الماء بدل الدماء
بقلم محمود حسن
لم أكتب من قبل في هذا الأمر ‘ لكنني تارة أشعر بغصة شديدة واشمئزاز كبير وتارة أخرى أشعر بإندهاش وتساؤل ‘ لماذا هذا التعنت الغريب من الجانب الحبشي !؟ فيحضر في ذهني مشهد في أحد مسرحيات الفنان محمد صبحي لهذا الرجل النحيف جدا وهو يقول جملة ” متقدرش ” فيرد عليه الفنان محمد صبحي قائلا ” يابني خليك واقعي ‘ بأمارة إيه ؟ “
فأبتسم ساخرا وأقول شر البلية ما يضحك ‘
فكيف لبلد تعج بمشكلات معقدة من الصراعات القبلية والعرقية والتخلف والجهل والفقر وعدم الإستقرار الإقتصادي والسياسي والإجتماعي والعسكري كيف لها أن تتحدى بهذا الشكل المستفز ؟ هل هو غباء سياسي ؟ أم هناك أسباب أخرى ؟
الحقيقة أن الأمر جدير بالتفكير العميق ‘ فإذا أتفقنا أن حكومة هذا البلد فاقدة للأهلية السياسية وهذا ما يؤكده موقفها الغريب من التعنت والعناد وعدم البصيرة ‘ ما جعلها لا ترى سوى تنفيذ ما يريده سادتهم – لأنهم جبلوا على العبودية – على حساب شعوب أخرى سوف تتعرض للجفاف والموت ‘ فليس ثمة تفسيرا غير أن هناك قوى أخرى تدعم وتناصر هذا العناد ‘
إذن فالأمر ليس بيد هذه الحكومة الغبية ‘ وإنما الأمر في يد تلك القوى التي إحتنكت هذه الحكومة ووضعت اللجام في فمها فتمكنت من قيادتها يمينا ويسارا ‘
والسؤال لماذا فعلت هذا تلك القوى الخبيثة ؟ وماذا تريد ؟ ومن تستهدف من الدول المتضررة من بناء هذا السد ؟
هل السودان هي المستهدفة بالضرر ؟ أم مصر ؟ أم الإثنتين معا ؟
الواقع ان مصر والسودان هما الدولتين المتضررتين من وجود السد أو انهيارة بعد الملئ ‘ او كونه محبسا دائما يتحكم في مصير الشعبين مدى الحياة ‘
فمن ذا الذي يسعى إلى تدمير مصر والسودان ؟
وهذا هو مربط البغل !!
السؤال الآخر هل هناك قصد وسوء نية وخداع وصناعة ” فخ ” لإيقاع مصر في حرب تعرقل مسيرة التنمية وتتسبب في توقيع عقوبات إقتصادية كمثل ذلك ” الفخ ” الذي نصب لصدام حسين وغيره ؟
فالحقيقة أن الإصلاح الإقتصادي والسياسي داخليا وخارجيا الذي تسير عليه مصر الآن وفي وقت قياسي وبشكل غير مسبوق ‘ يزعج الأعداء إلى حد بعيد ويهدد مخطتهم في تقويض الوطن العربي كله ‘
ولا شك أن مصر لا تكره التنمية لأي دولة في العالم لاسيما الدول الإفريقية ‘ ولكن ليس من العدل أن تبني بلد جدرانها على رفات وجماجم شعوب أخرى ‘
وأتوقع إلى حد التأكيد أنه في حالة إتمام بناء هذا السد – لاقدر الله – أتوقع إحتلال تلك البلد ووضع قواعد عسكرية للسيطرة على محبس مياه النيل لتركيع مصر والسودان والتحكم في رقابهما ‘ وهذا ما لا ولن يحدث مطلقا ‘
فعلينا أن نتيقظ أن الأحباش ليسوا إلا ذيل لرأس أفعى تنظر وتترقب لتنقض وقت المساس بذيلها ‘
فإن كان لا محالة من رفع السلاح فيجب أن يكون في مواجهة رأس الأفعى ‘ أما الذيل فسوف يموت بالتبعية ‘
أ من العدل أنهم يردون الماء صفوا .. وأن يكدر وردي !؟
إذن فعليهم الإختيار ما بين سريان الماء ‘ أو سيل الدماء .
بسم الله الرحمن الرحيم
” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ” صدق الله العظيم .