سيناريو مشابه للبوعزيري.. صفعة لراعي أغنام تشعل الاحتجاجات في تونس
هدوء حذر يخيم اليوم السبت على شوارع مدينة سليانة شمال غرب تونس، بعد يوم من المواجهات بين شبان غاضبين، وبين قوات الأمن، إثر صفعة تلقاها راعي أغنام من شرطي بالبلدية، في مشهد أعاد إلى أذهان التونسيين الصفعة التي تلقاها محمد البوعزيزي في 17 ديسمبر 2010، وأدت إلى احتجاجات عارمة انتهت بسقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وامتدت احتجاجات الجمعة في وقت سريع إلى مدن أخرى في نابل وسوسة والقصرين والقيروان، إلى جانب اعتصام شبان مدينة الصخيرة وسط البلاد، التي سبقت احتجاجات سليانة، كما امتدت الاحتجاجات مساء الجمعة إلى الضواحي الشعبية حول العاصمة في الكرم شمال العاصمة، والسيجومي وسيدي حسين، وهما من أفقر الضواحي التي ينحدر معظمها من محافظة سليانة، وذلك رغم منع التجول والحجر الصحي الشامل
شرارة سليانة
محافظ سليانة عبدالرزاق دخيل، سارع لدعوة الراعي، والاعتذار له، في حين قررت وزارة الداخلية نقل فرد الأمن الذي صفع الراعي، إلى خارج محافظة سليانة لتهدئة الوضع، لكن الإعلامي عبدالسلام السمراني الذي يتابع الأحداث من المحافظة، أكد لـ«الرؤية» أن الوضع ما زال محتقناً، ومرشحاً للتصعيد، ويتوقع أن تتوسع دائرة الاحتجاجات إلى كل مدن المحافظة».
وعن الاتهامات ضد المحتجين بأنهم «مجموعة من المنحرفين»، بعد اعتقال قوات الأمن لثمانية منهم، نفى السمراني هذا وأكد أن شعور المواطنين بالإهانة لصفعة مواطن فقير كان وراء الاحتجاجات، واعتبر السمراني أن الاحتجاجات طيلة يوم وليلة الجمعة كانت تفوق احتجاجات ديسمبر 2010 ويناير 2011، على حد قوله.
مستقبل الاحتجاجات
في هذا السياق، اعتبر الأستاذ في جامعة قرطاج، الدكتور عبدالقادر الحمدوني «أن الخوف من الغضب الشعبي في ذكرى 14 يناير كان وراء قرار الحجر الشامل لمدة 4 أيام، وهي مدة لن تغير شيئاً في مستوى انتشار جائحة كورونا، وإنما هي حيلة لمنع المواطنين من التجمع والاحتجاج»، بحسب قوله.
وأضاف الحمدوني قائلاً «دائرة الغضب تتسع وهذا شيء طبيعي بعد عقد كامل لم يجد المواطن خلاله أي تغيير في حياته، بل ازداد الوضع سوءاً».
من جهته، قال الباحث في مركز الدراسات الاجتماعية والاقتصادية، والدبلوماسي السابق، الدكتور نوفل الزيادي لـ«الرؤية»: «سليانة قد لا تكون إلا البداية بعد 10 سنوات من الفشل المتتالي للحكومات المتعاقبة، التي لم تقدم شيئاً للتونسيين، فهذا الغضب متوقع ومبرر، ولا بد من حلول جذرية لا أعتقد أن الحكومة تملكها»، بحسب قوله.
وكانت مدينة سليانة قد شهدت مواجهات عنيفة بين المواطنين والشرطة في شتاء 2012 خلال عهد حكومة حمادي الجبالي السابق، الأمين العام لحركة النهضة آنذاك، وقد أصيب عدد من المواطنين بنوع من الرصاص مخصص لاصطياد الحيوانات وفيهم من فقد بصره وما زالت قضاياهم تنظرها المحاكم ضد وزير داخلية النهضة آنذاك علي العريض.
ويعرف شهر يناير لدى التونسيين بأنه «شهر الغضب»، حيث كان شاهداً على العديد من الأحداث الساخنة التي شهدتها البلاد، بدءاً من سنة 1978 عندما وقعت مواجهات دامية بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، وصولاً إلى يناير 2011 الذي أسقط نظام بن علي، مما أثار تساؤلاً حول مدى قدرة صمود حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي أمام غضب الشارع خلال يناير هذا العام.