الأقتصاد

هل تتجه ليبيا إلى سيناريو النفط مقابل الغذاء؟

أثارت تصريحات المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، الكثير من الجدل، حول ورود سيناريو “النفط مقابل الغذاء” إذا ما استمر الوضع في ليبيا بهذا الشكل بعد استبعاده من منصبه بشكل غير قانوني كما وصف ذلك.

في السياق، قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي: “إن المحافظ السابق، الصديق الكبير، يحاول تهويل الموقف ليعطي انطباع للرأي العام بأن تغييره سوف يؤدي إلى ضياع احتياطيات مصرف ليبيا المركزي ونصل إلى مرحلة النفط مقابل الغذاء، ولكنه نسي وتناسى بأن هذه التصريحات تؤكد ضعف موقفه بأنه كان السبب في تضخم قيمة الدينار الليبي، وسبب في السياسات الخاطئة التي تتجه بالبلاد إلى الهاوية”.

غياب الثقة بين الأطراف

وأضاف العبدلي أنه “ناهيك عن غياب الشفافية والمصداقية، كان الكبير قليل الظهور في وسائل الإعلام المحلية، وإذا خرج يخرج في وسائل الإعلام الأجنبية، وعند سقوطه وإقالته من منصبه أصبح الآن يظهر بشكل مستمر ومتكرر في وضع المستجدي لكي يعود لمنصبه”.

وقال: “أما عن الشرعية التي تطرق لها الكبير في حديثه، فإن الصديق الكبير آخر شخص يمكن أن يتحدث عن احترام القوانين والتشريعات لأنه لم يحترم ولم ينفذ حكم المحكمه بإلغاء سعر الضريبة على النقد الأجنبي، وهذا الأمر سوف يتسبب بملاحقة السلطات القضائية له لمعرفة الأسباب التي أدت إلى عدم امتثاله وتنفيذه لحكم المحكمة بإلغاء الضريبة التي قام بفرضها”.

واعتبر المحلل السياسي أن عودة الكبير أمر صعب المنال لعدة أسباب، أبرزها رفض المجموعات المسلحة لوجوده في هذا المنصب، كما أنه لا يملك أي علاقات ودية مع المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية الموجودين في العاصمة حيث يوجد المصرف المركزي، كما لا يوجد لديه أي زخم شعبي بسبب الإجراءات التي قام بها ضد مصلحة المواطن.

وأوضح بأن البعثة الأممية “لديها حلان لا ثالث لهما، الحل الأول هو أن يكون هناك اسم يرضي الأطراف الثلاثة ولكن هذا الحل لن ينجح بسبب غياب الثقة بين مجلسي النواب والدولة لذلك طالت مسألة اختيار محافظ للمصرف المركزي وهذه النقطة تصب في مصلحة المجلس الرئاسي”.

وقال: “إن الحل الآخر هو إبقاء المحافظ المكلف حاليا بشكل مؤقت حتى يتم طرح حوار سياسي جديد من قبل البعثة يغير الأسماء الموجودة في الساحة بما فيها مصرف ليبيا المركزي، وتشكيل حكومة جديدة تقود البلاد إلى الانتخابات وتنهي حالة الجمود السياسي الموجودة منذ سنوات”.

وأكد أن مسألة هبوط سعر الدينار أمام الدينار أمر يقع ضمن مسؤولية المحافظ المكلف حاليا، الذي يجب أن يقوم بخلق حلول الحقيقية منها فتح منظومات الأغراض الشخصية وضم الدولار في السوق، لكي لا يكون حالة من نقص في الدولار للشعب، لأنه في حال نقص العملة سيكون هناك زخم على السوق الموازي ويؤدي ذلك إلى نقص في وجود الدولار وهذا النقص سوف يؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام الدينار مسببة هبوط كبير لقيمة الدينار، الأمر الذي سوف يسبب مشكلة للمحافظ الحالي ولباقي الأجسام الموجودة في الساحة، ويجب عليهم أن يتفادوا هبوط قيمة الدينار بإيجاد حلول سريعة ومباشرة.

وشدد على ضرورة أن يفي المحافظ المكلف بوعوده التي كان أبرزها إلغاء الضريبة في أسرع وقت وأن يقوم بالإصلاحات التي فرضت عليه حتى لا يفقد مصداقيته أمام الشعب الليبي.

خيار وارد

فيما يرى الأكاديمي والخبير الاقتصادي محمد درميش، بأنه من الممكن أن يتم اللجوء إلى هذه الخطوة “النفط مقابل الغذاء” إذا انسدت كل الحلول المتاحة، لافتًا بأن كل البنود المعروضة واضحة بخصوص تعيين لجنة مؤقتة تتكون من رئيس وعضوين ولكن لا يزال الخلاف قائم بين السلطة التشريعية البرلمان ومجلس الدولة كجهة اختصاص والمجلس الرئاسي كخصم في المشكلة القائمة في اختيار الأسماء.

وتابع درميش في تصريح خاص لـ “سبوتنيك”، ربما ننتظر هذه الأيام، مرجحًا بأنه غالبا ما تتوصل المباحثات برعاية بعثة الدعم للأمم المتحدة لحلول، بالرغم من تأثير هذه المشكلات على قيمة الدينار فهذا واقع مر له انعكاسات كبيرة.

وأكد بأن هذه الخلافات والتجاذبات أدت إلى تدني قيمة الدينار الليبي مرة أخرى مما زاد من معاناة الناس وغلاء أسعار السلع والخدمات لأن البنك المركزي هو حلقة الوصل بين حركة التجارة المحلية والعالمية وليبيا معتمدة اعتمادا كليا على الاستيراد من الخارج.

من جانبه يعتقد الخبير في الشأن الاقتصادي علي المحمودي، أن حديث المحافظ السابق الصديق الكبير، يوم الأمس الثلاثاء، كان الغرض منه إعلامي وموجّه للمواطن البسيط الذي لا يفهم ولا يعي دهاليز الاقتصاد والأرقام.

وأكد في حديثه لـ “سبوتنيك” بأن خطوة مثل هذه لا تحدث بسبب صراع مالي بين أشخاص، بل الموضوع أكبر بكثير مما تحدث عنه الصديق الكبير والعالم، وعلينا أن نعي أن العالم لا يهتم بضياع الأموال الليبية أو إغلاق النفط الذي لا يشكل أكثر من 3 في المائة من الإنتاج العالمي والذي أصبح العالم لا يوثق به بسبب الإغلاقات المتكررة التي يتعرض لها.

واعتبر المحمودي أن عودة الصديق أمام المعطيات الموجودة غير ممكنة حتى يحسم مجلس النواب والأعلى للدولة أيضا باستمرار المحافظ الحالي في منصبه، ولكن الحل قدمه العديد من الأطراف هو الوصول إلى تعيين لجنة تسييرية لعمل المصرف بمدة محددة و بضمانات واضحة حتى يتم اختيار محافظ رسمي، وإبعاد المحافظ المكلف من الرئاسي والذي في حقيقته مكلف من رئيس حكومة الوحدة الوطنية.

وقال: “المشاورات لن تصل إلى حل نهائي في ظل عدم جدية البعثة واستمرار دورها السلبي وإدارتها اللازمة للقضية الليبية بشكل واضح ومكشوف، ولكن تمنى المحمودي الوصول وسماع صوت العقل والاتفاق مع دول فاعلة لأن هذا هو الواقع الليبي للوصول إلى حل وانهاء الازمة التي افتعلها المنفي والدبيبة من ورائه والإسراع في معالجة ما ترتب عليه من انقلاب في المصرف المركزي”.

حيثُ أكد المحافظ السابق للمصرف المركزي الصديق الكبير، بأنه مستعد لمغادرة المصرف المركزي إذا اتفق مجلسا النواب والدولة على اختيار محافظ آخر، مشيرا إلى أنه سوف يعود إلى ليبيا محافظاً للمصرف المركزي قريباً.

وقال الكبير في مقابلة أجراها، مساء الثلاثاء، مع قناة “الوسط” الليبية، بأنه “على تواصل مستمر ومباشر مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وبأنهم على إحاطة بشكل مستمر بشأن تطورات هذه الأزمة الخطيرة على البلاد”.

وأوضح “بأن هناك 29 مؤسسة دولية رئيسية أوقفت تعاملها مع المصرف المركزي”، مؤكدا بأن الأطراف الدولية “غير مستعدة للتعامل مع جهة جلبها قرار معيب وهم على دراية بالاتفاق السياسي والوضع في ليبيا، وبأن المؤسسات الدولية أوقفت تعاملها مع ليبيا وإذا استمر الوضع الحالي يخشى من سيناريو النفط مقابل الغذاء”.

وطالب الكبير المجلس الرئاسي بأن “يعود إلى رشده ويسحب القرار ويجنب البلاد تبعات هذه الأزمة، وقال إن الوضع سوف يزداد سوءا إذا استمرت أزمة المصرف المركزي، مناشداً أعضاء المجلس الرئاسي بسحب القرار تنفيذاً لحكم المحكمة، لأن قرار الإقالة كان انقلاب على الاتفاق السياسي ومؤسسات الدولة ومن الممكن أن المصرف المركزي هو البداية فقط وسوف ينتقلون إلى مؤسسات أخرى في البلاد”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى