مصر: الدولار يواصل التأثير على الأنشطة الاقتصادية.. وبرلماني يكشف أهداف الموازنة الجديدة
واصلت أزمة نقص المعروض من الدولار تداعياتها على كل الأنشطة الاقتصادية في مصر، إذ تسببت في انخفاض حجم مبيعات السيارات بنسبة 74% خلال الربع الأول من العام الجاري نتيجة تراجع حجم المعروض. قد يهمك أيضاً
مصر: الجنيه يعاود الانخفاض أمام الدولار.. ومطورون عقاريون: تسبّب في نمو المبيعات
وتسببت الأزمة كذلك في خسائر للبورصة المصرية بلغت 14 مليار جنيه (453.1 مليون دولار) بجلسة الثلاثاء عقب تحذير بنك مورغان ستانلي من صعوبة تحويل الأجانب للدولار، وامتد تأثيره على مستهدفات الموازنة العامة للدولة في السنة المالية الجديدة 2023/2024، التي توقعت انحسار النمو الاقتصادي إلى 4.1% مقابل 6.6% العام المالي الماضي.
وأعلنت شركة مؤشرات الأسهم العالمية “أم أس سي آي” عدم تنفيذ أي تعديلات على الأوراق المالية المصرية المدرجة بالمؤشر، بسبب شكاوى تلقتها من مستثمرين من صعوبة تخارجهم من السوق المصري، وتسبب ذلك في هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 1.8%، وخسارة رأس المال السوقي للبورصة 14 مليار جنيه (453.1 مليون دولار) فور الإعلان عن الخبر بجلسة الثلاثاء.
في المقابل، تسعى الحكومة المصرية جاهدة إلى زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي، ويساعدها في ذلك تحقيق قناة السويس نموًا في الإيرادات تقترب من مليار دولار خلال أبريل/ نيسان، وزيادة عوائد السياحة في ظل ارتفاع مستويات الإشغال بالفنادق، بينما شهدت الصادرات المصرية انخفاضًا خلال فبراير/ شباط، وتواصل تباطؤ معدل تحويلات المصريين بالخارج، ترقبًا لانخفاض جديد في سعر الصرف، وسط ترقب لزيادة الاستثمارات المباشرة من بيع الحصص لشركات مملوكة للدولة.
وارتفعت إيرادات هيئة قناة السويس إلى 2.3 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2023 بنسبة زيادة 35% عن نفس الفترة من العام الماضي، وسجلت إيرادات الهيئة في شهر أبريل/ نيسان 904.5 مليون دولار بزيادة 274 مليون دولار عن الشهر المماثل من العام الماضي.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، إن الحكومة تقدمت بمشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023/2024، مستهدفة أولًا تحقيق معدل نمو حقيقي 4.1%، عبر التوسع في الاستثمارات العامة والمخصص لها 587 مليار جنيه (19 مليار دولار) بنسبة نمو تزيد عن 50% عن العام الماضي، وثانيًا زيادة مستويات التشغيل لتوليد حوالي مليون فرص عمل سنويًا.
وأشار الفقي أن إجمالي عدد العاملين في مصر يبلغ 31 مليون، مما يتطلب توفير مليون فرصة عمل سنويًا لاستيعاب عدد 2.5 مليون عاطل حاليًا هذا، بالإضافة إلى 750 ألف خريج جدد، بهدف خفض معدلات البطالة.
وأضاف الفقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الهدف الثالث لموازنة العام المالي الجديد تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين الناتجة عن ارتفاع معدل التضخم، عبر زيادة الأجور للموظفين، وزيادة الدعم على السلع التموينية ورغيف الخبز، ودعم صناديق المعاشات والتأمين الصحي، مضيفًا أن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة خصص 529.7 مليار جنيه (17.14 مليار دولار) بنسبة 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي بزيادة قدرها 103.7 مليار جنيه (3.355 مليار دولار) بنسبة زيادة قدرها 24.3% عن العام المالي الحالي.
وأرجع مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة 2023/2024 سبب زيادة اعتمادات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلى 529.7 مليار جنيه نتيجة زيادة دعم سلع البطاقة التموينية إلى 127.7 مليار جنيه، والطاقة والمواد البترولية والكهرباء إلى 119.4 مليار جنيه.
وقال الفقي إن موازنة مصر للسنة المالية الجديدة خصصت حوالي نصف تريليون جنيه لدعم الفقراء، منها زيادة مخصصات دعم رغيف الخبز لحوالي 70 مليون فرد بسعر 5 قروش على الرغم من ارتفاع تكلفة إنتاجه لما يقرب من جنيه، وزيادة أعداد المستفيدين من برنامج معاش تكافل وكرامة لأكثر من 5 ملايين أسرة مع زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من البرنامج بنسبة زيادة 25%.
إلى جانب رفع أجور الموظفين بالجهاز الإداري للدولة (5.5 مليون موظف)، وتعجيل صرف هذه الزيادات بداية من أبريل/ نيسان، وأضاف الفقي أن الموازنة استوفت المستحقات الدستورية لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي.
وفقًا لبيانات وزارة المالية، بلغ تكلفة تعجيل صرف العلاوة الدورية للعاملين بالحكومة بداية من أبريل/ نيسان بدلًا من يوليو/ تموز 26 مليار جنيه (841.3 مليون دولار)، وبلغت تكلفة تعجيل الزيادة المقررة لأصحاب المعاشات البالغ عددهم 10 ملايين 38 مليار جنيه (1.2 مليار دولار)، وضم 950 ألف أسرة جديدة لمعاش تكافل وكرامة بتكلفة 6 مليارات جنيه (194.2 مليون دولار).
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري إنه رغم ارتفاع نسبة العجز المتوقع بموازنة العام المالي الجديد إلى 7% نتيجة لارتفاع خدمة الدين، إلا أن الموازنة تستهدف تحقيق فائض أولي 2.5%، وهذا مؤشر إيجابي تستهدف الموازنة تحقيقه للسنة الخامسة على التوالي، ويتم استخدامه في خفض نسبة الدين للناتج المحلي من 96% متوقع هذا العام إلى 93.1% العام المقبل، حسب قوله.
وتستهدف الموازنة العامة لمصر تحقيق إيرادات بقيمة 2.142 تريليون جنيه (69.3 مليار دولار) خلال السنة المالية 2023/2024 بزيادة 41% عن العام المالي الحالي، بنسبة 18.1% من الناتج المحلي، في المقابل بلغ حجم مصروفات الموازنة 2.99 تريليون جنيه (96.8 مليار دولار) بنسبة زيادة 34%، حسب تقديرات رسمية.
وأوضح الفقي أن تقديرات سعر صرف الدولار بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة تبلغ 30.5 جنيه، ويتم وضع هذا التقدير وفقًا لمتوسط سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال فترة الربع الثالث من العام المالي، لافتا أن الحكومة تحاول زيادة مواردها من الدولار عبر بيع حصص مملوكة للدولة في العديد من الشركات بعد إجراء تقييم للشركات، وعرضها على المستثمرين.
ونفت وزارة المالية صحة تقدير سعر صرف الدولار 35 جنيهًا في موازنة العام المالي المقبل، موضحة أن وزارة المالية في إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة تستخدم دائمًا متوسط سعر الصرف خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار من كل عام.
تراجع مبيعات السيارات
في سياق متصل، قال أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، إن حجم مبيعات السيارات في مصر واصل تراجعه خلال الربع الأول من عام 2023 مسجلة انخفاضًا بنسبة 74%، مرجعًا سبب ذلك إلى زيادة معدلات أسعار الفائدة عالميًا مما أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات عالميًا، وبالتالي انعكس على السعر في مصر، واستمرار تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية مما أثر على انخفاض حجم إنتاج السيارات عالميًا، مضيفًا في هذا الصدد أن رابطة تجار السيارات طالبت وزارة التجارة والصناعة بالسماح باستيراد سيارات مصنعة عام 2022 والمستعملة لحل أزمة نقص المعروض عالميًا.
وحسب تقرير مجلس معلومات سوق السيارات (أميك)، بلغ حجم مبيعات السيارات الملاكي 12.3 ألف وحدة خلال الربع الأول من عام 2023 بدلًا من 55.5 ألف وحدة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وأضاف أبو المجد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن انخفاض حجم المعروض من السيارات وزيادة أسعارها عالميًا، وصعوبة تدبير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات في مصر لمستويات قياسية مع توقعات باستمرار هذا الارتفاع حتى نهاية العام في ظل عدم وجود بوادر لحل نقص المعروض، مشيرًا إلى أن مبادرة السماح باستيراد المصريين بالخارج سيارات بدون جمارك لم تحقق وفرة في المعروض بالسوق المحلي.
وفقًا لبيانات وزارة المالية، سجّل أكثر من 151 ألفًا من المصريين المقيمين بالخارج إلكترونيًا للاستفادة من مبادرة تيسير استيراد سيارات المصريين بالخارج، وبلغ إجمالي قيمة أوامر الدفع المحولة من المتقدمين حتى الآن نحو 763 مليون دولار بمتوسط تحويلات يومية 20 مليون دولار، وستنتهي فترة العمل بالمبادرة في 14 مايو/ أيار الجاري.
تراجع التضخم في أبريل
لم تكن كل المؤشرات سلبية، بل شهد معدل التضخم السنوي تراجعًا إلى 31.5% خلال أبريل/ نيسان الماضي، وأرجعت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، أسباب التراجع إلى 3 عوامل، وهي: الانخفاض الملحوظ في أسعار بعض السلع الغذئية -صاحبة الوزن النسبي الأكبر – بمؤشر قياس التضخم، وتأثير سنة الأساس الذي شهد زيادة كبيرة خلال الشهر المماثل من العام الماضي.
وثالثًا، الاستقرار النسبي لمعظم السلع والخدمات نتيجة تمرير جزء كبير من انخفاض سعر صرف الجنيه على أسعار المنتجات خلال الشهور الماضي، غير أنها توقعت معاودة صعود التضخم خلال مايو/ أيار بعد رفع سعر الدولار مطلع الشهر الحالي.
وأبقت الحكومة المصرية على أسعار البنزين عند نفس مستوياتها، غير أنها حركت سعر الدولار بمقدار جنيه للتر ليصبح سعر البيع للمستهلك 8.25 جنيه (0.27 دولار) للتر.
وأشارت زهير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى التحديات التي تواجه إعداد الموازنة في السنة المالية الجديدة 2023/2024، وهي انحسار معدلات النمو إلى 4.1% مقابل 4.2% متوقعة في العام المالي الحالي و6.6% العام المالي الماضي، وأعباء تقديرات سعر النفط العالمي في العام المالي المقبل، لافتة إلى خفض وزارة المالية تقديرات متوسط سعر برميل النفط من 90 دولارًا إلى 80 دولارًا، وهي تقديرات متفائلة في ظل صدور قرار من منظمة أوبك بلس بخفض إنتاج النفط لزيادة الأسعار، وبالتالي حال زيادة سعر النفط عالميًا سينعكس على ارتفاع مصروفات الموازنة عن الأرقام التقديرية.
سعر الدولار مقابل الجنيه في موازنة العام المالي المقبل
في بيان موازنة العام المالي المقبل، حدّدت وزارة المالية تقديرات متوسط سعر برميل برنت بالموازنة الجديدة بنحو 80 دولارًا للبرميل، مؤكدة أنه في حال ارتفاع سعر النفط العالمي ليفوق هذه الافتراضات المتوقعة بنحو دولار لكل برميل، سيؤدي ذلك إلى تدهور صافي العلاقة مع الخزانة، وبالتالي تدهور العجز الكلي المستهدف بالموازنة وزيادته.
ترى آية زهير أن تدبير النقد الأجنبي يعد أهم الأعباء التي تواجه الاقتصاد المصري، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، واستئناف نمو الاقتصاد المصري بشكل كبير، مُشددة على ضرورة التزام الحكومة بالتخارج من الأصول المملوكة لها، وترشيد النفقات لخفض مستويات عجز الموازنة، وتعزيز جهود زيادة الموارد من الدولار وكبح جماح التضخم.
وقدّرت الموازنة العامة لمصر اعتمادات سداد القروض التي حل موعد سداد أقساطها أو إهلاكها حوالي 1.3 تريليون جنيه خلال العام المالي المقبل 2023/2024 بنسبة 11.1% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 965.5 مليار جنيه بنسبة 10.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الماضي، بزيادة قدرها 350.4 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 36.3%.