“الخليج الكبير”.. لماذا بدأ الإعلام الإسرائيلي بالترويج له؟
من دون جهد إضافي يمكن التماس ملامح الهلال الجديد. نتحدث هنا عن هلال التطبيع. هلال يكاد يكتمل طور نموه لكنه ينمو ليُدخل من يقع تحت ظلاله في مرحلة الخسوف. تضع الولايات المتحدة الأميركية الخطوط الأخيرة في الخريطة المرسومة له.
زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تثبت خطوط التماس والالتقاء بين المطبعين والتنافر مع الرافضين في رحلة من تل أبيب إلى الخرطوم فالإمارات والبحرين والسعودية.
لم يعد السؤال من في هذا الهلال؟ بل لماذا؟
الإجابة تكتب بالقلم الأميركي والهوى الإسرائيلي وعبر أنظمة عربية تربط أصل وجودها بالسياسات الأميركية فما عليها إلا التنفيذ مالياً وإعلامياً.
وعلى مدار السنوات الماضية لم تترك الماكينة الإعلامية لهذه الدول فرصة إلا وسعت فيها لقلب المفاهيم أو نسفها من خلال صراخ تحريضي لتعزيز مصطلح “الهلال الشيعي” وكأن المقاومة أو القضية الفلسطينية مرتبطة بطائفة أو مذهب، إضافة إلى تشويه ثقافي وفكري وتحويل بوصلة العداء من “إسرائيل” صوب إيران وتعزيز استقطابات عميقة بحدود حادّة وفاصلة بين معسكرين متناقضين.
حتى أن الأجندة الأمنية الواضحة والمباشرة لاتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي على عكس الاتفاقيات العربية السابقة مع “إسرائيل” تكشف أن هاجس الاتفاق الأول هو إيران.
تريد دول التطبيع جعله أمراً واقعاً وفعلاً نافذاً لتحقيق استثمار سياسي على حساب القضية الفلسطينية لكن ما يفوت هذه الدول أن فلسطين أم القضايا العربية قضية متغلغلة في الوجدان العربي وأن هذا التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي هو تطبيع أنظمة لا شعوب.
دول الخليج الكبير بالنسبة لـ”إسرائيل” هي الدول سواء التي وقعت اتفاقيات سلام أو الدول التي تطمح “إسرائيل” أن توقع معها اتفاقات على شكل الاتفاق الأخير بين الإمارات و”إسرائيل”.
وقعت الأردن ومصر بطبيعة الحال اتفاقيتين: “كامب دايفيد” و”وادي عربة”، لكن المسألة الأهم أن الاتفاق المكتوب في هذه الدول لم يروِ ظمأ “إسرائيل” في ما يتعلق بالجانب العملي، السائح الإسرائيلي “لا يسرح ولا يمرح” في الأردن، على سبيل المثال، العديد من المقاهي تكتب على أبوبها “ممنوع دخول الإسرائيلي”.
“إسرائيل” تطمح إلى أكثر من ذلك في مصر والأردن على سبيل المثال، تطمح إلى “الدولتين بشعوبهما” في داخل “إطار سلام” وهذا ما لم يتحقق حتى اللحظة. في الخليج هي تراهن على أن تتواجد عسكرياً وأمنياً لترسل رسالة واضحة إلى طهران، وتقول لها كما أن محور المقاومة المتمثل في حزب الله موجود على حدود فلسطين المحتلة “فنحن أيضاً نرغب بالتواجد على حدودكم البحرية من خلال الإمارات أو عمّان أو السعودية أو باقي دول الخليج”.
“إسرائيل” أيضاً جرت السودان إلى هذا التطبيع، فبدأت بتقسيمه من الجنوب ثم إلى عدد من القبائل.
هي تطمح إلى جر المغرب العربي سواء من خلال المغرب أو موريتانيا إلى خانة التطبيع لأنها تعرف أن الموجة العالية ضد التطبيع هي في المغرب العربي بشكل عام، وبالتحديد في تونس والجزائر.
لا شك أن الولايات المتحدة تريد أن تعطي صيغة ما للمنطقة بعد انهيار الدولة العثمانية، لكنها تنشد الآن تسليم المنطقة إلى قطب وكيل محلي كبير مثل “إسرائيل”، بحيث أن يكون المتصدي مستقبلياً “الخليج مقابل إيران”.
أميركا تحاول فرض المشروع الجديد من خلال 3 أدوات: “دولة إسرائيلية جديدة” خارج إطار العزلة، اقتصاد طاقة جديد وبنية تحتية تتحكم فيها “إسرائيل”.