العلاقة بين الأزهر والنظام المصري.. الثابت والمتغير .. خصوم الشيخ الطيب يحاولون دفعه إلى الاستقالة من خلال تسليط الضوء على مواقف للمؤسسة الدينة تناقض التوجه الرسمي للدولة المصرية
الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية :
“ الهجوم على شيخ الأزهر يأتي لتشويه القيادات التي شاركت في إسقاط نظام حكم جماعة الإخوان كافة..”
الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو البرلمان المصري :
الهجوم على الأزهر وإلقاء اللوم عليه بشكل كامل “هو مجرد شماعة يتخذها البعض لتبرير الفشل أو لتصفية حسابات سياسية”
في ظل الانتقادات المتكررة لشيخ الأزهر، الإمام أحمد الطيب، من طرف شخصيات محسوبة على الرئيس عبد الفتاح السيسي يطرح السؤال عن المتغير الجديد الذي طرأ على العلاقة بين المؤسسة الدينية الأعرق في البلاد والنظام.
مياه كثيرة يبدو أنها جرت أو سكبت تحت جسور العلاقة بين الأزهر والنظام المصري، جعلت مراقبين يتساءلون عن حقيقة الأزمة بين الطرفين: هل هي معركة مفتعلة أم حقيقية يترتب عليها تغييرات في أدوار المؤسسات؟، وهل الاختلاف الراهن غير قابل للاحتواء، وما الذي جعل الأزهر يظهر بهذا الشكل من التحدي؟ ولماذا يضيق صدر الحكومة إلى هذه الدرجة بالأزهر؟
الإجابة على هذا التساؤلات لا تبدو سهلة في ظل عدم وجود تصريحات رسمية من طرف أي جهة تثبت حقيقة الوضع، ومع ذلك فإن الهجوم المستمر من طرف إعلاميين مصريين، وحساسية الأزهر تجاه “تجديد الخطاب الديني” توحي بأن العلاقة بين الطرفين ليست على ما يرام.
ويقول متابعون للشأن المصري إن تغاضي النظام عن الهجوم المستمر على شيخ الأزهر “يوحي بأن العلاقة بين الطرفين وصلت إلى نقاط خلافية، لم يتم احتواؤها بعد”.
ويطرح في مصر من وقت لآخر موضوع تحديث المناهج في الأزهر، إضافة إلى تجديد الخطاب الدني، وتتخذ المؤسسة الدينية موقفً ا متحفظًا من هذين الموضوعين، الأمر الذي يقول مراقبون إنه “يفسر برود علاقتها بالحكومة”.
وفي ظل هذا الوضع، وبعد التفجير الذي استهدف كنيستي طنطا والإسكندرية، اعتبر إعلاميون مثل أحمد موسى أن إعلان الرئيس تشكيل مجلس لمواجهة الإرهاب والتطرف بمثابة “وفاة للأزهر” ودليلا على “فشله في التصدي للإرهاب” إلى جانب هجوم مماثل من الإعلامي عمرو أديب على الشيخ الجليل.
وهناك ملفات رئيسة معلنة شكلت البوابة التي تأتي منها معظم الانتقادات الموجهة لمؤسسة الأزهر وشيخه الإمام أحمد الطيب، أبرزها “الطلاق الشفهي وعدم تكفير تنظيم “داعش”..”.
الطلاق الشفهي
وانتقد إعلاميون مصريون بشدة الأزهر، في وقت سابق، بعد بيان هيئة كبار العلماء الذي رفض “عدم احتساب وقوع الطلاق إلا بتوثيقه رسميًا” الأمر الذي جاء مخالفًا لتوجيهات الرئيس السيسي في هذا الصدد، خلال الاحتفال بثورة 25 يناير منذ أشهر واعتبره البعض تحديًا من الأزهر للرئيس.
وبموازاة الهجمات الإعلامية تقدم النائب البرلماني محمد أبو حامد بمشروع قانون لتغيير طريقة تعيين شيخ الأزهر من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، وهو منصب غير قابل للعزل وفقًا لنص الدستور المصري.
في هذا الصدد قال الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية “إن الهجوم على شيخ الأزهر يأتي لتشويه القيادات التي شاركت في إسقاط نظام حكم جماعة الإخوان كافة..”. .
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريحاته لـ”إرم نيوز” أن قضية تجديد الخطاب الديني “ليست مهمة قاصرة على الأزهر وإنما على مؤسسات الدولة التعليمية والثقافية وأجهزة الإعلام كافة “.
وتابع: “الأزهر عليه دور كبير وقد يحتاج الكثير من الجهد لكن هذا ليس معناه النيل من الأزهر الشريف خاصة الشيخ أحمد الطيب رمز الوسطية والاعتدال”.
وذكر دراج أنه “بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع النظام الحاكم في مصر إلا أن الأزهر يبقى منارة للعلم ورمزًا للوسطية والاعتدال والهجوم عليه أو النيل منه لتحقيق مكاسب سياسية سواء للمعارضة أو غيرهم أمر غير مقبول”.
استغلال تفجير الكنيسة
من جانبه قال الدكتور خالد رفعت رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية “إن حادثي تفجير الكنيستين تم استغلالهما للهجوم على الأزهر والشيخ الطيب لمجرد توجيه بعض الملاحظات أو الانتقادات للخطاب الديني الذي يعد مسؤولية الدولة بمؤسساتها وليس الأزهر فقط”.
وأضاف رفعت أنا “لا أدافع عن شيخ الأزهر طول الوقت ولدي ملاحظات عليه وأرى أن الأزهر عليه حمل أكبر، لكن أرفض استغلال الموقف في تصفية حسابات سياسية سواء من داخل أروقة النظام أو خارجه”.
تصفية حسابات
وأوضحت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو البرلمان المصري أن الهجوم على الأزهر وإلقاء اللوم عليه بشكل كامل “هو مجرد شماعة يتخذها البعض لتبرير الفشل أو لتصفية حسابات سياسية”.
وذكرت نصير بأن قضية تجديد الخطاب الديني “تحتاج تكاتف المؤسسات ودور الأسرة في التربية وهو الدور الأكبر في القضية” واصفة مهاجمي شيخ الأزهر بأنهم “باحثون عن الشهرة والشو الإعلامي- بحسب قولها-“.
وأضافت نصير “شيخ الأزهر يترفع عن الرد على مثل هذه الأمور والتمادي فيها أمر غير مقبول”.
رفض تكفير “داعش”
ويرى مراقبون أن خصوم الشيخ الطيب يحاولون دفعه إلى الاستقالة من خلال تسليط الضوء على مواقف للمؤسسة الدينة تناقض التوجه الرسمي للدولة المصرية.
ورفض الشيخ أحمد الطيب في وقت سابق تكفير تنظيم “داعش”، كونهم “يقيمون الآذان في حين أن التنظيم يتبنى بعض العمليات الإرهابية في مصر بين الحين والآخر”.
وتنص المادة 7 من الدستور المصري على أن “الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة يختص دون غيره بالقيام على شؤونه كافة وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء”.