المغرب والجزائر… هل من تنافس نحو توطيد العلاقات مع دول الساحل؟

في ظل فتور العلاقات القائم بين المغرب والجزائر منذ سنوات، بدت التحركات تجاه الدول الأفريقية تقارب “التنافس” لتحقيق أكبر قدرة من الحضور هناك.رغم وجود العلاقات بين البلدين (المغرب والجزائر) والعديد من الدول الأفريقية، لكن النظرة مؤخرا للعلاقات مع العديد من دول القارة ينظر لها وكأنها تخصم من رصيد العلاقة مع الطرف الآخر، كما في الحالة بشأن العلاقات مع دولة مالي، وفق الخبراء.,

وفي السياق، تبرز عدة تساؤلات حول علاقة كل من المغرب والجزائرمع بدولة مالي، والتي شهدت تقلبات وتطورات في الفترة الأخيرة تنظر لها كل دولة بنظرة مغايرة، وفق الخبراء.وفي نهاية العام 2023، شهدت العلاقات بين الجزائر ومالي هزة غير مسبوقة، بعد استقبال رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ممثلين عن حركات الطوارق المعارضين للسلطات في باماكو.

في المقابل، احتضنت مراكش مؤخرا مؤتمرا أفريقيا على مستوى وزراء الخارجية، شاركت فيه دول من منطقة الساحل، وأعلنت خلاله بوركينا فاسو ومالي والنيجر وتشاد عن “عزمها الانضمام إلى مبادرة أطلقها العاهل المغربي محمد السادس، وهي “الولوج للأطلسي”، والتي تهدف لتطوير التجارة والتواصل بين البلدان الأفريقية من خلال المبادرة المغربية والخطوات التي سيتم ترتيبها لاحقا”.مؤخرا نفت الجزائر ما وصفته بـ”ادعاءات لا أساس لها من الصحة”، بأن الجزائر قدمت مبادرة بشأن مالي خلال قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في كمبالا عاصمة

وأوضح بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، أن هذه “الادعاءات نقلها موقع مزعوم على الإنترنت لتحالف دول الساحل، يدعي فيها أن الجزائر قامت بإدراج أحكام في الوثيقة الختامية للقمة تتعلق باتفاق السلام والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر”.يقول الدكتور الشرقاوي الروداني، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إن العلاقات المغربية المالية لها مسار وسياقات مختلفة عن التحولات التي تشهدها العلاقات المالية-الجزائرية بالرغم من أن البلدان الثلاث لهما قاسم مشترك بدأ يتأسس إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وهو النضال المشترك من أجل إخراج المستعمر في عهد كل من الملك محمد الخامس، الرئيس المالي موديبو كايتا ورئيس الحكومة المؤقتة آنذاك الجزائري فرحات عباس.وأضاف في حديثه، أن مسار العلاقات المغربية المالية يتطور بعد مؤتمر الدار البيضاء، الذي جمع مجموعة من القادة الأفارقة، خاصة وأنه كان هناك استقرار سياسي بين البلدين، وهو ما جعل الرباط وباماكو يؤسّسان لثقة متبادلة خلقت توافقات حول عدة ملفات استراتيجية.

يوضح الروداني، أن مالي تمثل أهمية استراتيجية بالنسبة للمغرب بحكم محددات جيوسياسية مشتركة، بالإضافة العمق والتطور الاستراتيجي للرباط في المنطقة، الذي يمر عبر شراكات استراتيجية مع باماكو، إلى جانب أن هناك موروث تاريخي مشترك بين البلدين، يتم عليه البناء والتوافق السياسي حول ملفات كثيرة بين البلدين على مستوى القارة الأفريقية.إلى جانب ذلك علاقات دبلوماسية، اقتصادية وتجارية تجمع البلدين في إطار منظومة مشتركة بنيت على أساس منطق رابح-رابح وهو ما جعل مالي من أول الدول الأفريقية المشجعة للمشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا والذي سيمر على مجموعة من دول غرب أفريقيا.ولفت إلى أن الاجتماع الأخير لدول عدم الانحياز في كمبالا يظهر استمرار الموقف الجزائري تجاه المغرب، حيث يتضح أن التوجهات الاستراتيجية للمغرب في القارة الأفريقية تزعج الجزائر.ويرى أن هذا الموقف يهدف لإضعاف المغرب أفريقيّا، والذي يمر عبر خلق التوتر في دول المنطقة مع الرباط خاصةً مع موريتانيا ومالي.فيما قال الباحث الاستراتيجي الجزائري نبيل كحلوش، إن مسار العلاقات بين الجزائر ومالي مرتبط بمتغيرات اجتماعية، كالطوارق الصحراويين، ومتغيرات جغرافية، بأكثر من 1000 كلم من الحدود، ومتغيرات اقتصادية، مثل مناطق التجارة الحرة، ومتغيرات أمنية بحكم أن مالي حلقة من حلقات العمق الاستراتيجي للدولة الجزائرية.

واستطرد: “يمكن لأي طرف أن يتحرك لمصالحه الخاصة، وهذا أمر وارد جدا في جيوبوليتيك العلاقات الدولية، ولكن يبقى الأمر أيضا مرتبطا بشكل وثيق بالحوار الجزائري-المالي الذي سيقف على نقاط مشتركة كثيرة تسهم في دفع العلاقة بين الجارين الشقيقين إلى مدى إقليمي بعيد”.وفي وقت سابق، كشفت مديرية التجارة في محافظة أدرار الجزائرية عن أنه تم تصدير بضائع محلية نحو السوق الأفريقية -وفي مقدمتها مالي- بقيمة 170 مليون دينار جزائري، في إطار تجارة المقايضة الحدودية، مقابل ورادات بـ100 مليون دينار خلال 2020 (الدولار يعادل 140.57 دينارا).في المقابل، وفق البيانات المتوفرة على موقع وزارة التجارة والصناعة المغربية، بلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين خلال سنة 2016 ما قيمته 850,5 مليون درهم ( الدولار يساوي نحو 10 دراهم)، مما يجعل جمهورية مالي تتبوأ المرتبة 19 ضمن قائمة موردي المملكة في أفريقيا (39,3 مليون درهم) والمرتبة 10 في لائحة زبائنه (811,2 مليون درهم).

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى