عساكر : جماعات الإسلام السياسى مثل الأوبئة لا تعيش الا في الهواء الملوث الحل الأمني الحاسم مطلوب لملاحقة المتورطين في الإرهاب القرضاوي أحد المتاجرين بالدين وسوف يخسر كثيرا مواجهة التطرف ونشر الوسطية فرض عين على الأزهر
كتب/ علي مقلد
في العام 1996 وجه المفكر الاسلامي عبدالفتاح عساكر نداء الى الشعب المصري في مقدمة كتابه «الحقائق بالوثائق عن جماعة الاخوان» جاء فيه: «اذا تمكن «الاخوان المسلمون» من الوصول لحكم مصر فسوف تكون النهاية للجماعة وقبلها سيكون الدمار والخراب في كل مكان»… بعد نحو 16 عاما وصل «الاخوان المسلمون» للحكم لمدة سنة واحدة كانت كفيلة بتحقق نبؤة عساكر بانكشاف الجماعة اذا عملت في العلانية كما تحقق توقعه بأن الجماعة لن تغادر الحكم الا بالدماء والخراب وقد حدث ما حذر منه الرجل منذ سنوات، «الجنوبى» التقى عساكر وحاوره حول مستقبل الجماعة وخطرها وكيفية مواجهتها؟
في البداية أدان المفكر الاسلامي عبدالفتاح عساكر بشدة أحداث العنف والارهاب والتخريب التي شهدتها مصر عقب فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وقال ان هناك قوى تريد العودة بمصر الى عصور الظلامية، مؤكدا ان الاسلام بريء من الشعارات التي يتاجر بها «الاخوان» وحلفاؤهم في الداخل والخارج، وشدد على انه لا يصح ان يكون المسلم بهذه الغلظة وهذا التطرف والارهاب مع الآخرين أيا كانوا وحذر عساكر من خطورة الخطابات الطائفية لهذه الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا لخدمة مصالحها وبث الكراهية في المجتمعات في ما يلي نص الحوار»
بداية هل الحل الأمني كفيل بالقضاء على الارهاب في مصر؟
الحل الأمني الحاسم والحازم مطلوب جدا لملاحقة المتورطين في القتل والتحريض على القتل والتخريب واشاعة الفوضى في المجتمع، وتقديمهم للعدالة لتقول كلمتها فيما هو منسوب اليهم من جرائم، مؤكدة عليهم وثابتة بالصوت والصورة، فهؤلاء وصلوا في صراعهم مع الدولة الى مرحلة اللاعودة، لذلك لن تنفعهم نصيحة ولن يغني عنهم تراجعهم أو اعتذراهم فهؤلاء تحولوا من القول العنيف الى الاجرام لذلك وجب محاسبتهم أولا كمجرمين ثم بعد قضاء عقوبتهم التي يحكم بها القضاء ووفقا للقانون وليس باجراءات استثنائية، ساعتها يكون لكل حادث حديث… وسبق للشعب المصري ان صفح عن الجماعة الاسلامية بعدما نبذت العنف لكن للأسف عادوا مرة أخرى وتورط بعض من قيادات الجماعة في التحريض على العنف… خلاصة القول: ان المتورطين في الارهاب لا يمكن ان يفلتوا بجرائمهم وعلى السلطات الأمنية تقديمهم للمحاكمة.
وماذا عن قواعد وكوادر «الاخوان» والجماعات الاسلامية الذين لم يتورطوا في العنف؟
هؤلاء جزء من الشعب المصري وعليهم ان يعودوا لرشدهم ويعلموا ان قياداتهم هي من أوردتهم التهلكة وأن هذه القيادات التي كانت تملأ الدنيا ضجيجا على منصة رابعة والنهضة مجرد «فئران مذعورة» قفزت من السفينة وتركتهم يواجهون اخوانهم في الشرطة والجيش فسال الدم من الطرفين وهو دم مصري، في حين ان القيادات هربت ومن وقع منهم في قبضة الأمن ظهر متخاذلا منكسرا متبرأ من كل ما قال مثل صفوت حجازي الذي قبض عليه متنكرا قبل الهروب الى ليبيا، قد شاهد العالم كله أكاذيبه التي رددها في التحقيقات وأكاذيبه التي رددها على المنصة، بل ان بعضهم وعلى رأسهم المرشد تنصل من المسؤولية وألقى بها على محمد البلتاجي ذلك الهارب المطلوب للعدالة… كل هذا يوجب على شباب «الاخوان» ان يعودوا لرشدهم وينبذوا العنف والارهاب حتى يتقبلهم الشعب المصري، أما اذا استمروا في غيهم وتطرفهم وارهابهم فلا يلومون الا انفسهم لأن معركتهم اليوم لم تعد مع السلطة الحاكمة كما كان في الخمسينيات والستينيات بل معركتهم مع الشعب المصري كله… وهو لن يرحمهم ان تورطوا في اشاعة الفوضى والذعر مرة أخرى.
وكيف تواجه الدولة فلول الاخوان؟
البداية الرهان على الشعب فاذا امتلك الشعب الوعي الكافي سينقرض «الاخوان» وأشياعهم من الجماعات التكفيرية والارهابية لكن الشعب الواعي يلفظ مثل هذه الجماعات الضالة لأن هذه الجماعات مثل الأوبئة لا تعيش الا في الهواء الملوث، لذلك علينا تطهير المجتمع من أفكارهم الرثة، كما ان مؤسسات الدولة عليها عبء كبير لمواجهة التطرف والارهاب.. معركة التطرف ليست معركة سهلة أو بسيطة، هذا صراع بين الوطنية والظلامية بين من يريد البناء ومن يريد الهدم بين الذين يرون في الاسلام انه دين الحق والعدل والخير والرحمة ومن يريدون ان ينشرون العنف والارهاب والتطرف باسم الدين، لذلك هناك مؤسسات عليها المسؤولية في المواجهة أولها الاعلام بكافة أطيافه وألوانه مسموعا ومقروءا ومرئيا، واعلام التواصل الاجتماعي وغيرها من مستحدثات التواصل، فالاعلام قام بدور كبير في فضح أكاذيب هذه الجماعات وعليه ان يكمل مسيرته ويكشف للناس التاريخ الدموي لهؤلاء ويفضح مخططاتهم ضد الوطن حتى يعلم القاصي والداني ان هؤلاء مارقون عن الوطن ولا يريدون به خيرا… ثم الأزهر الشريف ومن داخله وزارة الأوقاف حيث يوجد لدي الوزارة 120 ألف خطيب وامام فضلا عن دعاة وخريجي الأزهر وهؤلاء لايخلو منهم بيت مسلم في مصر، وهم مطالبون بشرح صحيح الدين وتوضيح خطورة التطرف وكشف أكاذيب هذه الجماعات وما ترتكبه من أخطاء شرعية، كما هو مطلوب من الأزهر ان ينشر الوسطية والاعتدال بين الناس… لأن هذه الجماعات استغلت غياب الأزهر في الترويج لأفكارها المتطرفة وبنت قواعد لها في الأرياف والصعيد والمجتمعات العشوائية… لذلك فالأزهر في رجاله وعلمائه عليهم مسؤولية دينية ووطنية في محاربة الارهاب وهو أهل لذلك، فتلك المؤسسة العريقة حاربت البدع والارهاب ما يربو على ألف عام… ثم يأتي دور التربية والتعليم من الحضانة الى الجامعة، لابد من تنقية المناهج من كل دخيل على الاسلام من أفكار متطرفة والرقابة على سلوك المدرسين الذين ينشرون التطرف بين الأطفال والشباب الذين يقعون فريسة لمثل هذه الأفكار، كما ان هناك مدارس خاصة يشرف عليها قيادات في جماعات دينية متطرفة لابد ان يكون للدولة دور الرقيب في المناهج وطريقة التعليم حتى لا نجد انفسنا أمام مدارس لتفريخ الارهاب.
كيف ترى ما قام به «الاخوان» وحلفاؤهم من حرق للكنائس بعد فض الاعتصام؟
ما حدث للكنائس من حرق وتدمير جريمة دينية وسياسية واجتماعية كان هدفها احداث فتنة طائفية في مصر للتغطية على جرائمهم ولاستعداء الغرب للهجوم على مصر، لكن هيهات، لكن الشعب المصري عصي على الطائفية فقد عاش المسلمون والمسيحيون قرونا طويلة كعنصر وطني واحد وقد فشل الاحتلال في تفرقتهم كما فشل الارهاب والتطرف وسيفشل في ذلك، فالشعب المصري نسيج واحد وقد رأينا كيف نزل الشباب المسلم مدافعا عن الكنائس وكيف اصطف الشباب المسيحي لحماية المسلمين في الميادين الثائرة ضد حكم الرئيس المعزول هذه هي مصر لكن هذه الجماعات على عيونها غشاوة تمنعها من رؤية حقائق الأشياء هذه وسوف تظل العلاقة بيننا وبين أشقائنا المسيحيين قائمة على الود والمحبة والترابط رغم انف الذين يريدون ان يشعلوا الحرائق في الوطن ظنا منهم ان اشعال الحرائق قد يعيدهم الى السلطة مرة أخرى لكن هيهات لأن مصر ستظل آمنة مطمئنة وستظل وطنًا للجميع، يضاف الى ذلك أيضا رجل الشارع العادي لا يعرف الطائفية والمصريون كلهم شركاء في كل شيء في التجارة والصناعة والرياضة وفي كل المعطيات الحياتية وهؤلاء عُماد مصر وهم أبعد ما يكونون عن الطائفية ولا يتصور واحد منهم انه في يوم من الأيام يعادي جاره أو شريكه أو صديقه بسبب انهما مختلفان في العقيدة، هذا من الناحية الاجتماعية، أما من ناحية العقيدة فأنا كمسلم لا يصح اسلامي الا باعترافي الكامل بالمسيح عليه السلام وبموسى -عليه السلام- كما قال الله في كتابه الكريم. لذلك لو فكر بعض المتطرفين ان يهاجموا الكنائس مرة أخرى ستجد دروعا بشرية من المسلمين هي التي ستحمي الكنائس وتحمي المسيحيين ومن فضل الله على مصر ان أكرمها بقيادات في الحكومة والجيش مستنيرة ووطنية وسوف تقوم بواجبها على أحسن حال كما عهدناهم وسوف يتصدون لكل محاولات الفتنة الطائفية وقد أعجبني كلام المسؤولين بأن الفتنة الطائفية خط أحمر لا يمكن المساس به، ولذلك يجب على الدولة تغليظ العقوبات القانونية لردع كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذه الأمة، مثل عقوبات الاعدام والأشغال الشاقة المؤبدة.
هل فشل مرسي وجماعة «الاخوان» في الترويج لنموذج الدولة الدينية؟
لايوجد دولة دينية في الاسلام وكل الدول التي قامت على أساس هذا المسمي فان تاريخها معروف مثل ايران وتركيا، وأن أعظم ليبرالية في تاريخ البشرية هي ليبرالية الدين الاسلامي اذ جعل أخطر قضية في الكون وهي قضية الايمان والكفر حرية شخصية للانسان قال تعالي: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ اِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَاِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا» (سورة الكهف آية: 29). وقال «وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّي يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ» (سورة يونس آية: 99) وقال «اِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (سورة القصص آية: 56).
هل تخشى ان تعود هذه الجماعات تحت مسميات أخرى لفرض رؤيتها للدولة والهوية المصرية؟
مصر ستظل دولة مدنية وحضارية وسيظل المصري متدينًا بطبعه وهذه تركيبة الانسان المصري الذي علم الناس التحضر والتمدن منذ فجر التاريخ وبني على ضفاف النيل أول وأعظم الحضارات كل ذلك يجعلنا مطمئنين على مدنية الدولة.
يخشى البعض من عودة «الاخوان» للعمل السري، فهل تظن ان هناك تنظيم خاص على غرار تنظيم أحمد السكري داخل الجماعة؟
كل ما أعرفه ان الجماعة تعشق العمل في دهاليز التنظيمات السرية كما ان كل قيادات الجماعة أو مع معظمهم حاليا من التنظيم الخاص فهل تعافوا من ذلك أم ان بقايا أفكار التنظيم الخاص لاتزال عالقة بأفكارهم، لذلك فليس مستبعد ان تقوم الجماعة بعمليات ارهابية لتخريب مصر، ولكن كما انتصرت الارادة المصرية في العقود الماضية وخاصة في تسعينيات القرن الماضي على الارهاب سننتصر في هذه المرحلة… لا مفر لهذه الجماعات الا بالعودة الى حضن الوطن وصحيح الدين… وهنا اتساءل هل هؤلاء القوم من الغباء انهم يظنون على هزيمة الشعب المصري…. هؤلاء لن ينفعهم خائن داخلي أو متآمر خارجي ولن يهربنا اجرامهم ولا اجرام انصارهم.. مصر ستنتصر وسيأتي يوما أظنه قريبا سيندحر فيه الارهاب وسيعلم هؤلاء علم اليقين انهم خانوا وطنهم ودينهم.
كيف ترى الأصوات التي تطالب بالمصالحة مع «الاخوان»؟
لا يوجد عاقل يتحدث عن حوار أو مصالحة مع القتلة وحاملي السلاح، وهؤلاء الذين يتحدثون اما جهلاء بالحقيقة وهذا الصنف يجب توعيته وكشف الحقائق أمامه ليضبط اطروحاته، أما الذين يتحدثون وعيونهم للخارج فهؤلاء عملاء لا قيمة لهم ولا يستحقون معاناة الرد أو التوضيح وقد كشفهم الشعب وسوف يلفظهم الى الأبد، نحن في مواجهة حقيقية بين بناة الوطن ودعاة التخريب، وعلى كل انسان ان يختار موقعه، نحن في مرحلة الفرز والمواقف الرخوة لن تفيد أصحابها… هناك قواعد راسخة في الأديان والدساتير والقوانين الدولية والمحلية تؤكد ضرورة معاقبة الجاني حتى تستتب العدالة، أما الذين لم يجرموا في حق الوطن فهؤلاء جزء من الوطن ولا يحق لأحد ملاحقتهم، فمصر الجديدة، مصر الثورة، دولة قانون، من أجرم يعاقب، ولا يعاقب أحد بجريرة غيره، هذا هو البند الوحيد الذي يقبله الشعب المصري في المصالحة.
ظل «الاخوان» عقودا يتحدثون عن عدائهم لأميركا، والأن يطالبونها بمساعدتهم ضد مصر، كيف ترى ذلك؟
«الاخوان» طيلة عمرهم أصدقاء وعملاء للانكليز ثم للأميركان، وهذا ليس بجديد بل هو أمر موثق تاريخيا، والهجوم الأميركي الشرس ضد الارادة الشعبية المصرية يؤكد مدى العلاقة الوطيدة بين هذه الجماعة وادارة البيت الأبيض، لدرجة ان المتابع لموقف باراك اوباما من ثورة 30 يونيو يشعر انه عضو في التنظيم الاخواني، والا فكيف يهاجم شعبا بأكمله من أجل جماعة، ولذلك أؤكد لك ان علاقة «الاخوان» بالأميركان قديمة جدا وأنها بدأت عندما قام المؤسس حسن البنا بزيارة السكرتير الأول للسفارة الأميركية بالقاهرة في شقته بحي الزمالك، وهذا اعترف به أحد أقطاب «الاخوان»، وهو د. محمود عساف رئيس جهاز المخابرات في جماعة «الاخوان» في كتابه «مع الامام الشهيد حسن البنا» حيث كتب يقول: ان فليب ارلاند، السكرتير الأول للسفارة الأميركية، أرسل مبعوثاً من قبله للأستاذ الامام كي يُحدد له موعدا لمقابلته بدار «الاخوان» فوافق الأستاذ على المقابلة ولكنه فضل ان تكون في بيت ارلاند حيث ان المركز العام مراقب من مباحث القلم السياسي، وسيؤولون تلك المقابلة ويُفسرونها تفسيراً مغلوطاً ليس في صالح «الاخوان»، يقول عساف: اصطحبني الأستاذ معه، كما اصطحب الأخ محمد الحلوجي الذي كان مترجما فوريا ممتازا، وذهبنا الى دار أيرلاند في شقة عليا بعمارة بالزمالك.. وبعد التحيات دخل أرلاند في الموضوع فقال بلغة عربية سليمة لحسن البنا: ان موقفكم من الشيوعية معروف لنا ولقد عبرتم كثيرا عن ان الشيوعية الحاد يجب محاربته، واطلعت على مقال في جريدتكم اليومية يهاجم الشيوعية باعتبارها مذهبا هداما يحرض على الثورة المسلحة وتلك هي سبيل الشيوعية في كل مكان وطريقهم معروف وهو نشر الاباحية التي تستهوي الشباب ولقد قلتم في تصريحاتكم العلنية ان الحل لتلافي الفكر الشيوعي المنحرف هو الاصلاح الاقتصادي وتحديد الملكية الزراعية وزيادة الانتاج القومي والعودة الى تعاليم الاسلام وأن الأساليب البوليسية لن تجدي في محاربة الشيوعية، بل ستزيد الشيوعيين اصرارا وتجعل الناس يتعاطفون معهم باعتبارهم معتدى عليهم.. انتهى كلام أيرلاند، وعندها قال حسن البنا: ان الشيوعية التي بدأت تنتشر في بلادنا العربية تعتبر خطرا كبيرا على شعوب المنطقة شأنها في ذلك شأن الصهيونية، بل هي أخطر في المدى القريب ولدينا معلومات كثيرة عن التنظيمات الشيوعية في مصر.
فقال ايرلاند: لقد طلبت مقابلتكم حيث خطرت لي فكرة، وهي لماذا لا يتم بيننا وبينكم في محاربة هذا العدو المشترك وهو الشيوعية…. أنتم برجالكم ومعلوماتكم ونحن بمعلوماتنا وأموالنا، وحبذا لو فكرتم في انشاء مكتب لمحاربة الشيوعية بمصر، فحينئذ نستطيع ان نعيركم بعض رجالنا المتخصصين في هذا الأمر على ان يكون ذلك بعيدا عنا بصفة رسمية، ولكم ان تعاملوا هؤلاء الرجال بما ترونه ملائما دون تدخل من جانبنا غير التصريح لهم بالعمل معكم..
ثم تطورت العلاقة بين «الاخوان» وأميركا في عهد حسن الهضيبي المرشد الثاني للجماعة حيث قام بالاتصال بالسفارة الأميركية في مصر بعد قيام ثورة يوليو 1952 بعدة شهور وطلب من المسؤولين في السفارة الأميركية -في اجتماع دام ثلاث ساعات- تصفية بعض عناصر قيادة الثورة خاصة جمال عبدالناصر وانسحاب العسكريين من الحكم كما طالب الهضيبي عن طريق ممثله الشخصي لدى الخارجية الأميركية بتأييد «الاخوان» لمساعي التوصل لتسوية مع اسرائيل من خلال اتصالاتهم بزعماء اليهود في الخارج وفي اسرائيل، كما ان هناك تقارير بخط اليد لبعض «الاخوان» الذين هم على اتصال بالسفارة الأميركية في عصور مختلفة لدرجة ان أحد نواب المرشد الأول حسن البنا في الأربعينيات كان عميلاً للسفارة الأميركية، واستمر هذا التعاون المخزي بين الاخوان وأميركا منذ البنا وحتى يومنا هذا.
بما تنصح بعض الليبراليين واليساريين الذين يتحالفون مع «الاخوان»؟
بعض الليبراليين واليساريين يتعاون ويتحالف مع «الاخوان» من باب الانتهازية وهؤلاء لا داعي للحديث عنهم فهم ملفوظون من الجميع أما المخدوعون في «الاخوان» فأحذرهم وأنصحهم بأن لـ«الاخوان» سمة خطيرة.. انهم دائما ما يتحالفون مع القوى الأخرى.. وهم لا يترددون في الانقلاب على حلفائهم دائما في أول بادرة للمصلحة الشخصية.. حتى ولو كان حلفاؤهم من الاسلاميين وليس أدل على ذلك من انقلابهم على دول الخليج، لقد تحالف الاخوان مع أشد خصومهم في الأربعينيات من أجل بعض المكاسب السياسية.. مثل الوفد والشيوعيين. ولكنهم دائما كانوا يغدرون وينقضون تحالفاتهم عند أول بادرة من بوادر المصلحة الذاتية.. وكان غدرهم دائما عنيفا مصحوبا بتفجير للقنابل والاغتيالات السياسية لخصومهم.. وضرب مخالفيهم في الرأي.
لكن هم الآن يطالبون بعودة الشرعية الدستورية والرئيس المنتخب ولذلك ينخدع البعض في الداخل والخارج بكلامهم؟
هم لا يعرفون قانونا ولا دستورا، هم يعرفون فكرهم ودولتهم التي يسعون لتأسيسها على أطلال الدول العربية والاسلامية، وأين كان الدستور عندما أصدر مرسي اعلانه الدستوري الديكتاتوري الذي عطل مؤسسات الدولة بما فيها القضاء وجعل قراراته الفردية فوق القانون، وأين كان القانون وهم يعيثون فسادا في مؤسسات الدولة من تعيين الأهل والعشيرة في مفاصل الدولة دون النظر للكفاءة، ثم ان الشعب وحده هو مصدر السلطات، فالشعب أطاح بالرئيس الأسبق حسني مبارك وهلل «الاخوان» للارادة الشعبية ثم انتخبهم الشعب، ومشوا في الأرض فرحا وتيها، ثم انتفض الشعب فخلعهم عن الحكم، اذن لماذا يقفون هذه المرة في وجه الارادة الشعبية، لكن التاريخ يؤكد انهم متحفزون للسلطة وينتظرون الفرصة المتاحة لاعتلاء كراسي الحكم ثم يرفضون النزول عنها بأية طريقة، لذلك أحذر القوى الوطنية ان تنخدع بأساليبهم أوتسير في ركابهم.. فهم حين ينقلبون عليهم سيكونون في غاية الضراوة والعنف لتصفيتهم.. هذه نصيحة مخلصة من رجل يعلم ما بداخل الاخوان وطريقة تفكيرهم.. وقد اكتويت كثيرا بنارهم. ولقد دهشت حين قرأت ان بعض السياسيين أصبح ينادي بالمصالحة وعدم الاقصاء ولهؤلاء أقول: ان من يحكم «الاخوان» الآن هم رجالات التنظيم السري قادة النظام الخاص.. أبطال القتل والنسف والتدمير.. انهم كما يسمونهم.. صقور «الاخوان».. اذا جاز ان نعتبر ان في «الاخوان» صقوراً وحمائم. انهم القادة المخضرمون الذين تعاملوا.. وعايشوا جميع النظم.. وهم أساتذة في التخفي والاختفاء وفي التمويه.. والتضليل لذلك لا يخدعكم منهم القول اللين فهم منافقون.
هل «الاخوان» على علاقة بالماسونية؟
ذكر بعض الباحثين وبعض المنشقين عن الجماعة ان «الاخوان» على علاقة بالماسونية العالمية، ولكن كل هذا ليس بالمهم وان كان خطيرا فجرائم «الاخوان» لم تعد فكرية بل وقائع ملموسة وثابتة بالصوت والصورة فهم مجرمون سواء كانوا ماسونيين أو غير ذلك، هؤلاء قتلة مخربون يجب على الدولة تطبيق العدالة بحقهم، لكن على ذكر ارتباط «الاخوان» بالماسونية يحضرني كلام قاله محمود عساف مستشار النظام الخاص في كتابه «حسن البنا»: في يوم من أيام مايو 1944 دعيت انا والمرحوم د. عبدالعزيز كامل (نائب رئيس الوزراء ووزير الأوقاف وشؤون الأزهر) في أواخر عهد عبدالناصر لكي نؤدي بيعة النظام الخاص.. ذهبنا الى بيت في حارة الصليبة في منتصف المسافة بين السيدة زينب والقلعة ودخلنا غرفة معتمة يجلس فيها شخص غير واضح المعالم يبدو من صوته انه صوت صالح عشماوي أحد قيادات الرعيل الأول للجماعة وأمامه منضدة منخفضة الأرجل وهو جالس أمامها متربعا وعلى المنضدة مصحف ومسدس وطلب من كل منا ان يضع يده اليمنى على المصحف والمسدس ويؤدي البيعة بالطاعة للنظام الخاص والعمل على نصرة الدعوة الاسلامية.. كان هذا الموقف عجيبا يبعث على الرهبة وخرجنا سويا الى ضوء الطريق ويكاد كل منا يكتم غيظه قال عبدالعزيز: هذه تشبه الطقوس السرية التي تتسم بها الحركات السرية كالماسونية ولا أصل لها في الاسلام صدقت على كلامه ثم انصرف كل منا الى حال سبيله… هذه الشهادة لواحد من قيادات الجماعة تؤكد ان ثمة علاقة لـ«الاخوان» بالماسونية منذ تأسيسها.
• لماذا تدعم دول مثل تركيا وأميركا عودة مرسي للرئاسة؟
– هذه الدول عندما تؤيد فصيلا، يجب على الجميع أن يعلم أنه ضد الأمة، وبهذه المناسبة أنحني إجلالا واحتراما للأسرة الحاكمة وشعب الكويت والسعودية والإمارات وكل بلاد الأمة العربية، التي وقفت الى جانب مصر لدورهم في تقديم المساعدة وقطع الطريق على المغرضين.
• ما رأيك في هجوم يوسف القرضاوي على شيخ الأزهر احمد الطيب وتحريضه على قتل الجنود؟
– القرضاوي، أحد المتاجرين بالدين، وأثبتت الأحداث والأيام أن كل من يتاجر بالدين الله لا مبدأ له، والنبي (صلى الله عليه وسلم) قال: من لا يهتم بأمر المسلمين، فليس منهم، ومن لم يمس ويصبح ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه، ولعامة المسلمين فليس منهم.