القوات السورية تحاصر حلب والمعارضة تخرج الدولة الإسلامية من منطقة حدودية
فرضت القوات الحكومية السورية وحلفاؤها مرة أخرى حصارا على شرق حلب الذي تسيطر عليه المعارضة بينما أجبر مقاتلون مدعومون من تركيا داعش على الانسحاب من جميع المناطق على حدودها وهما تطوران مهمان وإن كانا منفصلين في الصراع متعدد الأطراف.
وعقد القتال جهود الولايات المتحدة وروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا التي دخلت الحرب الأهلية فيها عامها السادس.
ومن المقرر أن تستمر المحادثات بين خصمي الحرب الباردة بشأن وقف إطلاق النار حتى يوم الاثنين لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال للصحفيين في قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية “لم نتوصل (لاتفاق) بعد”.
ويريد الرئيس بشار الأسد استعادة حلب المقسمة بالكامل وكانت كبرى المدن السورية قبل الحرب. واعتمدت المكاسب التي حققتها دمشق بشدة على الدعم الجوي الروسي منذ سبتمبر أيلول من العام الماضي.
وقال مقاتلون معارضون والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف الجوي والمدفعي الكثيف ساعد القوات الحكومية وحلفاءها يوم الأحد على إخراج مقاتلي المعارضة من مجمع الراموسة العسكري في حلب.
كان مقاتلو المعارضة قد سيطروا على المجمع في أوائل أغسطس آب ليكسروا حصارا حكوميا لشرق حلب. وقال زكريا ملاحفجي من مجموعة “فاستقم” المعارضة إن التقدم الذي أحرزته القوات الحكومية يوم الاحد أدى إلى حصار المنطقة من جديد.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر عسكري سوري إنه تم فرض حصار جديد.
وحول الدعم الروسي دفة الحرب لصالح الأسد في الكثير من المناطق وإن كان مقاتلو المعارضة حققوا مكاسب بعضها في محافظة حماة إلى الجنوب.
وقال محمد رشيد المتحدث باسم جماعة جيش النصر المعارضة إن المقاتلين شنوا حملة يوم الأحد لمحاولة استعادة بلدة معان إلى الشمال من مدينة حماة عاصمة المحافظة. وقال المرصد ومقاتلون معارضون إن التقدم الذي أحرزه المقاتلون في الأيام القليلة الماضية وضعهم على مسافة عشرة كيلومترات من حماة الخاضعة لسيطرة الحكومة.
*الحملة التركية تجبر الدولة الإسلامية على الانسحاب
وقال مقاتلون معارضون وأنقرة والمرصد السوري لحقوق الإنسان إنه في معركة منفصلة إلى الشرق نجح المقاتلون بدعم من تركيا وهم من فصائل مقرها حلب في إخراج متشددي الدولة الإسلامية من جميع المناطق التي كانوا يسيطرون عليها على الحدود السورية التركية.
وقبل عشرة أيام بدأت تركيا أول توغل شامل في الأراضي السورية منذ بدء الصراع في 2011 ويستهدف الدولة الإسلامية والقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة بالمنطقة والتي تحارب المتشددين.
وحرمت الحملة المدعومة من تركيا التنظيم المتشدد من الطريق الرئيسي الوحيد الذي يستخدمه للوصول إلى مناطق أخرى والذي نقل عبره المقاتلين والأسلحة. وتمثل هذه ضربة جديدة للدولة الإسلامية التي تقع تحت ضغط في معاقلها بسوريا والعراق.
لكن العملية التركية تولي نفس القدر من الاهتمام للقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة التي أطلقت النار عليها الأسبوع الماضي وتصر على انسحابها إلى شرق نهر الفرات.
وتخشى أنقرة أن تؤدي المكاسب التي أحرزتها وحدات حماية الشعب الكردية -وكانت أحد أفضل شركاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية- لإكساب المسلحين الأكراد جرأة على أراضيها.
وبدعم من دبابات وطائرات حربية تركية يبدو أن المعارضين أمنوا أراضي بطول 90 كيلومترا لطالما كانت تركيا تود السيطرة عليها لإبعاد الجماعات المتشددة ولوقف تقدم المقاتلين الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة.
*”خلافات عميقة”
يظهر التقدم الذي أحرز يوم الأحد مدى تعقد الصراع السوري الذي تدخلت فيه معظم القوى العالمية والإقليمية. وتداعت الجهود لإنهاء القتال مرة بعد مرة.
وفي وقت سابق من العام الحالي انهار اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا في فبراير شباط. وقبل التطورات الميدانية التي حدثت يوم الأحد قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن البلدين يواجهان صعوبات للتوصل لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين دمشق ومقاتلي المعارضة.
وقال أوباما للصحفيين بعد الاجتماع مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية “لم نتوصل (لاتفاق) بعد”.
وأضاف “لدينا خلافات كبيرة مع الروس فيما يتعلق بالطرفين اللذين ندعمهما وأيضا بشأن العملية اللازمة لإحلال السلام في سوريا.”
وبدا أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف على وشك إعلان اتفاق يوقف القتال ويسمح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية في المدينة السورية.
لكن كيري خرج منفردا ليقول إن هناك بعض الأمور التي مازال يتعين حلها وان الطرفين سيستأنفان المحادثات يوم الاثنين. ولم يذكر مزيدا من التفاصيل.
ويجتمع مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا اللتين تدعمان أطرافا مختلفة في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ أن سافر كيري إلى موسكو في يوليو تموز وهو يحمل معه اقتراحا من شأنه وقف القتال.
وسيضمن الاتفاق انسحاب القوات الحكومية من بعض المناطق منها المنطقة المحيطة بحلب للسماح لقوافل المساعدات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين المحاصرين وسط القتال.
وسيراقب وقف إطلاق النار عن طريق تبادل الروس والأمريكيين لمعلومات المخابرات وتعاونهم عسكريا الذي سيتركز على ملاحقة تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات متشددة أخرى مثل القاعدة.
ويتطلب الاتفاق أن تقنع روسيا الأسد بالموافقة على وقف عمليات سلاح الجو السوري وهي خطوة قال لافروف إنها ليست الهدف.
وقال مايكل راتني مبعوث واشنطن لسوريا في خطاب اطلعت رويترز على نسخة منه إن الاتفاق قد يعلن قريبا وأوضح بعضا من شروطه.
وتقول رسالة راتني إلى المعارضة السورية المسلحة المؤرخة يوم الثالث من سبتمبر أيلول إن الاتفاق سيلزم روسيا بمنع الطائرات الحكومية السورية من قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة التيار الرئيسي للمعارضة وسيطالب بانسحاب القوات الحكومية السورية من طريق إمداد رئيسي شمالي حلب مع التركيز على توصيل المساعدات الإنسانية لسكان المدينة بلا عوائق من الأطراف المتحاربة.
وأضافت الرسالة دون ذكر تفاصيل أنه في المقابل ستنسق الولايات المتحدة مع روسيا الجهود ضد تنظيم القاعدة.
وسيتطلب الاتفاق كذلك أن تتجنب الحكومة السورية وروسيا قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بما فيها المناطق التي تنشط بها جماعات معارضة معتدلة بالقرب من جبهة فتح الشام التي كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة وكانت تربطها صلات بتنظيم القاعدة.
وقال كيري إنه لا يريد الإسراع بالدخول في أي اتفاق حتى لا يشهد فشله مرة أخرى. وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية طلب عدم الكشف عن هويته إن روسيا تراجعت عن بعض المسائل التي اتفق عليها الجانبان بالفعل لذلك يتعين على الطرفين مواصلة المحادثات.