كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام اجتماع أهداف التنمية المستدامة
السيسي .. المواطن المصري اثبت قدرته على تحمل الصعاب في سبيل بناء وطنه وتحقيق أهدافه وتطلعاته المشروعة
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة،
السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي سروري، أن أشارككم اجتماعنا اليوم والذي يأتي عقده في هذه اللحظة المحورية التي يعيشها العالم تأكيدًا على الأهمية التي توليها دولنا لتعزيز جهود تحقيق التنمية خاصة أهداف التنمية المستدامة التي توافق المجتمع الدولي عليها وارتضاها إطارًا شاملًا، يعمل من خلاله على تحقيق الرخاء والرفاهية لشعوبه على مدار العقد الجاري، وصولًا إلى العام ۲۰۳۰.
السيدات والسادة،
إن نجاحنا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بات يكتسب اليوم أهمية متزايدة، مقارنة بأي وقت مضى لاسيما في هذا الظرف الدولي الدقيق الذي يفرض علينا مواجهة تحديات عالمية شديدة الصعوبة أضاف إليها تفشى جائحة “كورونا” أبعادًا غير مسبوقة طالت دولنا جميعًا.
فإلى جانب التحديات ذات الصلة بتحقيق التنمية المستدامة، ورفع معدلات النمو والقضاء على الفقر وتوفير فرص العمل فضلًا عن الأوضاع السياسية المعقدة في العديد من مناطق العالم فإن تغير المناخ وآثاره السلبية على وفرة المياه والأمن الغذائي والتهديد الذي تمثله جائحة “كورونا” على الأوضاع الاقتصادية والصحية والاجتماعية العالمية باتت جميعها تحديات يومية يتعين علينا التعامل معها على نحو شامل ومستدام حفاظًا على مكتسبات التنمية التي تحققت على مدار العقود الماضية.
ومن هذا المنطلق، أود التأكيد على عدد من النقاط المهمة:
أولًا: أثبتت الأحداث التي عاشها العالم على مدار قرابة عامين ماضيين حتمية التعامل مع أجندة التنمية المستدامة ۲۰۳۰ وأهدافها وفق منظور شامل يأخذ في الاعتبار، التقاطع بين المجالات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة التي تتناولها هذه الأهداف ويسعى إلى تحقيق أقصى استفادة مما تتيحه أجندة التنمية المستدامة من فرص للتعاون الدولي لتمويل التنمية سواء في الإطار متعدد الأطراف أو على صعيد العلاقات الثنائية مع شركاء التنمية، من دول ومؤسسات تمويل وبنوك دولية مع مراعاة أولويات الدول والحفاظ على الملكية الوطنية لسياساتها وبرامجها التنموية.
ثانيًا: انطلاقًا من هذه الأهمية، فقد حرصت مصر منذ وقت مبكر على توطين أهداف التنمية المستدامة ودمجها في سياساتها وبرامجها التنموية على كافة المستويات وهو الجهد الذي أسفر عن تبنى “رؤية مصر ٢٠٣٠” كإطار جامع لجهود الدولة في هذا المجال كما سارعت مصر بتقديم تقاريرها الطوعية حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وآخرهـا التقريـر الطوعي الثالـث الذي قدمته مصر خلال الدورة الماضية للمنتدى السياسي رفيع المسـتوى في يوليو ۲۰۲۱ وذلك اقتناعًا منها، بأهمية استعراض التقدم المتحقق على المستوى الوطني خاصة فيما يتعلق بإيجاد بيئة وطنية داعمة لتحقيق التنمية والتطورات الإيجابية التي يشهدها تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وحرصًا منها على تبادل الخبرات والتجارب في هذا الصدد.
ثالثًا: لقد أدركت مصر منذ البداية أن هدف أي جهد تبذله الدولة لتحقيق التنمية هو المواطن ومن ثم، فقد صممت سياساتها وبرامجها التنموية واضعة مصلحة المواطن المصري، في القلب منها ملبية لطموحاته ومستجيبة لتطلعاته في العيش الكريم، والسكن اللائق، والعمل المناسب ولقد تبلورت هذه الرؤية في مبادرة “حياة كريمة” التي شرفت بإطلاقها مؤخرًا، والتي تعد أحد أكثر البرامج التنموية طموحًا وشمولًا حيث تعمل على تحقيق التنمية الشاملة بما في ذلك في الريف المصري الذي يعيش فيه السواد الأعظم من المصريين على نحو يعزز من جهود الدولة لتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة وحشد الاستثمارات اللازمة لتحسين جودة الحياة للمواطنين والقضاء على الفقر وخفض معدلات البطالة.
رابعًا: إن النجاح الذي استطاعت مصر تحقيقه، على هذه الأصعدة على مدار السنوات الماضية لم يتأت دون تضحيات أثبت من خلالها المواطن المصري قدرته على تحمل الصعاب في سبيل بناء وطنه وتحقيق أهدافه وتطلعاته المشروعة، ولا تزال مصر تواصل بخطى ثابتة – ورغم كل التحديات – تنفيذ برنامجها الطموح للإصلاح الاقتصادي الذي شرعت فيه عام ٢٠١٦ بالتعاون مع صندوق النقد الدولـي، والذي برهنت نتائجه حتى اليوم على صواب الرؤية المصرية، إزاء أولويات ومتطلبات الإصلاح الاقتصادي وباتت محل إشادة دولية واسعة، من مؤسسات التمويل الدولية ووكالات التصنيف الائتماني، بل ومكنت الاقتصاد المصري، من تحمل تبعات جائحة “كورونا” وأتاحت للحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة، للتخفيف من آثارها السلبية.
السيدات والسادة،
إنني على ثقة أن مداولاتنا اليوم وما ستفضي إليه من أفكار ومقترحات بناءة ستساهم في دعم جهود دولنا لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة وفى إيجاد حلول مبتكرة، للمعوقات التي تواجه التعاون الدولي الإنساني خاصة تراجع حجم مساعدات التنمية الرسمية وما أسفر عنه من فجوة تمويلية تواجه الدول النامية والأقل نموًا لاسيما الأفريقية.
وفى هذا الصدد، فإننا نتطلع إلى استمرار المشاركة في هذا الجهد الدولي المهم وصولًا إلى تحقيق أهدافنا المشتركة نحو غد أفضل للأجيال القادمة.
وشكرًا.