الادب والثقافة

هؤلاء الفلسطينيات المتزوجات من يهود إسرائيليين

يثير زواج نساء مسلمات من رجال يهود لغطاً وجدلاً كبيرين في المجتمعين اليهودي والعربي في آن. هذا على رغم انها زيجات قليلة جداً ولا يمكن اعتبارها ظاهرة منتشرة بين الفتيات العربيات.

لا يوجد في إسرائيل زواج مدني أو مختلط بين دينين مختلفين. إن المحاكم الشرعية أو السلطات الدينية لكل دين أو طائفة هي الوحيدة المخولة بتسجيل عقود الزواج. لذا يقصد الشباب المقدمون على زواج مختلط دولاً في الخارج مثل قبرص أو بلجيكا وغيرهما، لتوثيق اقترانهم، على أن تعترف به إسرائيل لاحقاً.

وتعترف السلطات الإسرائيلية بعقائد المجتمعات الإسلامية والدرزية والمسيحية بكافة أطيافها. وعدد هذه الأديان والمذاهب عشرة. هذا إلى جانب الاعتراف، طبعاً، بالعقيدة اليهودية التي تشرف عليها الحاخامية الكبرى ولها محاكمها الخاصة. ويعاقب القانون الإسرائيلي بالسجن سنتين من يتزوج دون موافقة الحاخامية. وعادة ما يتحول المتزوجون من دين إلى أخر، في حال حصلوا على موافقة السلطة الدينية، تمهيداً لإتمام الزواج المختلط.

لكن الإعلامية العربية لوسي هريش لم تفعل ذلك. فهي قد تزوجت في أواخر عام 2018 من الممثل اليهودي تساحي هاليفي دون تغيير دينها وبقيت مسلمة. وهو موقف أثار في حينه ضجة كبيرة في إسرائيل، ليس داخل أوساط المواطنين العاديين فحسب، بل داخل الطبقة السياسية اليهودية التي اعترضت على ذلك الزواج بحجة “أنه يشوه السلالة اليهودية”. ودعا المعترضون الزوجة إلى تغيير دينها واعتناق اليهودية. أما العرب فقد اعتبروها خارجة على الملة وقد صارت يهودية بالممارسة.

تنحدر لوسي من إحدى عائلات مدينة ألناصرة العربية الواقعة في الجليل. لكنها ولدت في مدينة ديمونا اليهودية عام 1981  لأبوين فلسطينيين. وكان أبوها قد انتقل إلى هذه المدينة التي يقع فيها المفاعل الذري الإسرائيلي للعمل كمقاول للبناء. وفيما بعد درست البنت العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، ثم الإعلام في جامعة تل أبيب. وقد عملت في الصحافة الناطقة باللغة العبرية، وتحديداً في القناة العاشرة، وكانت أول عربية تعمل في قناة تلفزيونية إسرائيلية.

ليس الاقتران بيهودي أول ضجة تثيرها لوسي هريش, فقبل زواجها بثلاثة أعوام، أي في عام 2015، قامت بإيقاد شمعدان “عيد الاستقلال” على جبل هرتسل القريب من بلدة دير ياسين، وهي البلدة التي ارتكبت فيها العصابات الصهيونية مجزرة شهيرة عام 1948. كما أن مراسم الاحتفال تصادف ذكرى النكبة لدى الفلسطينيين.

أما زوجها الممثل اليهودي تساحي هاليفي، فقد خدم في الجيش الإسرائيلي في وحدة المستعربين. وهم أولئك المجندون الذين يتنكرون بلباس عربي ويندسون بين الفلسطينيين للقبض على “المطلوبين”. وقد ازداد نشاط الوحدة خلال الانتفاضة عام 1988. كما أن هاليفي هو نجم مسلسل “فوضى” التلفزيوني الذي يستعرض تحديداً نشاط وحدة المستعربين التي يجيد أفرادها العربية مما يسهّل لهم الاختلاط بالفلسطينيين واقتناص موعد تنفيذ المهمات التي تنتهي بالقتل أو الاعتقال. ويُعرض المسلسل الإسرائيلي الأكثر شهرة على منصة “نتيفليكس” إلكترونية الاكثر انتشاراً في العالم. والهدف منه تصوير “شجاعة الإسرائيليين وتوحش الفلسطينيين”.

زواج مختلط ثان كان له وقع كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، هو زواج المطربة نسرين قادري التي وقعت في حب عازف طبلة يهودي يدعى افيعزر بن موحا. والعروس هي ممن يطلق عليهم اسم “عرب 48”. وعلى الطريقة العربية، ذهب العازف ليطلب يد الصبية الحيفاوية المقيمة في مدينة اللد من والدها سائق سيارة الأجرة ووالدتها الممرضة.

نسرين قادري، التي كانت تغني في حفلات الزواج، لقيت شهرة بعد فوزها بالمرتبة الأولى في البرنامج الإسرائيلي الشهير “أيال غولان يناديكم”. وهو برنامج يبحث عن المواهب الإسرائيلية في الغناء. وكانت أول عربية مسلمة تفوز بهذا اللقب. لكن المغنية المحبوبة فاجأت جمهورها ومجتمعها العربي عندما اعتنقت الديانة اليهودية على يد الحاخام دودو أدرعي، بعد ثلاث سنوات من دراسة العقيدة. وهي قد غيرت اسمها وأُعطيت اسم براخا، وهو يعني بالعربية بركة. ويُقال إن الزوجين انفصلا بعد أشهر من زواجهما في مدينة فارنا البلغارية. لكن نسرين، أو براخا، بقيت تغني لسيدة الغناء العربي أم كلثوم وبعض الأغاني باللغة العبرية.

وهناك المخرجة والمنتجة والمحاضرة في مجال السينما، سهام مراعنة، المولودة عام 1975 في بلدة الفراديس، داخل الخط الأخضر. وهي قد تزوجت من  يهودي يدعى بوعز منوحين ويعيشان حالياً في مدينة يافا مع ابنتهما، وتقول:” اخترت العيش بالقرب من تل أبيب لأن زوجي يهودي، ولا أريد أن أعيش في مكان لا يوجد فيه يهود”.

أخرجت سهام مراعنة فيلماً بعنوان “سجل أنا عربي” يتناول جوانب من سيرة الشاعر الفلسطيني محمود درويش. وأثار الفيلم استياء المشاهدين العرب لأنه أظهر درويش يتحدث بالعبرية، في معظم مقابلاته، مع تناسي المخرجة لتاريخه النضالي وأنه شاعر فلسطين الأشهر. وفي الفيلم قامت المخرجة بتصوير “ريتا”، واسمها الحقيقي تمار بن عامي، معشوقة محمود درويش اليهودية في أول شبابه، وهي التي كتب لها قصيدة معروفة بعنوان “ريتا والبندقية”. وتظهر ريتا في الفيلم وهي تقرأ رسائل درويش التي بعثها إليها قبل ستة عقود واحتفظت بها حتى الآن.

تعمل منظمة “لاهافا”، بالعمل على منع الزواج المختلط والحيلولة دون “انغماس اليهود في الديار المقدسة”. و”لاهافا” تعني اللهب. وهي منظمة يمينية أسسها الناشط المتطرف الحاخام بن تسيون غوفشطاين عام 1999، ويصفها البعض بشرطة الآداب اليهودية. وتقدم المنظمة دعماً مادياً للزوجة اليهودية التي ترغب بالانفصال عن زوجها العربي، أو لليهودي الذي ينفصل عن زوجته العربية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى