خطط قطر لكأس العالم 2022 في مهبّ كورونا
رأى مدير الرياضة الأوراسية (الأوروبية الآسيوية) في جامعة إمليون لإدارة الأعمال سايمون شادويك أن قطر ستُواجه خسارة كبرى، في حال فشلت في إثبات أنها دولة آمنة على كافة الصعد لاستقطاب عشّاق كرة القدم خلال استضافتها كأس العالم في عام 2022.
وقال شادويك، في تحليل في موقع “بوليسي فوروم”، إنه عند إنشاء الملاعب الرياضية الجديدة، انطلقت قطر من مقولة “إذا أنشأتها، سيأتون”، أي أن الجماهير ستنجذب بشكل غريزي إلى مكان جديد لتجربة المرافق اللامعة والرياضة الرائعة التي تُقام داخلها.
التحدّي الحالي أمام قطر حتى تنظيم بطولة كأس العالم 2022، هو أن تُثبت أنها آمنة من فيروس كورونا بما يكفي لتنظيم مثل هذا الحدث
إذا كان هذا الشعار صحيحاً، فإن قطر تتطلّع لوصول مجموعات كبيرة من مُشّجعي كرة القدم إليها لحضور مُباريات كأس العالم 2022. لكن هل هذا ما سيحصل؟
هل المرافق الجديدة كافية؟
غالباً ما يتساءل النُقّاد عما إذا كانت المرافق الجديدة وحدها كافية لإغراء أعداد كبيرة من الناس للإنخراط في النشاطات الرياضية. ويبدو أن هذا هو السؤال الذي يشغل قطر بشكل خاصّ. في السنوات العشر الماضية منذ الإعلان عن استضافتها لبطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، تساءل كثيرون عن شرعية حقّ قطر في استضافة البطولة.
هيمنت مزاعم الرشى، والمخاوف بشأن معاملة العمّال المهاجرين، والحجج التي تُشكّك بتمتّع قطر بثقافة كرة القدم، ما أثار الشكوك حول حضور المشجّعين.
توتر العلاقات مع الجيران
لم تُهدّئ إعادة جدولة البطولة من الصيف إلى أواخر الخريف، موجة التشكيك في استضافة قطر لكأس العالم. كما أن توتّر العلاقات الديبلوماسية المُستمرة بين قطر وجيرانها مثل السعودية والإمارات ومصر تُمثّل مُشكلة لقطر. تُعتبر السعودية قوة كبرى في مجال كرة القدم الإقليمية، وغالباً ما تجذب المباريات التي تستضيفها حشوداً كبيرة من المُشجّعين. ويفترض أن يُسافر عدد كبير منهم عبر الحدود البرية إلى قطر لمُشاهدة المباريات. كما تشتهر مصر بقاعدة جماهيرية كبرى ومُتحمّسة لكرة القدم، وعلينا انتظار ردّة فعل الكثير منهم حول إمكانية السفر إلى جارتهم الصغيرة لحضور المباريات.
إغلاق المعابر
والأمر مُشابه في الإمارات، وتحديداً دبي. قبل فرض الحصار على قطر في عام 2017، كان مطار دبي نقطة عبور مهمّة لعشّاق كرة القدم الذين يُسافرون لحضور المباريات حول العالم. غير أن نقطة العبور هذه غير متاحة حالياً للسفر إلى قطر. وبالتالي، يُعتبر مطار حمد الدولي المسار الوحيد للدخول والخروج من قطر عبر الخطوط الجوية القطرية.
هذا العام، ومع الأضرار التي طالت قطاع الطيران حول العالم بسبب تفشّي فيروس “كورونا” المستجد، دعمت الحكومة القطرية شركة الطيران الوطنية بتقديم مساعدات حكومية بمليارات الدولارات. يعتمد النجاح المُطلق لبطولة كأس العالم 2022 وإرثه بشكل وثيق على تعافي الخطوط الجوية القطرية على المدى الطويل، لأن أي ضرر يطالها سيؤدي إلى تقويض البطولة المقبلة.
كورونا
ومع ذلك، فإن وباء كورونا يُشكّل، بحدّ ذاته، أكبر تهديد لأي تنبؤ قطري بنجاح البطولة. تسبّب فيروس “كورونا” بإلغاء العديد من الأحداث الرياضية الضخمة، وإعادة جدولة أخرى، وبالأخصّ دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية 2022 في طوكيو. يُوفّر تأجيل موعد انعقاد كأس العالم لكرة القدم 2022، متنفّساً لقطر والفيفا، ولكن الأمور لا تسير وفق الآمال المعقودة في عالم الرياضة مؤخراً، حيت تمّ تنظيم العديد من البطولات الرياضية افتراضياً أو حتى من دون جمهور.
بشكل عام، سيأخذ مُنظّمو كأس العالم القطريين في اعتبارهم سمعة البطولة ومسؤولياتهم، على الرغم من أنه من المهم أيضاً أن يظلّوا مُتيقنين لمخاوف الناس بشأن الفيروس.
ذكرت إحدى الدراسات التي أُجريت في الولايات المتحدة أن 72% من المُشجّعين أشاروا إلى أنهم لن يعودوا لمشاهدة الرياضة في الملعب حتى يتوفّر لقاح للفيروس. ومع ذلك، يفتقد العديد من المُشجّعين تجربة التواجد والوقوف إلى جانب الآخرين وتشجيع فرقهم.
تغيّر في قواعد الرياضة
يطرح كل هذا التغيير في قواعد الرياضة بعض القضايا العميقة والمُعقّدة لقطر، الدولة التي أنفقت مليارات الدولارات على تنظيم كأس العالم 2022، الحدث الذي يُساعد في دفع استراتيجية التنمية الوطنية للبلاد ويهدف إلى تحقيق عائد ملموس على الإستثمار.
بطولة من دون مُشجّعين
ستكون البطولة بدون مُشجّعين بمثابة ضربة كبيرة للدولة، من حيث التأثير الإقتصادي الفوري للحدث وإرثه على المدى الطويل. كما أن تداعياتها على القوة الناعمة القطرية وتطلّعاتها لاكتساب العلامة التجارية القومية ستكون أيضاً في خطر.
وبالتالي، فإن التحدّي الحالي أمام قطر حتى تنظيم بطولة كأس العالم 2022، هو أن تُثبت أنها آمنة من فيروس كورونا بما يكفي لتنظيم مثل هذا الحدث، ويتضمّن ذلك فهم مواقف وسلوكيات المُشجّعين في جميع أنحاء العالم، والاستجابة بطريقة تُخفّف من مخاوفهم بشأن السفر إليها.
وختم شادويك قائلاً إنه بعد أن شيّدت الملاعب الشهيرة والبنية التحتية المُثيرة للاعجاب، تحتاج حكومة الدوحة إلى أن تضمن حضور المُشجّعين، وستكون الأشهر الثمانية عشر المُقبلة ذات أهمية حاسمة بالنسبة لقطر، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، ولكل شخص في عالم كرة القدم يرغب في نجاح كأس العالم 2022.