“مفاوضات السودان” في طريق مسدود
دخلت الأزمة السودانية منعطفا جديدا أكثر خطورة بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة بين قوى المعارضة والمجلس العسكري.
وهددت قوى المعارضة بتصعيد تحركهم في الشارع، حيث دعت إلى احتجاجات جديدة أطلقت عليها “مليونية المدنية والبناء”، للاعتصام بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، والمطالبة بتسليم الحكم لسلطة مدنية.
وتعثرت جلسة المفاوضات التي عقدت الاثنين الماضي، بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، بسبب قضية المجلس السيادي ونسب التمثيل فيه ورئاسته.
ويستعد السودانيون للمشاركة في المسيرات التي دعت إليها قوى إعلان الحرية والتغيير، والتي تأتي كمحاولة للضغط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى المدنيين.
وطالب بيان صادر عن قوى الحرية والتغيير السودانيين في العاصمة والولايات بالخروج إلى الشارع والاحتشاد بمقر القيادة العامة وسط الخرطوم وفي مناطق الاعتصام المحددة بالولايات المختلفة.
وفي تغريدة على تويتر، قال تجمع المهنيين السودانيين إنهم “مستعدون للإضراب العام والعصيان المدني الشامل، لكسر ما وصفه بشوكة العسكر وإسقاطهم.
وأضاف التجمع أن “العسكر ماضون في طريق من سبقوهم بعدم التسليم والتعنت في التفاوض”.
“وساطة جديدة”
من جانبه، أكد نائب رئيس المجلس العسكري السوداني التزام المجلس بتأسيس حكومة مدنية لحين إجراء انتخابات حرة ونزيهة.
وأضاف الفريق ركن محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري أن “الجيش يريد تسليم السلطة لحكومة منتخبة ديمقراطيا في أسرع وقت ممكن”.
ونقلت تقارير صحفية عن مصادر بالمجلس العسكري قولها، إن “هناك وساطة لتقربب وجهات النظر مع قوى الحرية والتغيير”.
“التفاوض مستمر”
من جانبه قال غازي صلاح الدين، رئيس الجبهة الوطنية للتغيير، إنه “من المبكر الحكم على حجم المشاركة الشعبية في المليونية التي دعا إليها تجمع المهنييين”، مؤكدًا أن “نهاية اليوم ستضح الأمور كاملة”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “المشاركات الاحتجاجية الأخيرة شهدت مشاركة شعبية متوسطة، ليست قليلة ولا كبيرة”، مشيرًا إلى أن “مؤشرات الاستجابة للعصيان المدني أكثر تعقيدًا، ربما يتبين الأمر في نهاية اليوم”.
وبشأن فشل جلسة التفاوض الأخيرة بين المعارضة والمجلس العسكري، قال إن “المفاوضات لم تصل بعد لطريق مسدود، فالباب لم يغلق وإمكانية الوصول إلى اتفاق لا يزال قائمًا”.
وأكد أن “نقاط الخلاف بين المعارضة والمجلس كبيرة، ولم يتم الاتفاق عليها إلى الآن”، متوقعًا “الجلوس مجددًا على طاولة التفاوض”.
“عصيان مدني”
وكان محمد ضياء الدين، الناطق الرسمي باسم قوى الإجماع الوطني، أحمد مكونات الحرية والتغيير، قال في تصريحات سابقة لـ “سبوتنيك” عقب فشل جولة المفاوضات الأخيرة، إن “المجلس العسكري من خلال التباطؤ والتلكؤ يهدف إلى إحداث انشقاق بين المفاوضين وأيضا بين الثوار وصولا إلى إحداث خلافات بين المكونات السياسية لقوى الحرية والتغيير”.
وأضاف أن “المجلس العسكري يلعب على عامل الزمن وبشكل خاص في تلك الأيام حيث شهر رمضان والصيف ودرجة الحرارة المرتفعة، ويطمح المجلس إلى يأس المعتصمين وتركهم ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة لينتهي بعدها مشكلة الاعتصام أمام العالم”.
وأشار إلى أنه “في حال استمرار المجلس على هذا النحو، سيدخل الثوار في إضراب سياسي وعصيان مدني”.
وبشأن إمكانية عقد مفاوضات جديدة، لفت ضياء الدين، إلى أنه “ليس بيد المجلس العسكري تحديد مواعيد أخرى للتفاوض، وأن الموعد الجديد يجب أن يكون قائما على رؤية جديدة ومحددة لحل النقاط المختلف عليها مع الثوار”.
وتعثرت المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقادة الاحتجاجات بسبب الخلاف بشأن مجلس السيادة المقترح لإدارة المرحلة الانتقالية.
وتريد قوى الحرية والتغيير أن تكون أغلبية المجلس ورئاسته للمدنيين، في حين يرفض العسكر ذلك.
ويشهد السودان، حاليا، مرحلة انتقالية بعد الإطاحة بالرئيس السابق، عمر البشير، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، إثر حراك شعبي، وتولى مجلس عسكري انتقالي مقاليد الحكم لفترة انتقالية، برئاسة وزير الدفاع السابق عوض بن عوف، الذي لم يلق قبولا من مكونات الحراك الشعبي ما اضطره بعد ساعات لمغادرة موقعه مع نائب رئيس المجلس، رئيس الأركان السابق كمال عبد الرؤوف الماحي، ليتولى قيادة المجلس المفتش العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان.