من يواجه أمة بأكملها بعد ثبات فساد مشروعه السياسي -الملتبس بالدين قسراً- فهو ينتصر (لما اعتقده توهماً)
كتب/ أشرف الفراني * .. من لا يصلح ظاهره فلا باطن له يرجي صلاحه !!
الحديث عن .. ومع التكفيريين ، أينما كانوا ، ومحاولة التحاور معهم مظنة الإصلاح تحت عناوين كثيرة ، أهمها “المراجعات الفقهية” أراه أصبح قلة عقل ، ومضيعة للوقت ، ومن السذاجة بمكان ، لأنهم قد تجاوزا مرحلة الإختلاف في الرأي ومقاصده عبر طرقه المشروعة ، إلي الإحتكام للسيف (السلاح) ومقاصله وأساليبه الممنوعة ، ومن يبيع دينه ولحمه وعرضه وبني وطنه بل يبيع وطنه علي مستوي (الفعل) من أجل المال ، وعلي مستوي (الفكر) في سبيل الإيمان بمجموعة من الأفكار التي لا تتعلق حقيقة وغايةً إلا بزينة الحياة الدنيا وزخرفها ، حين اتخذت هذه التيارات التكفيرية بكل أطيافها -يتساوي فيها مدعي الاعتدال بالانتحاري- الدين مطية والتدين الشكلي – هيئة متصنعة – والتأويلات الحرفية ، التي لا تراعي المصلحة ولا السياق التاريخي ولا حتي قواعد الفقه الخمس الكلية الكبري وهي : “الأعمال بالنيات – العادة محكمة – الضرر يُزال – اليقين لا يزول بالشك – والمشقة تجلب التيسيير” فقد افتأتت علي الشرع جملة وتفصيلاً ، لفظه ومعناه ، ظاهره وباطنه ..
لأن من لا يصلح ظاهره فلا باطن له يرجي صلاحه ، واعتماد هؤلاء الفرق والجماعات والمليشيات المخادعة علي امتثال الحيل ، لبلوغ الغاية وهي “السطو علي الحكم” بأي وسيلة ، ليس لإقامة الشرع وتحقيق العدل ونشر الأمن والسلام وتسهيل الحياة علي العباد لمراعاة حق المعبود وتمكين الحق ، بل “لإعادة صياغة المجتمع باقتصاده واجتماعه ، ومحظوراته ومباحاته ، وأوامره ونواهيه ، وسلوكه وعاداته وأخلاقه ، ليصبح مطابقاً لتصور محدد عن معني الشريعة ولعادات وأخلاق وأعراف السلف علي خلاف فيما اتبعه وما استنه هذا السلف ” *
بل قد وصل الأمر للتنفيس عن نوازع مرضية تحملهم بنفسية المضطهد ، لقهر عباد الله ، وتأديبهم وضبط المجتمع والسيطرة عليه خارج إطار القانون ، بقطع الرقاب والنهب والسلب والسبي والاسترقاق والاغتصاب ، وللأسف بتخريجات فقهية وفتاوي عصرية تجلس رؤوس فتنتها الكبري متكئة علي سرر موضونة في دول الخليج ، بينما تحترق الأمة الإسلامية شرقاً وغرباً وتتفتت وتنهار ، وفق هويً معتل لهؤلاء المخربين ، وخللهم الفكري الكريه ، والذي دفعهم لاستباحة قدسية النص بتفسيرات أقرب الي الترقيع -القص واللزق- حتي يبرروا مساعيهم القذرة ، ويمرروا جرائمهم الوحشية وهم “يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون” الآية ..
ومن يواجه أمة بأكملها بعد ثبات فساد مشروعه السياسي -الملتبس بالدين قسراً- بمقتضي التجارب الأليمة لتسعين عاماً ، وما أفرزته من تراجع وانهيار أي مشروع وطني والخيبات المتتالية ، ولم يتعظ ، فهو ينتصر (لما اعتقده توهماً) وليس (لمعتقده) ، ويكابر عما ورثه عن آبائه سامعٍ عن سامع ،وطائعٍ عن طائع ، ومعطلاً لعقله عن معطل ، هؤلاء في ظني -ولله العلم- قد تشبهوا بمن قنطوا من رحمة الله لكثرة جرائمهم ضد الإنسانية ، ومن يقرأ التاريخ ويطلع علي محطات خسرانهم ومخازيهم المتتالية جيلاً فجيلاً ، حتي أصبحوا عبيداً أذلة وخونة توظفهم مخابرات دول أخري وتستعديهم علي بلدانهم ، حتي باتوا لا يُرجي لهم عودة عما يفعلوه ، لأنهم – والعلم لله – خرجوا من حالة الشعور بنفسية المضطهد ، إلي الشعور بأنهم أصبحوا في سخطٍ من الناس جميعاً ، بل ومطرودين من رحمة الله ، حتي يئسوا .. هذا إن كانوا يشعرون .