رقمنة التعليم في زمن فيروس كورونا / بقلم / الدكتور نبيل العشري
يشهد العالم حالياً حدثاً جللاً قد يهدد التعليم بأزمة هائلة ربما كانت هي الأخطر في زماننا المعاصر ،فقد تسببت جائحة فيروس كورونا(covid-19) في انقطاع أكثر من ١٠٦مليار طفل وشاب عن التعليم في ١٦١ بلدا ً ،أي ما يقرب من ٨٠%من الطلاب الملتحقين بالمدارس علي مستوي العالم،ولجأت وزارة التربية والتعليم المصرية إلي خيار التعليم عن بعد، لضرورة استمرار المناهج الدراسية المقررة وسد أي فجوة تعليمية قد تنتج عن تفاقم الأزمة.
ومن شأن أزمة كورونا أن تؤدي إلى تغيير في الطريقة التي ينظر بها العالم إلي التعليم، فرغم مساوئها التي يرى مراقبون أنها مؤقتة فقط وسيتم التغلب عليها مستقبلا ،يبقي التعليم عن بعد بديلاً للتعليم التقليدي في الحالات الحرجة،كما أن التعليم التقليدي بدوره يحتضن الكثير من المساوئ التي قد يدفع وباء كورونا إلى التفكير فيها بعمق ،ومنها ما تشير إليه أستاذة الرعاية الاجتماعية البريطانية نيام سويني في مقال علي “الغارديان”،إذ تقول إن النظام المدرسي يتعامل مع ثلث التلاميذ علي أنهم فاشلين ،ومن ذلك تركيزه علي نظرية الامتحانات المسؤولة عن “ارتفاع درامي في الأمراض العقلية بين الأطفال والمراهقين “،وعدم اعترافه بإنجازات الأطفال ،خاصة “تصنيف من يسلكون مسار التكوين المهني علي أنهم أقل جدارة من الآخرين .
التعليم في عالم متغير
تحولت غايات التربية من الإعداد للوظيفة إلى الإعداد للحياة ،هذا التحول أفضي لتحولات لازمة في كافة مكونات النظم التعليمية ومن ضمنها وأهمها تحولات واضحة في الأدوار وبيئات التعلم ،كان التعليم في الماضي يتألف من تعليم الناس شيء ما يهدف التعليم اليوم إلي مساعدة الطلاب علي تطوير بوصلة آمنة للعثور على طريقهم وللمساعدة في مهارات أخذ الطريق في عالم متقلب ومؤقت وغير مؤكد ،المدارس التي لا تستطيع تحديد مكانها في عالم التحول الرقمي ستترك طلابها فقراء في الحياة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية المستقبلية. قبل جيل واحد ،يمكن للمدرسين التفكير في أن ما يدرسونه سيدوم مدي الحياة .في يومنا هذا علي المدارس إعداد الطلاب للحياة الاقتصادية والاجتماعية المتغيرة باستمرار ،والمهن التي لم تكن متوفرة بعد ،والتقنيات التي لم يتم ابتكارها بعد ،ولحل المشاكل الاجتماعية التي لا نعرفها بعد،لذلك فإن التعليم الذي هو المنحل الأساسي اليوم :يتم تشكيلة لطرق التفكير في اتخاذ القرار وحل المشكلات والنقد والإبعاد يوما بعد يوم؛والأهم من ذلك المهارات الاجتماعية والعاطفية التي تساعد الناس علي العيش معا والعمل معا .