ابراهيم رئيسي يفوز بالإنتخابات الرئاسية الإيرانية في ظل مشاركة متدنية
فاز المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، بنيله 61,95% من الأصوات وفق النتائج النهائية التي أعلنت السبت، غداة اقتراع شهد أدنى نسبة مشاركة في استحقاق رئاسي في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
وكما كان متوقعا، فاز حجة الإسلام رئيسي (60 عاما) في الدورة الأولى لانتخابات جرت في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية تسببها العقوبات الأميركية، ورافقتها أسئلة عن المشاركة بعد استبعاد منافسين جديين من الترشح.
وأعلنت وزارة الداخلية أن رئيسي نال 17,926,345 صوتا من إجمالي المقترعين الذين بلغ عددهم 28,933,004.
وشكل هؤلاء 48,8% من الناخبين، وهي أدنى نسبة اقتراع في انتخابات رئاسية تشهدها الجمهورية الإسلامية.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة 73%، في حين شهدت الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57 بالمئة.
وتبقى أدنى نسبة مشاركة في انتخابات رئاسية 50,6% (عام 1993).
واحتفل آلاف من مناصري رئيسي مساء السبت في ساحة الإمام الحسين وسط طهران، على وقع أناشيد ومفرقعات نارية، وفق مراسلي فرانس برس.
ويخلف رئيسي الذي يتولى رئاسة السلطة القضائية منذ 2019، الرئيس المعتدل حسن روحاني الذي لا يحق له دستوريا السعي لولاية ثالثة متتالية.
وخسر رئيسي انتخابات 2017 أمام روحاني، على رغم نيله 38% من الأصوات.
ويتوقع أن يعزز فوز رئيسي إمساك التيار المحافظ بمفاصل هيئات الحكم، بعد فوزه في انتخابات مجلس الشورى (البرلمان) العام الماضي.
وسيواجه الرئيس الجديد الذي يتسلم منصبه في آب/أغسطس، تحديات أساسية أبرزها سوء الوضع الاقتصادي العائد بشكل أساسي الى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران بعد انسحابها الأحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني عام 2018.
ورغم انتمائه الى تيار ينظر بعين الريبة الى الدول الغربية، أكد رئيسي خلال حملته أولوية رفع العقوبات، وأنه سيلتزم بالاتفاق المبرم عام 2015.
ونظرا لأن السياسات الإيرانية العامة تحدد على مستوى أعلى من الرئاسة وتعود الكلمة الفصل فيها الى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يتوقع ألا يؤثر انتخاب رئيسي على المباحثات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق.
“مسؤولية ثقيلة”
وحسمت نتائج أولية أعلنتها الداخلية صباحا فوز رئيسي على حساب منافسيه، المحافظَين المتشددين محسن رضائي وأمير حسن قاضي زاده هاشمي، والإصلاحي عبد الناصر همتي.
وثبتت الأرقام النهائية هذا الفارق، اذ نال رضائي 11,79%، وهمتي 8,39%، وقاضي زاده هاشمي 3,45%. وكان عدد الأصوات اللاغية أعلى مما ناله أي من الثلاثة، اذ بلغ 3,726,870 صوتا.
وامتدت عملية الاقتراع 19 ساعة بين صباح الجمعة وفجر السبت.
وكشف روحاني صباحا عن انتخاب رئيس من الدورة الأولى، بدون ذكر اسمه. لكن مسارعة المنافسين الثلاثة الى تهنئة رئيسي، كانت كفيلة بكشف هويته.
واعتبر خامنئي الإيرانيين “الفائز الأكبر” في الانتخابات الثالثة عشرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
وقال في رسالة على موقعه الالكتروني “إنّ الفائز الأكبر في انتخابات الأمس هو الشعب الإيراني الذي وقف مرة أخرى في وجه الدعاية الإعلامية لمرتزقة العدو ووساوس الواهمين والمغرضين، وأثبت حضوره في قلب الميدان السياسي للبلاد”.
وكان المرشد حضّ مرارا في الفترة الماضية مواطنيه على المشاركة وتجاهل دعوات أطلقها معارضون في الخارج وعلى مواقع التواصل للامتناع عن التصويت.
ويعد رئيسي مقربا من خامنئي، وتولى مناصب عدّة خصوصاً في السلطة القضائية، وكان سادن العتبة الرضوية في مسقط رأسه مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق).
كذلك، تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد.
وخاض السباق الانتخابي أربعة من المرشحين السبعة الذين صادق مجلس صيانة الدستور على ترشيحاتهم بينما انسحب الثلاثة الآخرون قبل الاقتراع.
وأعطى استبعاد المجلس لأسماء مرشحين بارزين مثل الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني الذي كان يُتوقع أن يكون أبرز منافس لرئيسي، الانطباع بأن الانتخابات حسمت سلفا، وأثار أسئلة حول نسبة المشاركة فيها.
ويحظى الرئيس بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود الى المرشد.
وتعد السلطة القضائية التي تدرّج فيها رئيسي حتى ترؤسها، من أبرز هيئات النظام السياسي في الجمهورية الإسلامية، وركنا من أركانه الى جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وتلقى رئيسي اليوم زيارتي تهنئة من روحاني ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، وفق الاعلام الرسمي الإيراني.
وقال: “وضع أبناء الشعب مسؤولية ثقيلة على عاتقي من خلال منحهم الثقة لي”، مضيفا: “سأبذل أنا وحكومتي قصارى الجهود للقيام بالمسؤولية”.
وفي بيان منفصل أوردته وسائل إعلام محلية، تعهد الرئيس المنتخب أن يكون “خادم كل الأمة”، وتشكيل “حكومة جادّة، ثورية وضد الفساد”.
وتطوي الانتخابات عهد روحاني الذي بدأ في 2013 وتخلّله انفتاح نسبي على الغرب توّج بإبرام الاتفاق النووي.
لكن العهد ينتهي بخيبة أمل تناقض وعود البداية، لا سيما في الاقتصاد.
وشهدت مدن إيرانية عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، اعتمدت السلطات الشدّة في قمعها.
وسيكون الوضع المعيشي أولوية للرئيس المقبل، وهو ما شدد عليه خامنئي.
تهنئة بوتين والأسد
وبعد فوزه، تلقى رئيسي تهنئة دول وأطراف عدة.
وأمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في “تطوير التعاون الثنائي البنّاء في مجالات مختلفة، إضافة الى شراكتنا في العلاقات الدولية”، وفق الكرملين.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن اعتقاده بأن “التعاون بين بلدينا سيعزز بشكل إضافي” في عهد رئيسي، وفق ما أوردت الرئاسة التركية.
كما تلقى رسائل من الرئيس السوري بشار الأسد، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وحركة حماس.
من جهة أخرى، طالبت منظمة العفو الدولية ومقرها لندن، بـ”التحقيق” مع رئيسي بسبب “جرائم ضد الانسانية”.
ويربط معارضون في الخارج ومنظمات حقوقية بين رئيسي وحملة إعدامات طالت سجناء ماركسيين ويساريين عام 1988، حين كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران.
وسبق لرئيسي أن نفى هذه الاتهامات.