عاجل

صحيفة “نويه تسوريشر تسايتونغ” السويسرية : السلطة الدينية الجديدة بقيادة ابن سلمان تسعى إلى حذف النصوص المشكوك في صحتها والتي تدعو للتطرف

نشرت صحيفة “نويه تسوريشر تسايتونغ” السويسرية تقريرا، تناولت فيه محاولات الأمير محمد بن سلمان من أجل تغيير المنهج الوهابي في السعودية إلى منهج “معتدل”. وقالت الصحيفة إن هذا التغيير يعد بمنزلة تحد حقيقي للعائلة المالكة في السعودية، في مواجهة الدوائر الوهابية القوية في المملكة، التي لن تتخلى عن المذهب الوهابي دون مقاومة فعلية.

وأوضحت الصحيفة،أن السعودية تشهد وضعا متوترا منذ أن أعلن ولي العهد، محمد بن سلمان عن عودة الرياض مرة أخرى إلى المنهج الإسلامي “المعتدل”، الذي تنص عليه جميع الأديان، مشيرة إلى أن الوهابية تعد أكثر المذاهب السنية تطرفا، بالإضافة إلى أن الوهابيين في المملكة يتمتعون بنفوذ قوي، على غرار رجال الدين في إيران. وأضافت الصحيفة أن محمد بن سلمان أصبح مؤخرا الحاكم الفعلي للبلاد وصاحب نفوذ غير محدود. وقد جعل مهمته الرئيسية قيادة البلاد إلى الحداثة.

وفي وقت سابق، أكد ابن سلمان أنه سيسعى إلى جعل اقتصاد البلاد بعيدا عن الاعتماد بشكل أساسي على النفط. وفي هذا الصدد، صرح ابن سلمان أن “الدولة التي لا تتبنى الابتكار في القرن الواحد والعشرين تعد بلدا متخلفا. ينبغي على المواطنين العمل بجد أكبر”. وفي الأثناء، لا يخفى عن ابن سلمان، أن هذا المنهج الوهابي المتطرف والعدواني، والمتمرد في بعض الأحيان، قد يوجه له ضربة قوية في أي وقت.

وأوردت الصحيفة على لسان ابن سلمان أن “الشعب يريد أن يحيا حياة طبيعية، حياة يسودها التسامح الديني، وأن تصبح الرحمة جزءا من تقاليدنا. خلال الثلاثين سنة المقبلة سنتخلص من تلك الأفكار التخريبية، سنقضي عليها ابتداء من اليوم. سوف نضع حدا للتطرف، قريبا جدا”.

وتابعت الصحيفة أنه من المستبعد أن يتخلى رجال الدين الوهابيون عن سطوتهم الدينية في البلاد دون مقاومة، مؤكدة أن هذه الأفكار راسخة في صلب المجتمع السعودي، منذ أن أسسها محمد بن عبد الوهاب.

وفي القرن الثامن عشر، قام محمد بن عبد الوهاب بالتحالف مع آل سعود من أجل تسليط قيود على الملوك الذين يحكمون البلاد. ولم يستطع أي ملك التخلص منها منذ ذلك الوقت إلى الآن. وإبان تنصيب محمد بن سعود وليا للعهد، سعى البيت الحاكم لاعتماد سياسة حقيقية وفعلية والتخلص من قبضة الوهابيين. ولكن هذه المحاولات لم تكلل بالنجاح.

الجدير بالذكر أنه في سنة 1979، عندما اقتحم مسلحون المسجد الحرام، صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء في السعودية تبيح استخدام العنف ضد المسلحين. إثر ذلك، قامت الأسرة الحاكمة بتعزيز نفوذ علماء الدين، وإنفاق المليارات من أجل نشر منهجهم، الأمر الذي كان له عواقب وخيمة. إلى جانب ذلك، يعدّ منهج ابن عبد الوهاب المنهج المتبع من قبل العديد من أفراد تنظيم الدولة. ومن بين قواعد هذا المنهج مكافحة الشيعة داخل البلاد وخارجها.

وأوضحت الصحيفة أن السعودية لن تكون قادرة على انتهاج مبدأ الانفتاح والتسامح بكل سهولة، في حين تظل الدعوة إلى إعادة النظر في النصوص الدينية الإسلامية قائمة. وقالت الصحيفة، في هذا السياق، يجب أن يدرك الجميع أن اقتراح إنشاء سلطة جديدة تعتمد على أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأقواله وأفعاله وعاداته، أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبل.

وذكرت الصحيفة أن نظام الملالي ورجال الإفتاء يوظفون هذه الأحاديث من أجل دعم حججهم. في المقابل، يبدو أن السلطة الدينية الجديدة بقيادة ابن سلمان ستسعى إلى حذف النصوص المشكوك في صحتها، والنصوص التي تدعو للتطرف، بالإضافة إلى النصوص المتناقضة، بطريقة علمية. نتيجة لذلك، سنشهد جولة جديدة من الصراعات حول تفسير بعض النصوص الإسلامية.

وأكدت الصحيفة أن هذه السلطة الجديدة سوف تعمل على كبح جماح المتطرفين وتطبيق مبادئ الدين المعتدل. ومن المنتظر أن يترأس لجنة مراقبة الحديث عضو مجلس كبار العلماء، الشيخ محمد بن حسن آل شيخ. ويحيل ذلك إلى أن بيت آل سعود استطاع استقطاب صفوة علماء الدين إلى صفه.

وأشارت الصحيفة إلى أن الوهابيين ما زالوا يقاومون إلى الآن، علما أنهم يدركون جيدا أن البلاد في حاجة إلى المزيد من الحرية. في الأثناء، يتوقع الوهابيون فشل “رؤية 2030” التي تدعو للحداثة. وتابعت: “منذ أشهر، ما فتئت وسائل الإعلام السعودية تقدم مفهوما جديدا عن الهوية السعودية، لا يخلو من الوهابية في أصله وفي الوقت نفسه، يحمل مفاهيم علمانية على غرار القومية والتراث الثقافي”.

وقالت الصحيفة إن التعامل مع الشيعة في شرق البلاد، يقتضي تبنيه طريقة مختلفة، والنأي عن سياسة الاستقطاب والقمع. بالإضافة إلى ذلك، لا بد أن تسقط العديد من الأنظمة التي تعادي المرأة، حتى وإن كانت تلك الأنظمة تزعم أن قوانينها تعمل وفقا للشريعة الإسلامية. وعدّت الصحيفة أن السماح للمرأة بقيادة السيارة وإلغاء وصاية الرجل عليها، مؤشر إيجابي لما قد تؤول إليه الأمور في المستقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى