انجازات واخفاقات في دفتر زيارة بومبيو
وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو حمل لتل أبيب في زيارته التي استمرت لعدة ساعات بشرى وتحذيرا وتطمينا، أما البشرى فهي انضمام دولتين عربيتين جديدتين إلى الإمارات في موجة التطبيع الجديدة، هما السودان والبحرين وفقا لهؤلاء، الدولتين اللتين انتقل إليهما بومبيو بعد كيان الاحتلال.
أما التحذير فهو ضرورة منع التوغل الصيني في الاقتصاد الإسرائيلي وكبح جماح الصين عن فرض نفسها من خلال تطوير شبكات الجيل الخامس وهو الأمر الذي تعمل عليه الولايات المتحدة منذ أشهر في دول شرق أوسطية وأوروبية.
أما التطمين الذي حمله رئيس الدبلوماسية الإمريكية بحسب هؤلاء الأفراد، فهو إعادة فرض الحظر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبأن الأخيرة لن تحصل على السلاح النووي بأي شكل من الإشكال. لكن وكما يبدو فإن زيارة بومبيو لتل أبيب وعواصم عربية أخرى هدفه هذه المرة انتخابي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل حالة الانهيار التي يعيشها حليف ترامب، بنيامين نتنياهو وفي ظل سجل الفشل الذي سيدخل به ترامب إلى الولاية الثانية.
أحد المسؤولين الفلسطينيين البارزين قال في لقاء تلفزيوني إن الامارات ليست أكثر من أداة تحركها واشنطن لصالح الاحتياجات الخاصة بها وبتل أبيب، وعمليا إعلان التطبيع بين الاحتلال وأبوظبي أكد بشكل كبير أنه لصالح طرف دون الآخر من خلال رفض الاحتلال علنا تزويد الولايات المتحدة لأبوظبي بطائرات إف 35، وهو الأمر الذي حدا بالعاصمة الخليجية أن تعلن عن خيبة أملها من الحليف الجديد. وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف التقط المشهد وشرّحه بذكاء متناهي عندما قال بأنه لا يمكن للامارات شراء أمنها من تل أبيب مشيرا إلى أن الكيان الاسرائيلي عاجز عن تأمين الأمن لنفسه، وهذا واقع لا جدال فيه لأن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف تستطيع تل أبيب أن تمنح أمنا للامارات في مواجهة ايران في وقت تل أبيب هي ذاتها غير قادرة على حماية نفسها من فصائل مقاومة تقدم ايران لها الدعم، وبما أن الامارات كما جاء على لسان المسؤول الفلسطيني أداة بيد واشنطن.
ولا تملك من أمرها شيئا فهذا يعني أن تأثيرها في المستقبل على بعض العواصم العربية كي تحدوا حدوها لن يكون كبيرا وإن كان البعض يرى بأن السعودية هي التي تقف في الظل في لعبة التطبيع، إلا أن السعودية أضعف من أن تخطو مثل هذه الخطوة وأن تجاهر في العلاقات مع الاحتلال الاسرائيلي، وقد تكون الرياض قرأت بشكل جيد ردة الفعل الشعبية العربية على قرار أبو ظبي وكذا الرد الفلسطيني وتأكدت أن الاقتراب من الاحتلال وإشهار الزواج يعني الوقوع في شباك معقدة التنظيم والخروج منها قد يكون بإحراق كل شيء بما في ذلك مستقبل ولي العهد الذي ينتظر بفارغ الصبر الجلوس على العرش.
أما باقي الدول العربية التي يراهن عليها ولي عهد أبو ظبي فاعتقد أنها وضعت هي الأخرى كوابح للانجرار نحو التطبيع المجاني وعلى العكس فإذا كانت متشجعة باتت مع إعلان أبو ظبي خيبة أملها تفكر مليا في ما ستحصده من نتائج، والمحصلة التي من المفترض الوصول اليها أن تل ابيب وواشنطن في ظل حكومة نتنياهو وإدارة ترامب لا يفكران كثيرا فيما سيحصده الطرف الآخر في العلاقة، المهم ما سيحصدانه هما من هذه العلاقة حتى ولو كانت النهاية التضحية بالطرف الآخر لصالح اتفاق أفضل وأكثر ربحا.