في الأزمة الكورية – اليابانية .. دروس الماضي تقدم فرص الحل
كتبت- كاترين فريزر كاتس
صبح من اللازم علي كل من كوريا الجنوبية واليابان أن يحشدا كل امكانياتهما ويعملا معاً حتي يمكن لهما إنهاء الأزمة التي عصفت بهما، والتي –إن ُترِكت كما هي تراوح مكانها- سوف يكون لها انعكاسات خطيرة عليهما معاً، فضلاً عما يمكن أن تؤدي إلي إرباك النظام والاستقرار الإقليمي الذي تسعي الولايات المتحدة الحفاظ عليه.
وفي هذا الإطار، فإن الدروس المستخلصة من التاريخ خلال الفترات التي شهدت حرص الدولتين علي تنمية علاقاتهما يمكن أن تضئ لهما الطريق نحو إيجاد حل لإستعادة وتقوية علاقاتهما بنفس الطريقة وإنهاء حالة التوتر والشد والجذب بينهما، بعد قيام المحكمة العليا في كوريا الجنوبية بإصدار حكم نهائي ألزم عدداً من الشركات اليابانية بدفع تعويضات للعمال الكوريين الذين أجبروا علي العمل لديها كعمال سخرة خلال الحرب العالمية الثانية.
فبالرغم من كونهما حليفتين رئيسيتين للولايات المتحدة فإن كوريا الجنوبية واليابانمازالتا تتناوشان حتي الان حول ما وقع من أحداث خلال فترة الاستعمار الياباني في شبه الجزيرة الكورية من عام 1910 حتي 1945. ومن المحزن أن تلك المناوشات والخلافات اتخذت ابعاداً اقتصادية وأمنية بصورة غير مسبوقة تنذر بأن تمتد تداعياتها السلبية إلي الشركات الكبري التي تمد السوق العالمية بمنتجاتها. بل إن ترك الأمر كما هو عليه دون أي تحرك لحلحة الأزمة وإنهائها في أقرب فرصة سيحد من قدرة الولايات المتحدة علي مواجهة التحديات الأمنية في المنطقة من قبل كوريا الشمالية والصين.
علي أنه بالرغم من ذلك، فإن ما وقع بين الدولتين من توترات سابقة وحرص كل منهما علي احتواء الموقف يمكن أن يساعد الجانبين علي تبني تفاهمات يتحول معها الموقف من تبادل للكمات إلي تصافح بالأيدي. وهنا نذكر بأن النغمة الهادئة والدعوة إلي التصالح التي أبداها الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن في البيان الذي ألقاه في الخامس عشر من شهر أغسطس في الذكري السنوية لانتهاء الاستعمار الياباني في شبه الجزيرة الكوريه تعد خطوة جيدة مثل تلك المبادرات التي ساعدت علي إنهاء خلافات مماثلة في السابق.
ولكي تستثمر كل من اليابان وكوريا الجنوبية هذا التحول الإيجابي لتخفيف حدة التوتر بينهما فإن عليهما أن يحرصا علي الاستفادة من الكثير من الفرص القادمة. والبداية كان يجب أن تكون من خلال تجديد الاتفاق الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية بين الدولتين (الذي حل موعده في الرابع والعشرين من شهر أغسطس).
تدهور العلاقات وما تحمله من مخاطر كبيرة
في بداية شهر يوليو قامت اليابان بفرض قيود اقتصادية علي كوريا الجنوبية لأول مرة منذ قيام الدولتان بتطبيع العلاقات بينهما عام 1965، حيث شددت من إجراءات تصدير المواد والمكونات التي تستخدمها الشركات الكورية الجنوبية في تصنيع أشباه الموصلات وشاشات العرض.
