أنا في المقصورة الاخيرة – قصة قصيرة – يكتبها / د – سمير محمد
كُتبت هذه القصة في إحدى الصحف الفرنسية منسوبة لكاتب مجهول بعنوان :
في كل عام كان أهل الطفل “مارتان” يصطحبانه في القطار عند جدته ليقضي بضعة أيام من عطلة الصيف هناك ، ويتركونه عندها ويعودون بعد أيام لاخذه ..
ثم في إحدى الأعوام وقد بلغ الطفل 11 عام قال لهما : لفد أصبحت كبيرا الآن … ماذا لو ذهبت لوحدي الى جدتي هذا العام ..؟
وافق الأهل بعد نقاش قصير .. وها هما في اليوم المحدد واقفان على رصيف المحطة يكرران بعض الوصايا عليه ، وهو يتأفف : لقد سمعت ذلك منكما الف مرة ..!!
وقبل أن ينطلق القطار بلحظة اقترب منه والده وهمس له في أذنه :
” خذ هذه الورقة ولا تنظر فيها إلا إذا شعرت بالخوف أو الضيق “..ووضعها في جيبه .
جلس الطفل وحيداً في القطار دون أهله للمرة الأولى ، وبدا يشاهد تتابع المناظر من النافذة مع تحرك القطار .. ويسمع ضجة الناس الغرباء تعلو حوله ، يخرجون ويدخلون الى مقصورته .. حتى مراقب القطار تعجب ووجّه له بعض الأسئلة حول كونه دون رفقة ، حتى أن امرأة رمقته بنظرة حزينة ..
وبعد أن ابتعد القطار ارتبك ” مارتان ” وشعر بأنه ليس على ما يرام ، ثم شعر بالخوف .. فتقوقع ضمن كرسيه ، واغرورقت عيناه بالدموع ، في تلك اللحظة تذكر همس أبيه وتلك الورقة التي دسهاّ في جيبه لمثل هذه اللحظة ، فتّش في جيبه بيد مرتجفة وعثر على الورقة الصغيرة ..
فتحها وقرأ :
” يا ولدي، أنا في المقصورة الأخيرة في القطار “….
كذلك هي الحياة ، نطلق أجنحة أولادنا .. نعطيهم الثقة بأنفسهم .. ولكننا يجب ان نكون دائماً متواجدين في المقصورة الأخيرة طيلة وجودنا على قيد الحياة نبقى مصدر شعور لهم بالأمان .
وسيبقى الوالدان رمزا للجمال في حياة الأبناء والملاذ الدائم لهم بدون مقابل ….