تهديدات السيسي والخطر الذي يتهدد العرب
بقلم: عبدالله عيسى
التهديدات المتكررة التي أطلقها المشير عبدالفتاح السيسي ضد أي قوى خارجية قد تستهدف الأمن القومي العربي والتي أصبحت أكثر وضوحا عندما أعلن جاهزية الجيش المصري للتدخل العسكري الفوري في حال تعرض دولة عربية لأي خطر .
ووصف السيسي قرار التدخل العسكري المصري بالفوري وبمسافة السكة فقط أي لن يفصل التدخل العسكري المصري سوى مسافة الطريق للوصول إلى أي دولة عربية تتعرض لخطر يهددها .
والاعتقاد السائد أن الدول العربية التي يمكن أن تتعرض لتهديد خارجي هي السعودية والإمارات والبحرين وأما بقية دول مجلس التعاون فلا يوجد خطر يمكن أن يتهددها وهي قطر والكويت وسلطنة عمان نظرا لإقامتها علاقات مختلفة مع إيران كما أن الخطر الوحيد الذي يمكن أن يتهدد الدول الخليجية يتمثل بإيران .
واعتقد أن إيران لم تعد في المدى المنظور تشكل تهديدا لدول الخليج أما على المدى البعيد فيتوقف الأمر على طموحات إيران في منطقة الخليج العربي وهذه مسالة لا يمكن الجزم بها حاليا والنوايا غير واضحة .
في عهد الرئيس الإيراني الأسبق احمدي نجاد كان هنالك توجه إيراني عدائي ضد بعض دول الخليج لسببين الأول أن نجاد كان يحمل دول الخليج مسؤولية اتخاذ أمريكا أي قرار بضرب إيران من منطلق أن دول الخليج قادرة على كبح جماح القرار الأمريكي بضرب إيران وذلك بالضغط الخليجي على أمريكا .
والسبب الثاني انه في حال ضرب إيران فان رد الفعل العسكري الإيراني سيكون موجها لثلاث دول عربية هي السعودية والإمارات العربية والبحرين .. بل أن إيران وضعت خططا وأهدافا كثيرة لضربها بالصواريخ في دول الخليج .
الآن الوضع قد تغير بإطار التفاهمات الأمريكية الإيرانية مما ابعد شبح الضربة العسكرية الأمريكية لإيران ولكن لا يعرف احد كيف ستكون التطورات في هذا الملف المعقد خلال الفترة القادمة .
التجارب العربية في هذا الموضوع ما زالت ماثلة للأذهان في العراق وليبيا .. فالعراق وبعد أن سمح للمفتشين الدوليين بتدمير أسلحة الدمار الشامل وبعد أن تأكدت أمريكا من خلو العراق تماما من الأسلحة الكيماوية والصاروخية اتخذ القرار باحتلال العراق . وكان صدام قد سمح للمفتشين الدوليين بتدمير أسلحته بناء على وعود أمريكية برفع الحصار عنه بعد انجاز المهمة .
التجربة الليبية بعد سقوط بغداد وعندما سمح القذافي للمفتشين بتدمير أسلحة الدمار الشامل .. تدخل الناتو واسقط النظام بالقوة .
التجربة الثالثة في سوريا ولا احد يعرف كيف ستتطور الأمور في سوريا بعد تدمير أسلحة الدمار الشامل السورية وهل ستكف أمريكا يدها عن سوريا أم تعود وتتدخل عسكرية كما حصل في العراق وليبيا .
وفي الملف الإيراني غير معروف أيضا إلى أين ستصل الأمور والحسابات الأمريكية والإسرائيلية غير واضحة وان كانت المؤشرات كلها تتحدث عن عدم وجود توجه أمريكي للتدخل العسكري في سوريا وإيران .
وفي حال تواصل التوجه الأمريكي بعدم التدخل العسكري في إيران فان الخطر الذي يتهدد دول الخليج في المدى المنظور يصبح لاغيا .
وبالتالي لن يكون هنالك تدخل عسكري مصري لحماية دول الخليج العربي وفي هذه الحالة سينعكس استبعاد الخطر الإيراني على العلاقات الخليجية المصرية .
وفي حال اندلاع حرب أمريكية إيرانية فان انضمام الجيش المصري للجهد الحربي الخليجي سيغير موازين القوى لصالح دول الخليج .
تهديدات السيسي بالتدخل العسكرية المباشر لصالح دول عربية لم تأت من فراغ لأنه على اطلاع كبير بالموقف الدولي وتصريحاته لا تأتي من باب الدعاية الانتخابية فالانتخابات شان داخلي مصري ولكنه يرسم ملامح مرحلة قادمة وتوجهات مصرية فيما يتعلق بالوضع العربي .
ومن هنا فان تهديدات السيسي تثير القلق وفق معلومات يمتلكها ومجهولة لعامة الناس عن المرحلة القادمة التي قد تشهد حروبا وصراعات جديدة في المنطقة العربية والترحيب الخليجي بتصريحاته واضح جدا مما يزيد المخاوف من المجهول الذي ينتظر المنطقة العربية .