الهند تنعش آمال الدول الفقيرة بإطلاق أكبر حملة في العالم لتوزيع لحاق كورونا
نيودلهي-أطلقت الهند، التي يبلغ عدد السكان بها أكثر من مليار ونصف، أكبر حملة في العالم للتطعيم ضد فيروس كورونا، بعد أن اعتمدت السلطات الصحية في البلاد لقاحين تم تصنيعهما محلياً بأسعار زهيدة جداً. وتهدف هذه الحملة الضخمة، إلي تطعيم حوالي 300 مليون مواطن بحلول الصيف القادم، حيث تم افتتاح أكثر من 3 آلاف مركزً لتوزيع اللقاحين في مختلف أنحاء البلاد، علي أن يزيد هذا العدد تدريجياً خلال الفترة القادمة. وشهد اليوم الأول لبدء هذه الحملة، تطعيم أكثر من 191،000 شخص.
وتستعد الحكومة الهندية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لإمداد الدول الفقيرة بهذين اللقاحين، تأكيداً منها لالتزاماتها الأخلاقية والإنسانية نحو شعوب هذه الدول. وطبقاً للسلطات الصحية في البلاد، فإن أول هذين اللقاحين، أطلق عليه اسم آسترازينيكا، وهو البدبل المحلي للقاح الذي تم تصنيعه بواسطة معامل أكسفورد، أما اللقاح الثاني المصنع محلياً، فقد أطلق عليه اسم كوفاكسين. ولايتجاوز سعر الجرعة الواحدة من أيٍ من هذين اللقاحين مبلغ 2.75 دولار، في حين يبلغ سعر الجرعة من اللقاح الذي تقوم شركة فايزر بتصنيعه حوالي 19. 50 دولار.
ويذكر أن لقاح آسترازينيكا، يقوم علي تصنيعه معهد سيروم، الذي يعد من أكبر معامل تصنيع اللقاحات في العالم. بينما تقوم شركة بهارات بايوتك للأدوية بتصنيع لقاح كوفاكسين. وطبقاً لما صرح به الدكتور آدار بوناوالا-الرئيس التنفيذي لمعهد سيروم-فإنهم سيبدأون في توزيع هذين اللقاحين للعديد من الدول الفقيرة والنامية، في وقت لاحق من هذا الشهر.
وفي تصريح له بمناسبة بدء هذه الحملة، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن هذا الإنجاز العالمي الضخم، الذي توصلت إليه الشركات الهندية، لهو دليل قوي علي عبقرية العقول الهندية وابتكاراتها، إلا أنه حذر المواطنين من أن يدفعهم توافر اللقاحين في البلاد بهذه الأسعار الزهيدة، إلي عدم الالتزام بالتدابير الوقائية مثل الحفاظ علي التباعد الإجتماعي وارتداد الكمامة.
ومن ناحية أخري، أكد وزير الصحة الهندي هارش فاردان، علي انتصار الهند في معركتها ضد فيروس كورونا المعروف في الأوساط الطبية باسم كوفيد-19. وأضاف وزير الصحة الهندي أن العلماء الهنود أصبحوا علي معرفة ودراية تامة بالعدو الذي يحاربونه، كما أنهم يعرفون كيفية انتشاره وتحوره.
وفي تصريحات صحفية له، بمناسبة انطلاق أكبر حملات التطعيم في العالم، أكد الوزير أن العلماء الهنود أصبح لديهم الخبرات الكافية للتعامل مع أصعب المواقف في هذا الشأن.
وخلال تفقده لسير العمل في مركز تروما التابع للمعهد الهندي للعلوم الطبية، قال وزير الصحة الهندي أن الموقف الصحي في البلاد آخذاً في التحسن لمنع انتشار الفيروس، كاشفاً انخفاض أعداد الإصابات والوفيات في المناطق، التي كانت تعد الأسوأ في هذا الأمر، مثل ولاية ماهاراتشرا، وولاية جوجورات، وولاية أندرا برايش، والعاصمة نيو ديلهي.
وفي باديء الأمر، فإنه سيتم توزيع هذين اللقاحين مجاناً علي أكثر من 30 مليون شخص، ممن هم علي خط المواجهة في المعركة ضد هذا الوباء الفتاك، مثل الفرق الطبية، وأفراد القوات المسلحة، وموظفي البلديات. بينما تستهدف الحملة في مرحلتها الثانبة حوالي 270 مليون شخص، ممن تزيد أعمارهم عن ال 50 عاماً، أو ممن تقل أعمارهم عن هذه السن ولكنهم مصابون بأمراض مزمنة.
وفي سياق آخر، نجحت الحكومة الهندية في توفير كميات كافية من وسائل الحماية الشخصية في كافة أرجاء البلاد ، وذلك بإنشاء اكثر من 106 وحدة صناعية لانتاج هذه الوسائل محلياً، دون الحاجة لإستيرادها من الخارج. كما ارتفع عدد المصانع التي تقوم علي صناعة وتوفير الماسكات وغيرها من أغطية الوجه، لحماية الشخص من الإصابة بفيروس كورونا في حالة مخالطته لأشخاص مصابين.
وفي نفس الوقت، نجحت الحكومة الهندية، بالتعاون مع العديد من المراكز البحثية في البلاد، في انتاج أجهزة تنفس حديثة، مطابقة للمستويات والشروط العالمية. وحتي الآن تم تصنيع حوالي 59 الف جهاز تنفس صناعي بواسطة عدد 9 مصانع محلية في ولايات مختلفة في الهند.
وتشير التقارير والبحوث الطبية، أن انتشار هذا الوباء في الهند، كان سببه عودة مواطنين مصابين من الخارج. فأول إصابة بفيروس كورونا في الهند، أكتشفت أواخر شهر يناير من العام الماضي في ولاية كيرالا، بعد عودة ثلاثة مواطنين من مدينة ووهان الصينية. ولم يكد يمر شهر حتي تم اكتشاف اصابتين جديديتين، إحداهما لمواطن هندي عائد من ايطاليا، والآخر كان يعمل في دبي. وهو الأمر الذي أسرعت معه الحكومة الهندية، بالإعلان عن حظر السفر من وإلي الهند، وهي نفس الإجراءات التي اتبعتها الحكومة في السابق، للحد من انتشار الفيروس المعروف باسم سارس، الذي ضرب مناطق شرق آسيا في التسعينيات، ووباء ايبولا الذي انتقل للهند من دول أفريقية.
وشملت الاجراءات الاحترازية أيضاً، التي طبقتها السلطات الهندية بصرامة، ضرورة أن يقوم الشخص الذي يستعد للسفر للخارج، بوضع نفسه في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً قبلها. كما تم حظر الطيران من دول ارتفعت بها الإصابات بصورةٍ مخيفةٍ. وطبقاً للتقارير الطبية الدقيقة، فقد ساعدت هذه الإجراءات، التي تم فرضها بصرامة، علي انخفاض حدة الإصابة بالفيروس في الهند إلي حد كبير.