروع. كما استعملوه لأمراض قشرة الرأس، ولعلاج سقوط الشعر، وكدهان لحالات كثيرة، إلى غير ذلك مما جاء ذكره في البرديات الطبية.

وكان لنبات الخس مكانةٌ دينية خاصة، وعلاقةٌ وثيقة بالإله مين إله الخصب والتناسل، وقد تداول المصريون القدماء الأساطيرَ الكثيرة عن علاقته بغدة الإخصاب، حتى لا يوجد رسمٌ للإله مين إلا وفي يده الخس، أو يُقدَّم له الخس قربانًا. كما عرف المصريون نبات الخشخاش بنوعَيْه: الخشخاش الأحمر وأبو النوم، ووُجِدت صوره على مقابرهم، وفي رسومهم وُضِعت حليهم على شكل علبة أبو النوم، واستُعمِل هذان الصنفان كداوء مسكن لكثير من الأمراض، وظل استعماله مستمرًّا في العصور اليونانية والرومانية في مصر حتى العصور الأخيرة من القرن الثامن عشر.

ولما توسَّعَ المصريون في حروبهم في بدء الدولة الحديثة، دخل فيما دخل من النبات مع الجيش المصري المظفر نباتُ الرمان، الذي ما زال يحمل اسمه القديم، سواء الاسم المصري الفرعوني أو الأسماء السامية، فجميعها متشابهة، وقد استعمل المصريون قشورَ الرومان كمادة قابضة لعلاج الحروق والجروح وأمراض النساء، كما استعملوا هذه القشورَ أيضًا وجذورَ النبات لطرد الديدان، وقد أثبت العلماء في القرن الثامن عشر أن هذا النبات يحتوي على مادة البليترين، وهي من أهم المواد الطاردة للديدان. وعرفوا الحلبة، وأفردَتْ لها برديةُ أدوين سميث فصلًا خاصًّا لإعادة الشباب، واستخلصوا زيتها واستعملوه لمراهم إزالة تجعدات الوجه عند السيدات. وعرفوا غير ذلك من العقاقير النباتية: الحناء، والخلة، والشيبة، والخمائر، والفطريات، وأنواع الراتنجات المختلفة كاللبان والمستكة وبخور اللبان، وأنواع العطور المختلفة، إلى غير ذلك.

(٢) العقاقير الحيوانية إن الرغبة في استعمال المنتجات الحيوانية، والانتفاع بكثير من أعضاء الحيوان المختلفة في التداوي؛ ليست وليدة هذا العصر الحديث، بل كانت شائعةً بين البشر منذ بدء الخليقة، ولكن بصورة بشعة أحيانًا أَدْعَى وأقرب ما تكون من الوحشية، كاستعمالهم أعضاء الإنسان مثلًا.ومع ظهور هذا الطب الفطري لم يخلُ العلاج القديم أيضًا من عقاقير حيوانية أثبت العلمُ الحديث أنها ذات فائدة قيِّمة. وقد وصفَتِ البرديات الفرعونية الكبدَ نيِّئًا وجافًّا ومشويًّا ومسحوقًا، ووصفته بالفم، وللاستعمال الظاهر كقطرة جافة أو مرهم للعيون، والواقع الذي نلمسه من دراستنا لتذاكرهم الطبية يجعلنا نقطع بأن المصريين قد وصلوا القمةَ من ناحية الملاحظة العلمية الدقيقة، وأنهم لمسوا أن الكبد مفيد لعلاج العيون، وعلاج حالات الإجهاض، وهذا يطابق تمامًا ما يقول به العلم الحديث، كما لاحظوا أن درجة الحرارة المرتفعة لا تفسد المفعول الطبي للكبد؛ فهو يظل رغم ذلك فعَّالًا كعلاجٍ قويٍّ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى