السياسة

تحسن العلاقات بين مصر وحماس يربك السياسات الفلسطينية

تشير سلسلة اجتماعات بين حماس ومسؤولين كبار في القاهرة في الأسابيع القليلة الماضية إلى تحسن العلاقات بين مصر والحركة الإسلامية الفلسطينية مع ما لذلك من تداعيات على غزة والسياسات الفلسطينية والمنطقة.

وانضمت مصر معظم فترات العقد الماضي إلى إسرائيل في فرض حصار بري وبحري وجوي على قطاع غزة لمعاقبة حماس وجناحها المسلح الذي استولى على القطاع في 2007 وما زال يسيطر عليه منذ ذلك الحين.

وتدهور الموقف خلال الشهر المنصرم بعد أن قطعت إسرائيل، بناء على طلب السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية، الكهرباء عن غزة ليبقى القطاع بلا كهرباء باستثناء نحو أربع ساعات تقريبا كل يوم.

وتأتي العقوبات في إطار جهود تبذلها السلطة الفلسطينية بقيادة حركة فتح منذ سنوات لإرغام حماس على التخلي عن السلطة في غزة والانضمام إلى حكومة موحدة.

وأثر انقطاع الكهرباء على المستشفيات ومحطات معالجة المياه مما سبب ضغطا على سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة وسط موجة شديدة الحرارة.

وإحساسا بالحاجة إلى التحرك والقلق من فقدان التأييد الشعبي سعت حماس لإصلاح العلاقات مع مصر التي تسيطر على أحد معابرها الحدودية ويعتريها قلق كبير تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي من الصلة بين حماس وجماعة الإخوان المسلمين التي أزاحها السيسي من السلطة بعد احتجاجات شعبية.

وخلال الشهر الماضي اجتمع رئيس المكتب السياسي الجديد لحماس في غزة يحيى السنوار ،الذي كان ذات يوم عضوا بالجناح المسلح للحركة، مع مسؤولين مصريين بينهم مدير المخابرات.

ويعتقد أن المسؤول الكبير السابق بحركة فتح محمد دحلان (55 عاما) هو الذي قام بتسهيل اجتماعات القاهرة. ودحلان أصلا من قطاع غزة ويعد الآن خصما قويا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس زعيم حركة فتح.

* تحد محتمل لعباس

وصعد نجم دحلان الذي يقضي معظم وقته في الإمارات والمقرب لمصر كصانع قرار سياسي في المنطقة عاقدا العزم على إنهاء الخلافات بين حماس والقاهرة واحتمال منافسة عباس على الزعامة.

وفي هذا الصدد يقول محللون إقليميون إن توثيق عرى العلاقات بين حماس والقاهرة يمثل تهديدا خطيرا لعباس ليس فقط لأنها تساعد في تعزيز مصداقية حماس في المنطقة بل لأنها تقوي أيضا موقف دحلان وتقوض قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم نفسها بوصفها الهيئة السياسية المهيمنة للفلسطينيين.

وتنظر إسرائيل بحذر للمناقشات بين مصر وحماس. وكانت إسرائيل وقعت معاهدة سلام مع مصر في 1979 وتنسق معها عن كثب في الشؤون المتعلقة بالأمن. ومثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فإنها تعتبر حماس جماعة إرهابية وترغب في احتواء نفوذها.

وبعد جولة الاجتماعات الأخيرة في القاهرة قامت حماس بتطهير الأراضي على جانبها من الحدود وأقامت منطقة عازلة تضم أبراج مراقبة وكاميرات وسياجا من الأسلاك الشائكة استرضاء لمصر التي تولي قضية الأمن اهتماما كبيرا.

وقال توفيق أبو نعيم رئيس أجهزة الأمن الفلسطيني التابعة لسلطة حماس في غزة للصحفيين “هذه الإجراءات هي رسالة طمأنة للجانب المصري بأن الأمن القومي المصري هو أمن قومي فلسطيني”.

وعاد مسؤولو حماس بعد ذلك إلى القاهرة لعقد المزيد من المحادثات.

وتقول مصادر إن حماس تريد من مصر فتح معبر رفح لمدة أطول وزيادة إمدادات وواردات الطاقة.

وترغب مصر في الحصول على معلومات عن “العناصر الراديكالية” التي تدخل غزة وتغادرها وكذلك المساعدة في تعقب المتشددين المرتبطين بتنظيم الدولة الإسلامية والذين يهاجمون القوات المصرية في شمال سيناء.

ولم يرد المسؤولون المصريون على الفور على طلبات للتعليق بشأن المناقشات. ورفض مسؤول بوزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق.

* دور دحلان

وفي دلالة على أن المحادثات تثير قلق الساسة الفلسطينيين سيزور عباس (82 عاما) مصر ويلتقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال أيام.

وألقى اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة واحدا من أول خطاباته العامة منذ انتخابه في مايو أيار وتحدث فيه عن الكثير من القضايا.

وقال هنية إن مصر تساعد في تحسين الأوضاع المعيشية لسكان غزة وإن المحادثات أدت بالفعل إلى تخفيف بعض أعباء الحصار.

وقال هنية “وجدنا من الإخوة المسؤولين كل الاستعداد للعمل من أجل معالجة أزمات غزة وصدرت الأوامر والتعليمات من الجهات الرسمية في مصر لتنفيذ حزمة من الإجراءات والسياسات وبدأ ذلك بدخول الوقود المصري الى محطة توليد الكهرباء”.

ووجه هنية الشكر في خطابه لقطر والسعودية على دعمهم المالي.

وقال أكرم عطا الله المحلل السياسي المستقل في غزة “ممكن القول إن علاقة حماس بمصر قد شهدت نقلة كبيرة”.

وأضاف “لأول مرة ممكن القول أن هناك عملا مشتركا بين الجانين ولأول مرة هناك تعاون بين الجانبين بهذا الشكل لربما منذ انطلاقة حركة حماس قبل 30 عاما”.

ويصف عطا الله وساطة دحلان بالحاسمة.

وفي حين تنامى شعور عباس بالإحباط تجاه حماس وسعيه لزيادة الضغط على الحركة فقد عززت الحركة دور دحلان كوسيط.

كان عباس طرد دحلان من حركة فتح في عام 2012 . ومنذ ذلك الحين يعيش دحلان في منفى اختياري. ولا يرغب عباس في عودة دحلان إلى غزة كبطل بموافقة مصرية.

وقال عطا الله “دحلان استثمر هذه اللحظة حتى يقدم نفسه كطرف أكثر فاعلية على الساحة الفلسطينية وفي صورة المنقذ لحماس”. مشيرا إلى المكاسب التي حققها الجانبان: دحلان فيما يتعلق بالنفوذ وحماس كشريك سياسي.

ويراقب المحللون الإقليميون عن كثب ما الذي سيعنيه توثيق الروابط مع مصر بالنسبة لعلاقات حماس مع قطر التي أنفقت في السنوات الأخيرة أكثر من 500 مليون دولار من أجل تحسين البنية التحتية وبناء مراكز طبية في غزة.

وتقود مصر والسعودية حاليا حملة عربية ضد قطر بسبب علاقاتها مع إيران متهمين إياها بالتحريض على الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة. ويقول المحللون إنه إذا أقامت مصر علاقات أفضل مع حماس فربما تصر أيضا على أن تنهي حماس صداقتها مع قطر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى