هل تنجح المبادرة “الأمريكية ـ السعودية” لحل الأزمة السياسية في السودان؟
طرح إعلان الآلية الثلاثية عن تجميد الجلسة الثانية من الحوار الوطني في السودان إلى أجل غير مسمى، الكثير من التساؤلات حول التحول المفاجئ في مسار الآلية.يوعلق مراقبون على الأمر، بأن حوارا غير معلن يجرى في نفس التوقيت لكن برؤية مختلفة تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، وأن التحركات الأولية لتلك الرؤية أسفرت عن لقاء تشاوري جمع بين قيادة الحرية والتغيير والعسكريين.
لذا قررت الآلية الثلاثية التي لا تمتلك أي وسائل ضغط سوى دعوة الأطراف التنحي جانبا وترك المجال للأدوات الأمريكية والسعودية التي تجمع بين الترغيب والتهديد، لذا فإن فرص نجاح تلك المبادرة أكبر بكثر من التي كانت لدى المبادرة الثلاثية، علاوة على أن التفاصيل الكاملة لمبادرة واشنطن والرياض غير معلنة حتى الآن.. فهل تنجح تلك المبادرة في تحريك المياه الراكدة في ملف الأزمة؟ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، الفريق جلال تاور، إن الدور الذي يمكن أن تلعبه واشنطن والرياض في حل الأزمة السودانية ربما يختلف عما تتبناه الآلية الثلاثية، حيث أن وجهة نظر مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية في العالم هى التي أصدرت قانون معاقبة من يقف في طريق التحول الديمقراطي في السودان.
أوراق ضغطوأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن “المهلة التي منحها القانون سوف تنتهي خلال أيام، وأعتقد أن واشنطن سوف تشرع في فرض عقوبات على الخرطوم بعد هذا التاريخ إن لم تكن هناك تحولات ملموسة على الأرض فيما يتعلق بالعملية الديمقراطية، بالقطع الأدوات الأمريكية والضغوط لا تمتلكها الآلية الثلاثية التي لا تملك سوى الدعوات للحوار والتشاور وإعادة أو مطابقة ما يتم التوصل إليه على الوثيقة الدستورية فيما قبل 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي”.
للمرة الأولى تبقى مساعدة وزير الخارجية في السودان لعدة أيام وتجتمع مع مواطنين سودانيين خارج الدائرة الرسمية من بينهم لجان المقاومة، لذا فإنها طرحت نفسها كوسيط وهو ما لم يظهر في وسائل الإعلاموأردف: “كما أننا نجد أن السعودية دخلت على خط الأزمة في البلاد قبل تلك الجولة بأيام، عندما حضر وفد سعودي رفيع المستوى واجتمع لمدة ثلاث ساعات مع البرهان فقط وعاد إلى الرياض ولم يقابل الوفد مع أي شخص آخر، وهذا يعني أن هناك رؤية مدبرة أو تخطيط وتصور لمخرج من تلك الأزمة تم تجهيزه والآن يتم تسويقه لبقية الأطراف بما فيها حتى لجان المقاومة استمعت إليهم، وإلى وجهة نظر الشارع الذي يطالب باعتبار ما تم يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي انقلاب على السلطة المدنية الانتقالية، علاوة على إبعاد العسكر من المشهد السياسي تماما”.
تأجيل الجولة الثانية من الحوار السياسي بالسودان لأجل غير مسمىشىء خطير
وأكد الخبير العسكري أن “شيء ما يحدث خلف الكواليس، وليس كل ما يعرف يقال، علينا الانتظار حتى نتبين حقيقة ما يحدث الآن من تغييرات وتحولات ووساطات إقليمية ودولية، لذا أعتقد أن المبادرة الأمريكية السعودية سيكون لها تأثير حتى على الآلية الثلاثية، ويمكن أن يقوموا بإقناع المبادرة الثلاثية بالتراجع قليلا حتى يستطيعوا هم إكمال مهمتهم إلى النهاية، وهذا الأمر كبداية وإن كان بشكل غير رسمي أو مباشر يعد خطوة للأمام، لأنه لا سبيل للخروج من الأزمة بدون التفاوض والحديث وجها لوجه ووضع خارطة طريق معروفة وواضحة، لذا لا اعتقد أن التحرك الأمريكي السعودي سيفشل أو يتوقف كما فعلت الآلية الثلاثية، حيث أن الآلية توقفت لأنها رأت شيئا ما يجرى وأنه يجب عليها إفساح الطريق.ولفت تاور إلى أن “أمرا خطيرا وغير معلن يجري”، وتوقع أن “يكون هناك شىء في الأيام القادمة”.الأمم المتحدة: مقتل 100 شخص خلال اشتباكات قبلية في دارفور غربي السودان13 يونيو, 08:52 GMTوتمنى أن “يكون هذا الشىء مرضي لكل الأطراف حتى لا ندخل في أزمات جديدة، فالضغط الدولي مكثف الآن تقوده أمريكا والسعودية.
وأكرر أن أمريكا كانت تعمل من الخارج خلال الأشهر الماضية، لكنها اليوم تعمل على حل الأزمة من داخل الخرطوم، وترسل رسائلها من الداخل إلى الجهات التي لم تكن تتصل بها من قبل مثل لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير، وأتوقع أن تكون هناك نتائج أفضل مما كانت ستأتي به الآلية الثلاثية”.الإرادة الوطنيةومن جانبه يقول المحلل السياسي السوداني، الدكتور ربيع عبد العاطي إن “الحوار الذي تقوده الرياض وواشنطن لو شمل من تقدموا بوثيقة التراضي الوطني، سيكون هناك أمل للوصول لصيغة من شأنها أن تعبر بالجميع لموعد الإنتخابات، شريطة أن يكون الحوار سوداني- سوداني ولا يشعر أحد الأطراف أو بعضها بأن هناك حلولا جاهزة تمرر من تحت الطاولة كأجندة أجنبية”.
“لا السعودية ولا واشنطن بمقدورهم القفز فوق الإرادة الوطنية، ولا أظن أن يسمح لهما بدور يفوق درجة المٌسهل”.أطراف أخرىوأشار عبد العاطي إلى أن “هناك مطالبات بضرورة إشراك الجامعة العربية، ففي حالة إشراكها سيكون المردود إيجابيا ويقود نحو نفي أي اختراق أو استقطاب، بحيث يتساوى المٌسهلون و ينفرد السودانيون بالحوار واقتراح الحلول، وكل ذلك مهما كانت درجة نجاحه لا يغني عن ضرورة إجراء إنتخابات بأسرع ما يمكن، لتعود الأمور لنصابها و يقول الشعب كلمته الأخيرة والحاسمة للاستقطابات والمزايدات، والإشارة الحمراء لمن يريد أن يغمس خنجره من الأجانب في قلب أهل السودان”.