الادب والثقافة

مصطفى سرور يكتب .. حرب الفانيليا

اكتشفت مؤخرا أننا لا نعرف الفانيليا الطبيعية وأن أغلب ما يتم شراءه فى أسواقنا هو نوع من الفانيليا الصناعية، تلك الرائحة التى نحبها والنكهة التى يعشقها الكثيرون فى مذاق الآيس كريم والحلويات وراءها قصة غريبة وحروب جشع وقتل وسرقة للوصول إليها ..وأن سعر جرام الفانيليا اغلى من جرام الفضة لأنها تعتبر من البهارات النادرة ..وقد ارتفع سعر كيلو الفانيليا مؤخرا من 80 دولار إلى 600 دولارعلى مدار الخمسة عشر عامًا الماضية ، واجهت شركات الأغذية ضغوطًا متزايدة من المستهلكين لاستخدام المكونات الطبيعية ذات المصدر الأخلاقي.

مصطفى سرور

بدأت شركات صناعة الشوكولاتة والآيس كريم مثل “نستلة وكادبورى وهاجن داز” تعد الناس فى إعلاناتها انها سوف تتجه إلى النكهات الطبيعية ووضعت صورة قرون الفانيليا الطبيعية على أغلفتها ، وبدأت حركة تتبع للحصول على المنتج الطبيعى فى البداية كان الأمر بسيطا وغير مكلف فسعر كيلو الفانيليا لا يتعدى ال 40 دولار ولكن مع الوقت وحدوث أعاصير فى مناطق إنتاجها ارتفع سعر الفانيليا حتى وصل حاليا إلى 600 دولارماهى قصة زراعة الفانيليا وأين يتم زراعتها ؟

تعد مدغشقر هي المورد الرئيسي لما يقدر بـ 75-80 % من الفانيلا في العالم والباقى يأتى من إندونيسيا وتاهيتي والمكسيكو تعتبر مدغشقر واحدة من أفقر دول العالم ، وفقًا للبنك الدولي ، ولكنها تعيش حرب فريدة من نوعها، حرب الفانيليا، إذ ازدادت وتيرة العنف المحلي هناك مع ارتفاع أسعار قرون الفانيليا، تقع مزارع الفانيلا بشكل رئيسي في شمال شرق مدغشقر في سامبافا ، أندابا ، فوهيمار ، وأنتالاها.

هذه منطقة تتعرض للأعاصير بانتظام. ومع ذلك ، فإن أسباب مثل هذه تساهم فى رفع الأسعار .وبالعودة إلى صعوبة تحصيل قرون الفانيليا وندرتها لا بد ان نذكر هنا أن النبتة ـ التي تزهر مرة واحدة في السنة ـ تفضل البيئة الاستوائية لكن زهورها حساسة جدا، ويمكن أن تتعرض للتلف بسبب أي تغير في الأحوال الجوية ، لذا يتم تلقيحها منذ سنوات طويلة باليد، خاصة في مدغشقر، حيث يطلق على آلاف الملقحين الذين ينتشرون في المزارع لتلقيح الزهور بالإبر ” النحل البشري” .

ويقوم الملقحون بالطواف على مزارع الفانيــلا ويؤدون الــدور ذاته الذي كان يقـــوم به النحل في السابق، ويدخلون إبرة خشبية رفيعة وبطريقة هادئة داخل كل زهرة حتى يتم تلقيـــحها وإثــمارها.

ويقول زعيم الملقحين في مدغشقر إن متوسط عمل الفرد من رجاله يتراوح بين 1500 إلى 2000 زهرة فانيلا في اليوم الواحد ويكتمل نضج الفانيلا في نحو ستة أسابيع بعد التلقيح، وتشـــبه ثمرة الفانـيلا إلى حد كبير الفاصوليا الخضراء في شكلها، لكن طولها قد يمتد إلى اكثر من 15 بوصة، ويتم حصادها ومعالجتها بشكل شبه مطابق لثمرة الكاكاو، وبعد تقطيعها تنشر تحت أشعة الشمس لنحو خمسة أيام متوالية، ثم توضع في الماء الساخن لفترة ساعات، أو يستعاض عن ذلك الآن بوضع الثمار في أفران حرارية حتى تنضج ويتغير لونها، ومن ثم يتم تخمير الثمار إلى أن تتكون النكهة الشهيرة بالفانيلا.

‏وتعد مدغشقر موردًا رئيسيًا على مستوى العالم لقرون الفانيليا المستخدمة في إضفاء نكهة على المثلجات والكعك والشوكولاتة. لكن رغم سمعتها اللطيفة، أدى ارتفاع أسعار الفانيليا إلى عشرة اضعاف خلال الأعوام الخمسة الماضية وأدى ذلك إلى تطور الخطر في مدغشقر ..حيث أنتشرت سرقة المحصول وجرائم القتل لهذا السبب ..وأصبحت زراعة الفانيليا تحتاج إلى حراسة ليل نهارو تشير التقارير إلى انتشار لصوص المحاصيل في مناطق زراعتها الرئيسية، كما أشارت إلى عشرات من حالات القتل. وقد طالبت بعض القرى والمجتمعات بحمايتها من قبل الشرطة المسلحة.

وفى مناطق مثل أنجاهانا بالعاصمة أنتاناناريفو، تولوا الأمور بأيديهم وقام زراع الفانيليا بقتل خمسة من اللصوص وتقطيعهم بالمناجل مع صمت الشرطة هناككما باتت الفانيليا هي القوة المحركة لتدمير الغابات والمحميات الطبيعية بمدغشقر، لزراعة المزيد منها بعد ارتفاع سعرها ففي حديقة ماسالا الدولية التي تعد من أكثر الغابات حماية في مدغشقر وموطنًا للعديد من فصائل الليمور المعرضة للانقراض، يمكن سماع أصوات المناشير الكهربائية ورؤية جذوع الأشجار المقطوعة حديثًا ، وفي إحدى المناطق داخل حدود الحديقة، للوصول إلى مساحة لزراعة الفانيليا.

يقول السكان المحليون إن بيع كيلو جرام واحد يجلب مليونًا ونصف من العملة المحلية أرياري، أي ما يعادل 360 جنيهًا إسترلينيًا، وهو عشرة أضعاف الثمن قبل سنوات قليلة. ومع هذا الدخل الإضافي يبني السكان مزيدًا من المنازل الكبيرة مستخدمين أخشابًا من الغابة.

ويبدو التغيير واضحًا وجليًا في مارافوتوترا، وهي قرية على حدود الحديقة. ويقول أحد السكان المحليين ، إنه ضاعف مساحة الزراعة على الرغم من إصراره أن كل حقوله تقع خارج حدود المنطقة المحمية.ويقول حراس الغابات إن قطع الأشجار يتم في الخفاء لتجنب كشفهم عن طريق الأقمار الصناعية.

لكن تآكل الغابات يزداد سوءًا بسبب سيل الناس الذين قدموا إلى أطراف المنطقة المحمية بحثا عن الثراء .والأمر الغريب هو أن سكان مدغشقر لا يستخدمون الفانيليا في حياتهم اليومية ، ولا تعتبر نكهة مفضلة لدى السكان الأصليين. بالنسبة للشخص العادي ، تعتبر حبوب الفانيليا مجرد منتج تصدير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى