مغازلة أنقرة للقاهرة.. دلالات وتبعات تضع «الإخوان» في مأزق
تواصل تركيا مغازلة مصر ومخاطبة ودها، عبر تصريحات لمسئولين، كان آخرها لوزير الدفاع التركي خلوصي آكار، الذي أكد أن بلاده تثني على احترام مصر للجرف القاري التركي خلال عملية ترسيم الحدود البحرية مع اليونان. وهو ما اعتبره خبراء تطوراً قد ينذر بفقدان جماعة الإخوان الحاضنة التركية.
وقبل أشهر تحدث مسؤولون أتراك عن وجود اتصالات على مستوى المخابرات بين القاهرة وأنقرة بشأن ليبيا، وفي أكتوبر الماضي، أبدى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين رغبة بلاده في إعادة العلاقات مع مصر، وأعقبها تصريحات على لسان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو بأن «تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط إن سنحت الظروف».
يأس أنقرة
وقال الباحث في العلاقات الدولية بهاء الدين عياد، إن مغازلة تركيا لمصر في الآونة الأخيرة تعبر عن يأس أنقرة من مقارعة القاهرة في المنطقة، فمصر ترسم الخطوط الحمراء وتفرض رؤيتها على مجريات الأمور، وآخرها التسوية الليبية.
وأضاف عياد، أن تركيا تعاني حصاراً شديداً من جهات عديدة، آخرها الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، وتدني العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وتدهور علاقاتها مع الدول العربية بسبب تدخلاتها في سوريا والعراق وليبيا، ولذلك تبحث عن بناء علاقات مع القوة الأكبر في المنطقة المتمثلة في مصر.
وتابع بأن الجانب المصري ليس في حاجة ماسة لبناء علاقات مع تركيا في الوقت الحالي، فعلى المستوى العربي هناك تحالف مصر والإمارات والسعودية، وعلى مستوى دول المتوسط العلاقات مع اليونان وقبرص في أفضل حالاتها، وأن الجانب التركي هو الذي يعاني بشكل أكبر من العزلة الدولية والإقليمية.
حاجة تركيا
وقال الباحث في الشأن التركي مصطفى صلاح، إن مصر تمتلك أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط، وتنقب بحرية في مياهها الإقليمية، وهو ما يجعل حاجة تركيا إلى مصر أكبر من حاجة الأخيرة إليها.
وأضاف صلاح لـ«الرؤية»، أن تركيا ليست معترفة باتفاقية البحار لعام 1982 والتي بموجبها رسمت مصر حدودها مع قبرص واليونان. متسائلاً: على أي أساس تطلب ترسيم الحدود؟
وأشار صلاح إلى أن تركيا عليها أن تبدي حسن النية وتتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية، لأن مصر تضع أمن المنطقة والأمن القومي العربي على رأس أولوياتها، وتنطلق من هذا الأساس في علاقاتها مع القوى الإقليمية والدولية.
ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية عبد الوهاب عيسى، أن جماعة الإخوان المسلمين مهددة بفقدان الحاضنة التركية حال تحسن علاقات القاهرة وأنقرة، خاصة أن الموقف التركي من الجماعة سبب رئيسي في تدني العلاقات السياسية بين البلدين.
وقال عيسى إن على الجماعة أن تبحث من الآن عن مكان بديل لتمارس من خلاله هجومها غير الأخلاقي على الدولة المصرية، لافتاً إلى أن الموقف التركي من البداية كان منحازاً إلى الجماعة الإرهابية وهو ما أدى إلى تدهور العلاقات مع القاهرة.
وتوقع عيسى أن يلجأ الإخوان إلى الولايات المتحدة ويتخذوها قاعدة جديدة، حال ضاقت بهم الأراضي التركية، خاصة في ظل إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، وحزبه الذي تعاون مع الجماعة في السابق.