اسرائيل : المحكمة الجنائية الدوليةمستقبلها في خطر بسبب التحقيق في “جرائم حرب” بالأراضي الفلسطينية
تحدث دبلوماسيون لم يتم الكشف عن أسمائهم عن قلق متزايد بشأن التسييس المزعوم للمحكمة؛ وقال وزير الخارجية الأمريكي إن التحقيق قد يقوض الجهود المبذولة لتحقيق حل الدولتين
أفادت تقارير ان دبلوماسيون غربيون حذروا يوم الخميس من أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها إسرائيل والفلسطينيون قد يعرّض مستقبل الهيئة القانونية في لاهاي للخطر.
وقال المسؤولون لقناة “كان” العامة الإسرائيلية إن هناك مخاوف متزايدة داخل المجتمع الدبلوماسي من التسييس المتزايد المزعوم للمحكمة وتحقيقاتها، وأنه تم إبلاغ المسؤولين في لاهاي بالمخاوف.
وسيتناول التحقيق الصراع المسلح في صيف 2014، لكنه يستبعد بشكل خاص أي تحقيق في مقتل ثلاثة مراهقين اسرائيليين على يد مسلحين فلسطينيين الذي أدى إلى بدء التصعيد.
علاوة على ذلك، قال الدبلوماسيون إن الولايات المتحدة على استعداد لإعادة النظر في معارضتها للمحكمة والعقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب في عام 2019، لكن إعلان يوم الأربعاء قد يؤثر على اتخاذ إدارة جو بايدن الحالية لمثل هذا القرار.
وقال متحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية يوم الأربعاء إن الإدارة تعارض “بشدة” قرار المحكمة، لكنها لا تزال تدرس ما إذا كانت ستبقي على العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب ضد الهيئة.
ومثل إسرائيل، الولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية ووجدت نفسها على خلاف مع المحكمة الدولية في لاهاي بسبب التحقيق المستمر في “جرائم حرب في أفغانستان ارتكبتها القوات الأفغانية وطالبان والجيش الأمريكي”.
وفي عام 2019، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات اقتصادية وقيودا على تأشيرات السفر ضد المدعية العام فاتو بنسودا، التي أصدرت إعلان الأربعاء وأحد مساعديها.
وقال وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن يوم الأربعاء إن واشنطن “تعارض بشدة وتشعر بخيبة أمل شديدة” من قرار المحكمة.
لكن بلينكن سلط الضوء على توضيح بنسودا بأن مكتبها سيحتاج إلى تقييم الأولويات والموارد قبل تحديد موعد وكيفية المضي قدما.
“لقد أدركت بنسودا سابقا أنه سيكون من المخالف للاقتصاد القضائي إجراء تحقيق في سياق الاختصاص القضائي غير المختبر قضائيا لهذا الوضع، فقط لتكتشف لاحقا أن الأسس القانونية ذات الصلة كانت مفقودة. كما أقرت، هذا الاحتمال يبقى ممكنا اليوم”، قال بلينكن.
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي أن التحقيق قد يقوض جهود حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأشار إلى أن واشنطن ما زالت ملتزمة بأمن إسرائيل.
“تعتقد الولايات المتحدة أن مستقبلا سلميا وآمنا وأكثر ازدهارا لشعوب الشرق الأوسط يعتمد على بناء الجسور وخلق سبل جديدة للحوار والتبادل، وليس الإجراءات القضائية الأحادية التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض الجهود المبذولة لدفع عجلة حل الدولتين المتفاوض عليه. سنواصل التمسك بالتزامنا القوي تجاه إسرائيل وأمنها، بما في ذلك من خلال معارضة الأعمال التي تسعى إلى استهداف إسرائيل بشكل غير عادل”.
ورحبت السلطة الفلسطينية بقرار فتح التحقيق، بينما أدانته إسرائيل بشدة، ووصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “مثال على معاداة السامية والنفاق”. القرار جاء بعد أقل من شهر من حكم المحكمة بأنها مختصة بفتح تحقيق.
لكن قال مسؤول كبير بوزارة العدل إن إسرائيل لم تقرر بعد ما إذا كانت ستتعاون مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية.
وقال روي شوندورف، نائب المستشار القضائي للقانون الدولي، لإذاعة الجيش إن قرار المحكمة كان مدفوعا بـ”أجندات سياسية” وأن فتح التحقيق غير مبرر، لكن إسرائيل لم ترفض أي مشاركة صراحة.
وقال شوندورف إن “سلوك المحكمة حتى الآن، والمدعية العامة على وجه الخصوص، لا يولد بثقة كبيرة في الطريقة التي ستحدث بها الإجراءات”، مضيفا أن هناك “سؤالا كبيرا حول قيمة التعاون”. وقال المستشار القضائي للحكومة أفيخاي ماندلبليت الأربعاء إن قرار فتح التحقيق يقوض شرعية المحكمة.
وأضاف أن المسؤولين القانونيين الإسرائيليين يراقبون القضية عن كثب وعلى استعداد للتعامل مع أي تطورات محتملة في المحكمة، بينما أكد مجددا أن إسرائيل والعديد من الدول الأخرى جادلت بأن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها ولاية قضائية على القضية، لأن إسرائيل ليست عضوا ولأن فلسطين ليست دولة.في عام 2019، أشارت بنسودا إلى أن التحقيق الجنائي، إذا تمت الموافقة عليه، سيركز على الصراع بين إسرائيل وحماس في عام 2014 (عملية الجرف الصامد)، وعلى سياسة الاستيطان الإسرائيلية، وعلى الرد الإسرائيلي على مظاهرات حدود غزة. ومن المرجح أن يركز التحقيق أيضا على اتهامات بارتكاب جرائم حرب من قبل حركة “حماس” ضد الإسرائيليين. المحكمة الجنائية الدولية لا تحاكم البلدان، بل الأفراد.
وقالت بنسودا في تصريح إن “التحقيق سيغطي الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، والتي من المفترض أنها ارتكبت في 13 يونيو 2014، التاريخ الذي تمت الإشارة إليه في إحالة القضية إلى مكتبي”.
“سيتم إجراء أي تحقيق يقوم به المكتب بشكل مستقل وحيادي وموضوعي دون خوف أو محاباة”.
وفي تاريخ 13 يونيو 2014 قام مسلحون فلسطينيون بخطف وقتل ثلاثة إسرائيليين في منطقة غوش عتصيون بالضفة الغربية في اليوم السابق. ومن خلال طلب فتح تحقيق يبدأ في 13 يونيو، ضمن الفلسطينيون أن المحكمة الجنائية الدولية لن تنظر في مقتل إيال يفراح، جلعاد شاعر، ونفتالي فرنكل.
وأشارت إلى رفضها السابق للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية بشأن الغارة على سفينة “مافي مرمرة” التركية في عام 2010. وقالت أنه “في الوضع الحالي، هناك أساس معقول للمضي قدما وهناك قضايا محتمل قبولها”.
ورحبت حماس التي تحكم قطاع غزة بقرار المحكمة الجنائية الدولية.
لكن أيضا، حماس متورطة بشكل مباشر في جرائم حرب التي تسعى المحكمة للتحقيق فيها. ودافع المتحدث باسم حماس في بيانها عن الحركة ووصفها بأنها “مقاومة مشروعة” ضد إسرائيل.
وفي شهر يونيو، سيتم استبدال بنسودا بالمحامي البريطاني كريم خان، الذي لديه القدرة على إغلاق التحقيق.