الشلل يضرب جامو وكشمير مع استمرار الإغلاق الهندي
يعاني سكان “جامو وكشمير” بشدة جراء الإغلاق شبه الكامل الذي تفرضه السلطات الهندية؛ ما تسبب في تعطيل قطاعات الاقتصاد والتعليم والنقل، ودفع التجار إلى إغلاق متاجرهم احتجاجًا على هذه التدابير.
في 5 أغسطس/ آب الماضي، قررت الحكومة الهندية إلغاء الوضع الخاص في منطقة “جامو وكشمير” وتقسيمها إلى إقليمين، وفرضت عليها قيودا على التجوال والاتصالات وفصلت خدمة الإنترنت.
ومنذ أكثر من شهر، يفتح محمد ياسين متجره في سريناغار في الصباح الباكر بضع ساعات قبل إغلاقه مجددا.
ويقول ياسين الذي يبيع الأوْشِحَةٌ، في حديث مع الأناضول: “لا نعمل كثيرا في هذه الأيام. لا نعمل سوى بضع ساعات”.
ويضيف: “أغلق المتجر في الساعة 11 صباحا (05:30 تغ) ثم أتوجه إلى المنزل. وأبقي متجري مغلقا بقية اليوم للاحتجاج على قرار السلطات الهندية”.
كان “ياسين” يشير إلى قرار السلطات الهندية إلغاء الوضع الخاص في منطقة “جامو وكشمير”.
واحتجاجًا على الإجراءات، تلتزم المتاجر والشركات المحلية بالإغلاق الذاتي.
ومع إغلاق المدارس وبقاء الطلاب في منازلهم، بدأ الكثير منهم بتلقي الدروس الخاصة.
ويقول صاليك أحمد، وهو طالب بالمرحلة الثانوية: “لا أذهب إلى المدرسة لأن والداي لا يسمحان بذلك”.
ويضيف: “لا توجد حصص دراسية في مدرستي منذ أغسطس/آب الماضي بسبب الأوضاع. أنا أعتمد تمامًا على المدرسين الآن”.
وتابع: “أذهب إلى المدرسين في الصباح الباكر وأقضي معظم وقتي في المنزل”.
وبالنسبة للمدرسين الذين يصلون إلى المدارس في وقت مبكر كل صباح، فلا يوجد طلاب للدراسة؛ حيث يفضل الآباء عدم إرسال أبناءهم بسبب الأوضاع في البلاد.
زبير أحمد، وهو مدرس في مدرسة شهيرة في سريناغار، يقول: “كان هناك روتين محدد بالنسبة لي، وكنت أذهب إلى المدرسة يوميًا وأعلم الطلاب. في هذه الأيام، أذهب إلى المدرسة، لكن ليس لدينا ما نفعله لعدم وجود طلاب”.
ويكمل زبير في حديث للأناضول: “لقد تأثر جدولي اليومي بلا شك بسبب ما يحدث”.
ويشير إلى أنه اعتاد أيضا على الذهاب للتدريس في المنازل أيضا، لافتا إلى أنه إذا كان لدى أي من التلاميذ تساؤلات أثناء الدراسة فإنهم يتصلوا به هاتفيا ليوضح لهم الأمور.
وتعقد المدارس الثانوية في المنطقة حاليًا اختبارات سنوية يجب على الطلاب اجتيازها للتقدم إلى الصف التالي. وقالت السلطات إن “100% من الطلاب حضروا هذه الامتحانات”.
من جانبه، يقول زهور أحمد، وهو موظف حكومي في سريناجار: “لا توجد وسائل نقل عام على الطرق، ويتعين علي المشي عدة كيلومترات واضطر لطلب توصيلات خاصة من أجل الوصول إلى مكتبي يوميًا”.
ويضيف: “هذا بسبب قرار الحكومة الهندية. الأمور في حالة من الفوضى هنا. آمل أن تتحسن الأمور”.
في 14 أكتوبر/تشرين الأول، أعادت الحكومة الهندية خدمات الهاتف المحمول المدفوعة في المنطقة، لكن حتى بعد مرور 90 يومًا من الإغلاق، يستمر تعليق خدمات الإنترنت.
ويقول غلام نبي، الذي يملك وكالة سفر في سريناغار: “عملنا يعتمد اعتمادا كليا على الإنترنت”.
ويتابع: “نظرا لانقطاع الإنترنت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فإن أعمالنا تتأثر بنسبة 100%. إذا كان يتعين علي حجز تذكرة الآن لأحد العملاء، فأنا اتصل بصديقي في نيودلهي واطلب منه تسجيل الدخول باستخدام هويتي حتى يمكن حجز التذاكر”.
ويشير إلى أنه يجب عليه زيارة منشأة إنترنت تديرها الحكومة؛ حيث يمكنه تسجيل الدخول مرتين في الأسبوع لمدة ساعة واحدة للتحقق من رسائل بريده الإلكتروني.
من جانبه، يقول شيخ عشيق، رئيس غرفة تجارة وصناعة جامو كشمير، إن قطع الاتصال بالإنترنت وجه ضربة قاسية لقطاع السياحة وتكنولوجيا المعلومات في المنطقة.
ويؤكد عشيق أن الخسائر التجارية بسبب الإغلاق في “جامو وكشمير” منذ 5 أغسطس/آب الماضي، بلغت حوالي 100 مليار روبية (1.4 مليار دولار)، كما خسر أكثر من 100 ألف شخص وظائفهم.
ويذكر أن “قطاع الأعمال في جامو كشمير ينزف في الوقت الحالي. يعتمد قطاعا السياحة وتكنولوجيا المعلومات في الغالب على شبكة الإنترنت، وهما يعانيان الآن بشدة بسبب عدم وجود الإنترنت”.
وفي 5 أغسطس الماضي، ألغت الحكومة الهندية بنود المادة 370 من الدستور، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية “جامو وكشمير”، الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم.
كما تعطي المادة الكشميريين وحدهم في الولاية حق الإقامة الدائمة، فضلا عن حق التوظيف في الدوائر الحكومية، والتملك، والحصول على منح تعليمية.
وجاء التعديل بقرار رئاسي، بمعنى أن تفعيله لا يحتاج التصديق عليه من قبل البرلمان، فيما أبقت الحكومة على المادة نفسها كونها تحدد العلاقة بين جامو وكشمير والهند.
وفي اليوم التالي، صادق البرلمان الهندي بغرفتيه العليا والسفلى، على قرار تقسيم “جامو وكشمير” إلى منطقتين (منطقة جامو وكشمير ومنطقة لداخ)، تتبعان بشكل مباشر الحكومة المركزية.
وبدأ سريان القرار في 30 أكتوبر/ تشرين الأول.
ويطلق اسم “جامو وكشمير” على الجزء الخاضع لسيطرة الهند، ويضم جماعات مقاومة تكافح منذ 1989، ضد ما تعتبره “احتلالا هنديا” لمناطقها.
ويطالب سكانه بالاستقلال عن الهند، والانضمام إلى باكستان، منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، واقتسامهما الإقليم ذا الأغلبية المسلمة.