بلومبرغ: أردوغان يستسلم للأسواق
اتخذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سلسلة إجراءات لتعويم سعر الليرة عقب تدهور قياسي في مقابل الدولار. عن هذه التطورات، كتب أونور آنت في موقع “بلومبرغ” الأمريكي قائلاً، إن أردوغان، أتبع في الأيام الأخيرة، قراره بعزل حاكم المصرف المركزي مراد أويسال واستقالة صهره بيرات ألبيرق الذي كان يعتبر قيصر الاقتصاد، بتعهد لاحتواء التضخم والعمل على وضع تركيا على طريق نمو مستدام.
وهكذا ارتفعت الأصول التركية بعدما لمح المستثمرون ضوءاً أخضر محتملاً لزيادة أسعار الفائدة، بهدف تحقيق استقرار العملة التي فقدت نصف قيمتها مقابل الدولار منذ مايو (أيار) 2018.
هذا التطور دفع الخبير الاستراتيجي لدى سوسيتيه جنرال في لندن إلى التعبير عن التفاؤل بقوله إن “الأدلة تتجمع بسرعة حول حرص تركيا على تنفيذ تحوّلٍ جذري في صنع السياسات نحو إطار أكثر تقليدية. نعتقد أن المصرف المركزي سيلجأ إلى رفع مهم في أسعار الفائدة” الأسبوع المقبل بمقدار 4 نقاط مئوية لتبلغ 14.25 في المئة.
الليرة والبورصة
كما سجلت الليرة التركية وبورصة الأوراق المالية أرتفاعاً بعد تعهدات أردوغان. وحققت الليرة مكاسب بمقدار 4.6 في المئة مقابل الدولار الأربعاء. وهي تتجه نحو تحقيق مكسبها الأسبوعي الأكبر خلال عقد من الزمن، بعدما تراجعت بنسبة 0.6 في المئة الخميس. وواصل مؤشر بورصة اسطنبول ارتفاعه لليوم التاسع، مدفوعاً بقفزة في أسهم البنوك، التي دفعت المؤشر التركي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.
ولفت الكاتب إلى أن موقف أردوغان يشكل انعطافة نوعيه في المسار الذي اجتاح الأسواق التركية على مدى العامين الماضيين. وكان أردوغان وعد قبيل أدائه اليمين بموجب الدستور الجديد الذي يمنحه صلاحيات مطلقة تقريباً في عام 2018، بسيطرة كاملة على السياسة النقدية من خلال اتباع وجهة نظر غير تقليدية، مفادها أن معدلات الفائدة المتدنية تؤدي إلى إبطاء التضخم. لكن هذه السياسة لم تنجح، خصوصاً تحت ثقل الركود العالمي، الذي تسبب فيروس كورونا المستجد.
تراجع الاحتياط
وبهدف دعم الليرة، باعت المصارف التركية أكثر من مئة مليار دولار هذه السنة وحدها، وفقاً لتقديرات غولدمان ساكس. وهذا ما أدى بدوره إلى هبوط الاحتياط من العملات الأجنبية بأكثر من النصف ليصل إلى 18.4 مليار دولار، بينما بلغت الأموال التي تم اقتراضها من المصارف بمقايضات قصيرة الأجل، عشرات مليارات الدولارات. ولامست الليرة أدنى مستوى لها على الإطلاق الأسبوع الماضي، لتبلغ خسائرها أكثر من 30% هذه السنة.
شكوك
ولا تزال هناك شكوك حول التحول في سياسة أردوغان وحول المدة التي سيستمر بها قبل أن تفرض أولوياته الانتخابية تبني سياسة معاكسة. وكانت معركة أردوغان مع الأسواق المالية بدأت في مستهل 2018، العام الذي أقسم فيه اليمين كرئيس بصلاحيات إضافية وعين صهره ألبيرق على رأس الاقتصاد. وتلا هذا التعيين خلاف ديبلوماسي مع الولايات المتحدة حول قس أمريكي في تركيا. وسارع أردوغان إلى لوم “لوبي أسعار الفائدة” الغامض، عن المضاربات التي تعرضت لها العملة التركية في وقت كانت الليرة تواصل انخفاضها.
وقال الكاتب إن أردوغان لم يكن على دراية تامة بالتعاملات التي تشمل الاحتياط التركي من العملات الأجنبية. لكن الأزمة انفجرت بعدما طلب الرئيس تفسيراً من المصرف المركزي لقرار اتخذه في سبتمبر (أيلول) برفع سعر الفائدة لمدة أسبوع إلى 10.25%، وفق ما أفاد مسؤولون مطلعون على القضية. وأتاحت المحادثات التي تلت ذلك مع أويسال ومسؤولين كبار آخرين بينهم حاكم المصرف الحالي ناجي إقبال، تكوين صورة أوسع عن الالتزامات بالعملات الأجنبية ومقارنتها بالاحتياطات الصافية.
ومع ذلك، أوضح الكاتب أن دعم أردوغان يُعد أمراً حاسماً لحاكم المصرف المركزي الجديد، الذي سيواجه اختباراً لصدقيته في الاجتماع الأول مع لجنة رسم السياسات المالية ووزير المال الجديد لطفي إلفان في 19 نوفمبر (تشرين الثاني). ومع قول أردوغان إنه لن يتدخل، ارتفعت نسبة التفاؤل حيال سماح تركيا برفع أسعار الفائدة إلى مستوى كافٍ للتكيف مع التضخم.