في أجواء حرب… ضحايا كورونا في فرنسا لا يحصلون على “نهاية رحيمة”
في حين يواجه الأشخاص الأكثر تضررًا من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وفاة مؤلمة نتيجة الاختناق وضيق الصدر الناجم عن الالتهاب الرئوي، يكافح أخصائيو الرعاية التلطيفية في فرنسا لمنح هؤلاء الضحايا نهاية “إنسانية” قدر المستطاع.
مع تفشي الجائحة بسرعة كبيرة، تتبادل فرق الرعاية في شرق البلاد -المتضرر بشدة من المرض- تجاربها حول كيفية اتخاذ قرارات صارمة بشأن من الذي يجب أن يحصل على أسرة الرعاية المركزة عالية التكلفة، بحسب تقرير لوكالة “فرانس برس”.
يرى البروفيسور أوليفييه غورين، الذي يرأس جمعية طب الشيخوخة الفرنسية (SFGG)، أن مثل هذه الإجراءات قد تكون عديمة الجدوى وقاسية لبعض المرضى، لكن اختيار من يجب إنعاشه هو ما تفعله فرق العناية المركزة طوال الوقت.
من جانبه يقول الدكتور ثيبود سومان، أخصائي الرئة، والذي يعمل في وحدة للعناية المركزة: “منذ قبل كورونا، نعلم أن الإنعاش ليس مفيدًا على المدى الطويل بالنسبة لبعض المرضى الذين يعانون من مشاكل مزمنة ويتعرضون لصعوبات شديدة في التنفس. سنجعلهم يعانون بلا جدوى”.
الوداع الرحيم
يقول البروفيسور ريجيس أوبري، الرئيس السابق لجمعية الرعاية التلطيفية الفرنسية (SFAP)، والذي يعمل في وحدة خاصة بـ”كوفيد 19″ في شرق فرنسا:
مع وفاة الضحايا دون استشعار قرب الأصدقاء والعائلة -خوفًا من العدوى- كان علينا جعل نهاية حياتهم مريحة قدر الإمكان. فقط لأننا في حالة طارئة لا يجب نسيان أن نكون بشر.
دشنت الجمعية خطًا ساخنًا لتقديم المشورة للأطقم التابعة لها في منازل كبار السن، والتي توفي بها أكثر من ألفي شخص في فرنسا منذ بدء الجائحة. وقالت الجمعية إنه ينبغي تقديم دعم طبي أكبر للمنازل للرعاية التلطيفية، ودعا آخرون إلى رفع القيود المفروضة على استخدام بعض الأدوية خارج المستشفيات
على جانب آخر، حذر الدكتور برنارد ديفالويس، طبيب الرعاية التلطيفية في بوردو، من أنه مع وجود تقارير عن نقص المورفين وميدازولام -عندما يستخدمان معًا يساعدان على تسكين آلام اللحظات الأخيرة في حياة الإنسان- سيكون هناك “جاذبية لعمليات القتل الرحيم” في دور رعاية المسنين، حيث يواجه كبار السن معاناة شديدة من الاختناق.
وأضاف أن فرنسا كان يجب أن يكون لديها “احتياطي استراتيجي من الميدازولام”، مشيرًا إلى أنه اقترح إنشاء واحد قبل 15 عامًا لاستخدامه في الأوبئة من النوع الذي يشهده العالم الآن. وقال إن صعوبة التنفس المصاحبة الحالات الحادة لـ”كوفيد 19” تتسبب في آلام شديدة، وقد تستدعي إعطاء المرضى عقاقير مضادة للقلق عندما لا يزال بإمكانهم تناولها عن طريق الفم.
تجنب الموت المروع
مع ذلك، يقول ديفالويس إنه عندما يعاني المصابون بالفيروس من الاختناق، فإنهم يحتاجون إلى التخدير بسرعة كبيرة، وبالتالي على السلطات أن توجه صيدليات المستشفيات بإرسال إمدادات كافية من الأدوية مثل الميدازولام إلى دور رعاية كبار السن، والتي عادة لا يمكنها الوصول إلى مثل هذه المستلزمات.Video Player
وأضاف:
إنها مهمة مقدمي خدمات الرعاية الصحية، يجب أن يتأكدوا من أن الضحايا لن يتعرضوا لوفاة مروعة.
أما البروفيسور كلود جانديل، رئيس المجموعة الوطنية لأطباء المسنين، فيؤكد أن ما يصل إلى ثلث الوفيات الناجمة عن الفيروس في فرنسا تحدث في منازل رعاية كبار السن، وبالتالي يوصي بمنح مساعدي الرعاية الوصول إلى الأدوية التي طالبت بها جمعية الرعاية التلطيفية.
ويقول إنهم بحاجة لتخفيف محنة “الاختناق” لدى العديد من النزلاء الذين لن يتم إدخالهم إلى المستشفى والذين سيموتون في المنازل.
الوضع المحلي والعالمي
سجلت فرنسا حتى اليوم، نحو 90 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد، وأكثر من 7500 حالة وفاة، فيما بلغ عدد المتعافين من المرض 15.4 ألف شخص، وتعد فرنسا خامس أكثر بلدان العالم تضررًا من حيث عدد الإصابات والرابعة من حيث الوفيات.
عالميًا، تجاوزت الإصابات بفيروس كورونا المستجد الذي ظهر لأول مرة في وسط الصين نهاية العام الماضي، 1.2 مليون إصابة، بينهم 65 ألف حالة وفاة تقريبًا، ونحو 250 ألف حالة شفاء.
وفي حين كانت أغلب الحالات مسجلة في الصين حتى أواخر فبراير/ شباط، فإن مرض “كوفيد 19” انتشر على نحو متسارع في مناطق مختلفة من العالم، وتجاوزت الإصابات 310 آلاف في الولايات المتحدة و130 ألفًا في إسبانيا و124 ألفًا في إيطاليا، إلى جانب الآلاف في أكثر من 200 دولة ومنطقة أخرى.
وعُطلت الدراسة في عدد من الدول حول العالم، إلى جانب إلغاء العديد من الفعاليات والأحداث العامة وعزل مئات ملايين المواطنين وفرض قيود كلية على حركة المواطنين. كما أوقفت عدة دول الرحلات الجوية والبرية بين بعضها البعض خشية استمرار انتشار الفيروس.
وصنفت منظمة الصحة العالمية، يوم 11 مارس/ آذار، مرض فيروس كورونا “جائحة”، مؤكدة أن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة، معربة عن قلقها من احتمال تزايد المصابين بشكل كبير.