وفي الوقت الذي استدعت فيه طوكيو محاذيراً أمنيةً واهية لتفسير اتخاذها مثل هذا القرار المفاجئ، وصفت سيول هذه الإجراءات بأنها تدابير انتقامية جاءت رداً علي أحكام المحكمة العليا في كوريا الجنوبية. وفي اليوم الثاني من شهر أغسطس تطورت الأمور بشدة حينما أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو أبي أنه تم حذف كوريا الجنوبية من القائمة البيضاء التي تضم الدول التي تتيح لها اليابان التمتع بإجراءات تصديرية مميزة فيما يخص المواد التي تدخل في الصناعات العسكرية. ورداً علي ذلك قام الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن في الثاني عشر من الشهر نفسه باسقاط اليابان من قائمة شركاء كوريا الجنوبيه الذين يتمتعون بالأفضلية عن الدول الأخري. وإلي جانب هذه الخطوة هدد نائب مستشار الأمن القومي الكوري بانسحاب بلاده من الاتفاقية الثنائية الموقعة بين الطرفين للحفاظ علي أمن المعلومات العسكرية وهي الاتفاقية المعروفة بحروفها الأولي GSOMIA والتي حرصت الدولتان علي توقيعها عقب تصاعد المواقف الاستفزازية من قبل الكوريين الشماليين.
ولم تقف تداعيات هذا الخلاف عند التكلفة الاقتصادية الضخمة فقط، وإنما امتد أثرها إلي الأوضاع الأمنية التي تدهورت بشدة في المنطقة. فقد استغلت كوريا الشمالية هذا الخلاف وأسرعت إلي مواصلة تجاربها المتعلقة بالصواريخ قصيرة المدي حيث قامت باجراء ستة تجارب علي هذه الصواريخ منذ أواخر شهر يوليو.
وفي الثالث والعشرين من شهر أغسطس صرح الخبراء العسكريون الكوريون بان الروس—ولأول مرة—قاموا بانتهاك المجال الجوي لكوريا الجنوبية اثناء قيامهم بتدريبات عسكرية مشتركة مع الصينيين. كما أن غياب التعاون الثنائي بين اليابان وكوريا الجنوبية من جانب وبين هاتين الدولتين مع الولايات المتحدة من جانب آخر يجعل الحلفاء الثلاث في موقف ضعيف للغاية في مواجهة هذه التحديات.
وغني عن الذكر أن كلاً من كوريا الشماليه والصين وجدا الفرصة سانحة لهما للعمل بدأب علي توسعة هوة الخلاف بين الدولتين المتخاصمتين والمنافستين لهما في المنطقة. لذا أصبح من الضروري جداً أن تقوم سيول وطوكيو باستعادة علاقات التعاون بينهما بالرغم من أن ذلك لن يكون أمراً سهلاً بسبب اتخاذ الرأي العام خلال الأسابيع المنقضية في كل من الجانبين موقفاً متشدداً وكذلك تعالي صيحات الكرامة الوطنية.
وطبقاً لما جرت عليه الأمورفي السابق فإن تصاعد المد القومي يكبل يد الزعماء عند محاولتهم إنهاء الخلافات الدولية. إلا أننا عندما نستعرض التجارب السابقة فيما يتعلق بخفض التصعيد وإنهاء التوتر بين اليابان وكوريا الجنوبية نلاحظ أنه في مقدور كل من الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن ورئيس الوزراء الياباني شينزو أبي أن يوقفا هذا النزيف الاقتصادي إن لم يستطيعا مداواة الجروح تماماً.
سبل الخروج من الأزمةأأسى تاأناتلأنت عال
هناك ثلاثة دروس مستخلصة من الماضي فيما يتعلق بإنهاء التوتر وخفض التصعيد بين اليابان وكوريا الجنوبية عن طريق إستثمار الفرص المتاحة بينهما.
الدرس الأول: الأزمات الخارجية يمكن لها أن تساعد الزعماء السياسين علي إيجاد مبررات مقبولة حول قيامهم باتخاذ مواقف عملية مغايرة لما تطالب به الصوات المتشددة.
ففي الماضي، خلقت الأحداث الملتهبة—مثل قيام كوريا الشمالية بإجراء تجارب صاروخية أو نووية إلي جانب الأزمات المالية التي عصفت بالمنطقه—مجالاً سياسياً لكل من سيول وطوكيو ليتجنبا اتخاذ مواقف متشددة في خلافاتهما. كما أن الشعبين الياباني والكوري كانا علي وعي وفهم كاملين أن تلك الخلافات تتطلب التعاون بين حكومتيهما لتخفيف التوتر ودفع التعاون المشترك في قضايا أخري هامة وأكثر إلحاحاً. فعندما قام الرئيس الكوري الجنوبي الأسبق كيم يونج سام عام 1996 بزيادة حد التوتر بين بلاده واليابان حول جزيرتي دوكدو وتاكيشيما ببناء مرفأ علي واحدة من هذه الجزر وإجراء مناورات عسكرية هناك، الا أنه عندما عصفت الأزمة المالية بالكيانات الاقتصادية الكبري في آسيا أوائل عام 1997 ارتأي الرئيس كيم أنه من الحكمة أن يخفض من موقفه المتشدد حول هذه الجزر حتي تكون هناك فرصة للتعاون بين الدولتين لتجاوز هذه الأزمه الاقتصاديه.
كذلك حينما توترت العلاقات بين البلدين عام 2005 علي خلفية قيام اليابان باحتفالات وطنية علي جزيرة تاكيشيما أسرع الرئيس الكوري الجنوبي الأيبق روه موهيون بالرد محذرا بشده من خطر اندلاع حرب دبلوماسية بين البلدين. الا أن الطرفين سرعان ما فطنتنا الي ضرورة اتخاذ اجراءات لخفض التصعيد بعد أن واصلت كوريا الشمالية إجراء تجاربها النووية عام 2006.
وهنا يجب التأكيد علي أن الرئيس الكوري مون مازالت لديه الفرصة لاتخاذ قرارات حكيمة إذا ما وضع علي الطاولة أمامه الدروس المستفادة من الأحداث السابق ذكرها، مثل التجارب النووية لكوريا الشمالية والمناورات العسكرية المشتركة بين روسيا والصين. وفي هذا الاطار يجب علي الرئيس مون أن يؤكد للجانب الياباني حرص بلاده علي الحفاظ علي التعاون الأمني المشترك بين البلدين خاصة اتفاقية GSOMIA. فمن المتوقع أن قراراً مثل هذا سوف يجد الترحيب من قبل الشعب الكوري الجنوبي خاصة عندما يتأكد الجميع من حتمية التنسيق الأمني بين الجانبين وتبادل المعلومات الاستخبارتية في ضوء تصاعد التهديدات في المنطقة.
الدرس الثاني: يجب تجنب وقوع الأنشطة الإقتصادية والتصديرية ضحية لتنامي الشعور القومي وصخب الأصوات المتشددة، وذلك بدعم وتأييد الزعماء السياسيين وحثهم علي عدم التصعيد. فمن المعروف أن كلاً من كوريا الجنوبية واليابان تضعان بعضهما—كل علي حدة—علي قائمة أكبر خمس شركاء تجاريين لاقتصاد كل منهما. كما أن كلاً من الدولتين تعتمدان علي الصادرات لتقوية وتعزيز اقتصادهما. وهذا لابد له من أن يجعل الأنشطة القائمة علي التصدير علي رأس أولويات هتمامات المسئولين الحكوميين والمواطنين في البلدين.
فخلال الفترات السابقة التي شهدت توترا في الماضي في علاقة البلدين حرصت القيادات السياسية وأفراد الشعب العاديين في كل منهما علي الحفاظ علي وجود قنوات مفتوحة للتواصل لإبعاد الأنشطة الاقتصادية وعلي رأسها الصادرات عن المناوشات والخلافات السياسية. كما أنه في المرات القليلة النادرة التي بدا فيها أن العلاقات الاقتصادية بينهما قد يطالها التهديد حرصت جمعيات واتحادات رجال الأعمال الكبري مثل اتحاد رجال الأعمال اليابانيين المعروف باسم “كيدناريه” واتحادات الصناعات الكورية في سيول المعروف بـ FKI علي تعزيز التعاون المشترك فيما بينهما.
أما فيما يخص الأزمة التي نحن بصددها الآن فهناك بعض المتغيرات التي يجب إلقاء الدور عليها ومناقشتها. فالشركات اليابانية التي استهدفها حكم المحكمة العليا في كوريا الجنوبية ترحب—بالقطع—بالموقف المتشدد الذي يتخذه رئيس الوزراء الياباني أبي. وعلي الجانب الآخر تقف بعض الشركات الكورية الجنوبية في صف الرئيس مون وتساند دعوته لتقليل الاعتماد علي الصادرات اليابانية. وهنا يجب علي الجميع أن يحذر من التكلفة العالية لمثل هذه المواقف خاصة إذا استغرقت سبل البحث عن الحل وقتاً طويلاً مما يؤثر بالسلب علي اقتصاد كل من الجانبين. فقد كشفت أحدث استطلاعات الرأي في سيول أن الشركات الأكثر تضرراً من الحظر الذي فرضته الحكومة اليابانية علي عمليات التصدير لكوريا الجنوبية لا تفضل أن يستمر أمد النزاع الحالي لفترة طويلة. فقد حذر كون تاي شين—نائب رئيس اتحادات الصناعات الكورية (FKI)—أن قيام الجانب الكوري بإتخاذ خطوات مضادة قد يدفع الحكومة اليابانية إلي الرد واتخاذ خطوات انتقامية أكثر تشدداً. وأضاف كون خلال ندوة طارئة عقدت لبحث تداعيات الاجراءات المشددة من جانب الحكومة اليابانية علي الصادرات إلي كوريا الجنوبية، أن الدعوة إلي مقاطعة المنتجات اليابانية وإلغاء الزيارات المتبادلة سوف تعقد الأمور أكثر ولا تساعد علي حلحلتها. كما أجرت جريدة تشوسون المحافظة التي تصدر في كوريا استطلاعاً للرأي مؤخراً كشفت فيه أن رؤوساء أكبر 20 اتحاد للصناعات في البلاد يفضلون الحل الدبلوماسي ولم يبد منهم مساندته لاتخاذ خطوات مضادة رداً علي الجانب الياباني مثل حظر الصادرات الكورية إلي اليابان.
فكل هذه النتائج تشير إلي أن الرئيس مون سيحظي بالفعل بدعم الشركات الكورية إذا ما قام بخطوات تؤدي إلي تخفيف حدة الأزمة واحتوائها. وفي سعيه لإيجاد حل دبلوماسي لهذه الأزمة يجب علي الرئيس مون العمل علي فتح قنوات اتصال هادئة بعيداً عن الطرق السياسية تكون كفيلة بتشجيع الجانبين علي عدم التصعيد خاصة في وجود خطوط اتصال مفتوحة بالفعل أطلقها لي جيه يونج –نائب رئيس شركة سامسونج- خلال زيارته إلي طوكيو بعد اندلاع الأزمة بوقت قصير.
وهنا نؤكد علي أن سيول وطوكيو يجب عليهما معاً أن يتفقا علي ميعاد آخر لإطلاق المؤتمرالهام الذي يجمع الشركات الكبري في كل من الجانبين والذي كان من المفروض أن يعقد في ربيع هذا العام، إلا أن اندلاع الأزمة فرض علي الجانبين تأجيله إلي وقت لاحق ربما يكون هذا الشهر. وتتمثل أهمية هذا المؤتمر الذي سيحضره ممثلون حكوميون إلي جانب رؤوساء كبري الشركات في البلدين في أنه يمكن أن يكون بديلاً عن القنوات الدبلوماسية التي خفت صوتها نتيجة لهذه الأزمة.
الدرس الثالث: التنازلات الرمزية يمكن لها أن تقنع الأصوات المتطرفة بالتراجع عن موقفها المتشدد.
خلال العقود الماضية لم تفلح التنازلات الرمزية، مثل الاعتذار بشدة عما وقع من أخطاء خلال فترة الحرب، في إنهاء الخلافات التاريخية بين البلدين، إلا أنها ساعدت علي خفض حدة الضغوط من قبل أغلبية المواطنين في كل من الجانبين علي الزعماء السياسين لدفعهم لاتخاذ مواقف متشددة،
ففي وجود قنوات مفتوحة علي الدوام لخفض التصعيد يصبح الحل قريبا. فعلي سبيل المثال، قام كلاً من الرئيس الكوري الأسبق كيم دي جونج ورئيس الوزراء الياباني الأسبق أوبوشي كيزو بإصدار إعلان مشترك في أكتوبر عام 1998 جاء فيه أن الحكومة اليابانية تعتذرعن الأخطاء التي ارتكبت في كوريا خلال فترة الاستعمار الياباني، وفي المقابل أشاد الرئيس الكوري من خلال هذا الإعلان بما تقوم به اليابان من مساهمات ايجابية دولياً. وبالفعل ساعدت هذه البيانات المتبادلة بين الرجلين في ذلك الوقت، علي تهدئة الأجواء وتخفيف حدة التوتر بين الجانبين حول موضوع الجزيرتين دوكدو وتاكشيما.
كما ساعدت هذه البيانات أيضاً علي إطلاق المباحثات حول أنشطة الصيد في هذه المنطقة. والأهم من ذلك هو حرص الدولتين علي دفع التعاون الاقتصادي بينهما إلي مستويات أعلي ليستطيعا معاً احتواء تداعيات الأزمة المالية التي ضربت الأسواق الآسيوية بشدة في ذلك الوقت.
وفي الوقت الحالي يمكن لمثل هذه التنازلات الرمزية والبيانات التي تتصف بالحكمة أن تساعد في تسوية وتمهيد الطريق نحو ايجاد مجالات للتعاون المشترك أكثر حيوية وايجابية. ففي الخطاب الذي ألقاه في الخامس عشر من أغسطس بمناسبة عيد التحرير وإنهاء الاستعمار الياباني في شبه الجزيرة الكورية حرص الرئيس مون علي الإبتعاد عن السجالات ودق طبول الحرب التي سادت في الأسابيع الأخيرة، ملوحاً –بدلاً من ذلك- بغصن الزيتون. كما اكد الرئيس مون في خطابه هذا علي أن الوقت مازال متاحاً لم ينفذ بعد إذا ما رغبت اليابان في السير علي طريق المباحثات والتعاون حيث ستجد يد الكوريين ممدودة. بل أكثر من ذلك جاء حرص الرئيس مون علي الإعلان أن بلاده ستعمل جاهدة مع اليابان علي جعل شرق آسيا منطقة تجارة تتسم بالعدل والتعاون. وذهب أبعد من ذلك حينما قام بالترويج لدورة الألعاب الأوليمبية التي تستضيفها اليابان في الصيف القادم قائلاً أنه يتمني أن تبعث هذه الدورة أمل الشعوب في تعزيز أواصر الصداقة والتعاون فيما بينهما.
وفيما يعد لطمة لأصحاب المواقف المتشدده وغلاة القومية في اليابان أكد الرئيس مون في خطابه علي رغبة بلاده لبدء صفحة جديدة مع اليابان. لذا فإنه يمكننا القول أن الكرة أصبحت الآن في ملعب الحكومة اليابانية والتي يجب عليها أن تستجيب وتبدي رداً ايجابياً وإلا خاطرت بسمعتها واتهمت بعدم اللعب النظيف علي الساحة العالمية.
وفي الختام، يجب الإشارة إلي أن ما سبق ذكره من اقتراحات لخفض التصعيد والمتمثل في الطرق الثلات السابق ذكرها تشير إلي ما هو متاح لكل من اليابان وكوريا الجنوبية لتخفيف حدة التوتر بينهما بغض النظر عن تصاعد الأحداث أو تنامي المد القومي في كلا الجانبين.
وعلي الرغم من أن ما قاما به الرئيس الكوري مون ورئيس الوزراء الياباني أبي من مناشدة الولايات المتحدة للتدخل هو جهد محمود يجب استثماره ومواصلته، إلا أن حدة الموقف والخوف من قيام طرف ثالث باستغلاله لصالحه يجعل من الصعب الحصول علي نتائج مرجوة في وقت قصير، وهذا يتطلب من سيول وطوكيو ألا يتركا الأمور تسير هكذا وينتظروا الفرج من قوي خارجية. فالولايات المتحدة بالذات مازالت تتعامل مع الأزمة ببطء شديد.
فإلي جانب سعيهم إلي دعم خارجي للخروج من هذه الأزمة يجب علي طوكيو وسيول أن يستعدوا بكل ما يملكون من امكانيات وفرص تعاونهم علي الخروج معاً من هذه الأزمة، التي تهدد الاستقرار الذي تسعي الولايات المتحدة للحفاظ عليه في هذا الجزء من قارة آسيا.