جوليان أسانج بطل حرية الإعلام المثير للجدل
جوليان أسانج الذي أكدت لندن الجمعة موافقتها على تسليمه إلى الولايات المتحدة، شخصية مثيرة للجدل بين الذين يعتبرونه “إرهابيا في التكنولوجيا المتطورة” والذين يرون فيه بطلا مطاردا لحرية الإعلام مع أن صورته اهتزت على مرّ السنين.
أعلنت وزارة الداخلية البريطانية أن الوزيرة بريتي باتيل وافقت على على طلب الولايات المتحدة تسليمها جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس الذي تلاحقه واشنطن بتهمة نشر كميات كبيرة من الوثائق السرية المسربة.
ويطالب القضاء الأميركي بتسلم أسانج لمحاكمته بتهمة نشره اعتبارا من 2010 أكثر من 700 ألف وثيقة سرية عن أنشطة عسكرية ودبلوماسية أميركية لا سيما في العراق وأفغانستان.
– زواج في السجن –
أسانج محتجز منذ سنتين ونصف السنة في سجن بلمارش الخاضع لحراسة أمنية مشددة شرق لندن حيث نقل فور إخراجه في نيسان/أبريل 2019 من سفارة الإكوادور في لندن التي لجأ إليها قبل سبع سنوات من ذلك متنكرا بملابس مسلّم بضائع.
وحينذاك كان يواجه ملاحقات في السويد بتهمة الاغتصاب، تم إسقاطها لاحقا.
وخلال سنوات إقامته في هذا المقر الدبلوماسي، ارتبط أسانج بعلاقة مع محامية في فريق الدفاع عنه ستيلا موريس وهي جنوب إفريقية في الـ37 من العمر، أنجبت منه طفلين.
غير أن صورته كـ”محارب إلكتروني” اهتزت مع الوقت، ولا سيما مع نشر موقعه في لحظة مفصلية من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016 آلاف الرسائل الإلكترونية التي تمت قرصنتها من الحزب الديموقراطي وفريق حملة هيلاري كلينتون، ما ساهم في تقويض فرص المرشحة الديموقراطية.
ولقيت هذه التسريبات في حينها إشادة من المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي أعلن خلال تجمع “أحب ويكيليكس!”، فيما أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) أن ويكيليكس حصلت على الوثائق من عملاء روس، وهو ما ينفيه الموقع.
وأثارت هذه المسألة شبهات بتواطؤ أسانج مع روسيا، لا سيما أن المعلومات التي يكشفها غالبا ما تكون مضرة للولايات المتحدة، وهو تعاون مع شبكة “آر تي” التلفزيونية القريبة من الكرملين.
– “تحرير الصحافة” –
أمضى الاسترالي أسانج طفولته متنقلا من مكان إلى آخر حسب رغبة والدته الفنانة المسرحية كريستين آن أسانج التي انفصلت عن والده قبل ولادته.
وعند بلوغه الخامسة عشرة، كان أقام في أكثر من ثلاثين مدينة أسترالية، قبل أن يستقر في ملبورن حيث درس الرياضيات والفيزياء والمعلوماتية.
أبدى موهبة ومثابرة على العمل، وانخرط في أوساط القراصنة المعلوماتيين وبدأ يخترق المواقع الإلكترونية لوكالة الفضاء الاميركية (ناسا) او وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، مستخدما الاسم المستعار “مينداكس”.
وعندما اطلق “ويكيليكس” بهدف “تحرير الصحافة” و”كشف اسرار وتجاوزات الدول” اصبح بحسب احد كتاب سيرته “اخطر رجل في العالم”.
عرف أسانج بشكل واسع عام 2010 حين سرب أكثر من 700 الف وثيقة سرية متعلقة بحربي العراق وافغانستان بينها اكثر من 250 الف برقية دبلوماسية اربكت الولايات المتحدة، واعتبره المدافعون عنه بطل حرية الإعلام.
قبل عشر سنوات من انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، رأى جو بايدن الذي كان آنذاك نائبا للرئيس باراك أوباما أن أسانج أقرب إلى “إرهابي في مجال التكنولوجيا المتطورة” منه إلى وريث قضية “أوراق البنتاغون” التي كشفت في السبعينات أكاذيب الولايات المتحدة حول حرب فيتنام.
وازداد شهرة فيما تراكمت الانتقادات الموجهة إليه.
وفي 2011، نددت الصحف الخمس التي نقلت وثائق ويكيليكس وبينها نيويورك تايمز والغارديان ولوموند، بأسلوب عمل الموقع الذي ينشر برقيات وزارة الخارجية الأميركية بدون تنقيحها.
وحذرت من أن هذه الوثائق من شأنها “تعريض بعض المصادر للخطر”، وهي انتقادات رددها كذلك إدوارد سنودن الذي كشف للصحافة برامج مراقبة الاتصالات التي تطبقها وكالة الأمن القومي الأميركية.
غير أن أسانج ما زال يحظى بتأييد نواة صلبة من الأنصار بينهم المصممة البريطانية فيفيان ويستوود وعدد من جمعيات الصحافيين والمنظمات الحقوقية المعارضة لتسليمه.
ورأت صديقته أن قرار محكمة استئناف لندن “معارض للمبادئ الجوهرية لحرية الصحافة والديموقراطية”.