الأسواق تحبس أنفاسها ترقباً لقرارات الاحتياطي الفيدرالي
يستعد صانعو السياسات في مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتسريع إنهاء المحفزات النقدية، باعتبارها خطوة نحو أول رفع لأسعار الفائدة منذ 2018، في محاولة لكبح جماح التضخم الذي سجل أعلى صعود منذ ما يقرب من 40 عاماً.
من المؤكد أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستبقي على أسعار الفائدة القياسي بالقرب من الصفر بعد اجتماع السياسات الذي استمر ليومين، اليوم الأربعاء، ومن المرجح أن تضاعف وتيرتها لتقليص مشتريات الأصول بعد شهر واحد من بدء الخفض، سيمهد إلغاء حزم التحفيز المتعلقة بالوباء الطريق لرفع أسعار الفائدة لاحقاً في عام 2022.
ستصدر اللجنة بياناً وتوقعات، بما في ذلك “المخطط النقطي” الذي يتضمن توقعات محافظي البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة، في الساعة 2 ظهراً بتوقيت واشنطن. كما سيعقد رئيس الفيدرالي جيروم باول مؤتمراً صحفياً بعد 30 دقيقة من نشر بيان السياسة النقدية.
قال جوس فوشر، كبير الاقتصاديين في “بي إن سي فايننشال سيرفيسز غروب” :”إن الاحتياطي الفيدرالي مستعد لإعادة ضبط موقفه حيال هدف التضخم.. وهذا يتطلب سياسة نقدية أقل تيسيراً.. ستظل السياسة في عام 2022 توسعية لكنها أقل تيسيراً”.
توقعات الاحتياطي الفيدرالي
من المرجح أن تتوقع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة رفع أسعار الفائدة مرتين في عام 2022 وثلاث مرات في 2023، وفقاً لخبراء اقتصاديين في مسح أجرته بلومبرغ. قبل ثلاثة أشهر فقط، انقسمت اللجنة بالتساوي بين توقع رفع أسعار الفائدة في العام المقبل أو 2023.
“إن ما يحدث هو بمثابة أكبر تحول على الإطلاق في “المخطط النقطي” منذ أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي نشره في عام 2012″ وفق ما وصفته لورا روزنر واربورتون من “ماكرو بوليسي بيرسبيكتيفز”.
من المرجح أن يركز المستثمرون ليس فقط على أوسط التوقعات، ولكن أيضاً على عدد المسؤولين الفيدراليين البالغ عددهم 18 الذين يتوقعون رفع أسعار الفائدة بمقدار 0.75% أو أكثر في عام 2022.
رأي خبراء بلومبرغ إيكونوميكس
يقول آنا وونغ وأندرو هوسبي وإليزا وينغر المحللون الاقتصاديون في “بلومبرغ إيكونوميكس”: “في أعقاب أعلى قراءة لمؤشر أسعار المستهلك منذ عام 1982، والعديد من المؤشرات على ضيق سوق العمل، من المرجح أن تتخذ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح منعطفاً متشدداً حاداً، سواء في لغة المؤتمر الصحفي بعد الاجتماع أو في البيان والتوقعات. من المرجح تضمين خفض التسهيل الكمي بوتيرة أسرع- ضعف الوتيرة الحالية. ما قد يكون أكثر إثارة للدهشة – للأسواق، وليس لنا – هو مدى السرعة والارتفاع الذي يريده بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً بالنسبة لأسعار الفائدة”.
قال ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين في “أمهيريست بيربونت سيكيوريتيز ” ( Amherst Pierpont Securities): “إنهم في مكان مختلف تماماً عما كانوا عليه قبل ثلاثة أشهر فقط”. وأضاف: “ستكون التوقعات النقطية أهم شيء. في حين أن لغة البيان يمكن أن تكون غامضة، فإن التوقعات النقطية تقدم شيئاً كمياً وملموساً للغاية يمكن للمشاركين في السوق أن ينخرطوا فيه بشكل كام”.
من المرجح أن يتم رفع توقعات التضخم في 2022 إلى حوالي 2.5%، بينما من المحتمل أن تتوقع اللجنة انخفاض معدل البطالة إلى 3.7% بحلول نهاية العام المقبل.
تسريع وتيرة خفض التيسير الكمي
من المتوقع أن تضاعف اللجنة وتيرة خفض التيسير الكمي إلى 30 مليار دولار شهرياً، بدءاً من يناير وانتهاء في مارس 2022.
وكان جيروم باول قد قال للمشرعين في 30 نوفمبر إنه سيكون من المناسب النظر في تسريع خفض التيسير الكمي بحيث ينتهي قبل بضعة أشهر من موعده الأصلي المقرر في منتصف 2022.
من شأن إنهاء برنامج شراء الأصول في الربع الأول من 2022، منح اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح خيار البدء في رفع أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن، حيث قال مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي إنهم لا يريدون رفع أسعار الفائدة أثناء استمرار برنامج التسهيل الكمي.
بيان اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح
من المؤكد أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح، ستشطب الإشارة إلى تقديرها بأن يكون التضخم “مؤقتاً”، بعد تعليق باول للمشرعين في نوفمبر بأن الوقت قد حان للكف عن استخدامها. وكان الوصف قد أثار الارتباك، حيث تم تفسيره على أنه قصير المدى من حيث التوقيت.
قالت أنيتا ماركوسكا، كبيرة الاقتصاديين الماليين الأمريكيين في “جيفريز”: “عليهم استعادة المصداقية.. إنهم يتخلصون من وصف مؤقت، وهو ما بات من الماضي. ما زالوا يعبرون عن توقعهم بأن التضخم سيهدأ. بل سيستغرق وقتاً أطول”.
ربط الاحتياطي الفيدرالي في بياناته بشأن السياسة النقدية، رفع أسعار الفائدة بتحقيق هدف التضخم البالغ 2% والسعي لتجاوز ذلك لبعض الوقت، بالإضافة إلى تحقيق التوظيف الكامل. من غير المحتمل أن تقرر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح تعديل هذا التوجه في الاجتماع الجاري.
لكن قد تضيف اللجنة إشارة إلى متحور أوميكرونباعتباره يمثل تهديداً للتوقعات الاقتصادية، ويزيد من عدم الوضوح بشأن التضخم، حسبما قال خبراء الاقتصاد بـ “مورغان ستانلي” في تقرير.
المؤتمر الصحفي
من المرجح أن يتم الضغط على باول بشأن “المخطط النقطي”، وقد يؤكد أن التوقعات قدمها مشاركون فرديون ولا تمثل وجهة نظر اللجنة. يمكنه أيضاً تسليط الضوء إزاء عدم اليقين بشأن الآفاق المستقبلية بسبب المتحور أوميكرون.
قال فينسينت راينهارت، كبير الاقتصاديين في “ميلون انفستمنتس” وخبير اقتصادي سابق في الاحتياطي الفيدرالي: “تم استبدال البيان بالكلمة الافتتاحية التي يلقيها باول في المؤتمر الصحفي” كإشارة إلى السياسة. ورجح: “سيحاول الابتعاد عن النقاط بقدر ما يستطيع”.
يرى راينهارت أن توقعات أسعار الفائدة قد تكون في حد ذاتها إشارة أقل من المعتاد، لأن الرئيس جو بايدن لا يزال لديه ثلاثة ترشيحات لمجلس الاحتياطي الفيدرالي كما أن بنكين من الفروع الإقليمية للفيدرالي في طور البحث عن قادة جدد.
من المرجح أن تكون اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح لعام 2022 أكثر تيسيراً من اللجنة الحالية بمجرد تحديد جميع المشاركين الجدد وتعيينهم في مناصبهم الجديدة.
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي يوم الإثنين، من المتوقع أن يعلن بايدن عن اختياراته لمقاعد مجلس الإدارة الثلاثة “قريباً، ونأمل أن يحدث ذلك قبل أن يغادر الرئيس والجميع لقضاء بعض الوقت مع عائلاتهم خلال الإجازات”.
في حين أن تسريع عملية خفض التيسير الكمي لن يكون مفاجئاً، سيحلل المستثمرون ما يقوله باول عن قائمة المركز المالي بعد انتهاء خفض التسهيل، بما في ذلك ما إذا كان هناك اعتبار لتقليص مشتريات الأصول بشكل أسرع مما كان عليه في الماضي. وهذا ما أوصى به رئيس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد، والذي كان أيضاً من أوائل المدافعين عن خفض التيسير الكمي بوتيرة أسرع.