على باب زويل
بقلم محمود حسن
لا شك أن رحيل – كبير علماء العرب النابغة الفذ – الدكتور احمد زويل فاجعة وخسارة عربية وعالمية كبيرة. ولكنه نداء الحق الذي لا راد لقضاءه ولا معقب لحكمه
وإنما الفاجعة الأكبر تكمن في أمر آخر
فحينما نتأمل حالة وحياة الدكتور زويل بنظرة تشريحية ثاقبة نجد ان ذلك العالم الجليل لم يتم تقديرة حق قدره . وكالعادة لا نعرف قيمة النفيس الذي بين ايدينا الا بعدما نفقده . فكم واجه ذلك الرجل من معاناة وتحديات على مدار و مراحل حياته العلمية والعملية .
وكم لاقى من التهميش وعدم الاكتراث في بداية حياته. فلم يجد ارضا خصبة تحتضن نبته الصالح وتنمي علمه الواعد وعبقريته المبكرة فما كان منه الا ان رحل مهاجرا الى اللذين يقدرون قيمة وأهمية النوابغ من طلاب العلم. ‘ فوجد هذا العبقري من احتواه ووفر له سبل البحث وأوجد له المناخ الملائم فتوهجت عبقريته إلى ان وصل إلى ما وصل إليه ليبعث رسالة جديدة للعالم عن مدى قدرة العقل المصري والعربي إذا ما توفرت له سبل الإبداع والخلق ‘
وكان الرجل وفيا لوطنه حتى النخاع فعاد ليهدي ثمرة علمه وعصارة فكره لوطنه مصر . فإذا به يواجه نفس التعقيدات والتهميش والبيروقراطية والروتين والأحقاد والضغائن والحروب والقضايا والمحاكم . ولكن الرجل لم ييأس و ظل واقفا على قدميه . مؤمنا بواجبه المقدس تجاه وطنه . لم يصبه نصب ولا ملل او حنين إلى ترف الغرب ‘ وظل يحلم بمدينة لا يقف على بابها طالب علم فيجده موصدا امامه .
فأصر وفكر وخطط ونفذ إلى أن أضحت واقعا وحقيقة رغم أنف الخصوم ‘
والسؤال هنا بعد رحيل هذه الأسطورة الحقيقية هذا النجم الساطع – وليست النجوم البهلوانية الذين أطلقنا عليهم لقب نجوم فشعرت النجوم بالإهانة –
أخبروني أيها السادة ‘ كم من عالم قبل وبعد زويل العرب تفرقت بهم السبل ‘ وتقطعت بهم الاسباب ‘ وفقدوا أنفسهم ‘ وفقدهم الوطن ‘ بل فقدتهم البشرية جمعاء ‘
وكم منهم من استسلم ووارى علمه التراب ؟ وكم من عبقرية قتلت وعلقت رقبتها على باب زويل لتصرخ كل صباح مطالبة بأن ينفق على البحث العلمى نصف ما ينفق على مدن الملاهي وبرامج التلاهي ‘ وعلب الليالي ‘ و ” المنظرة الكدابة “
لعل في أزمتنا الراهنة أكبر نذير يجعلنا نقدر العلم والعلماء ونتخلى عن اللإلتفاف حول ” العوالم ” والجهلاء .
أفيقوا يا أولي الألباب ‘ وافتحوا لكل زويل الأبواب .