مشروع قانون إسرائيلي يلغي تشريعا أردنيا في الضفة
في خضم إعلان الحكومة الإسرائيلية عزمها ضم الضفة الغربية، كشفت تقارير عن تحركات قانونية لشرعنة تملك اليهود في أراضي الضفة الغربية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن لجنة وزارية إسرائيلية تبحث مشروع قانون يهدف إلى إلغاء قانون أردني قائم لتنظيم هذه المسألة.
ويسمح مشروع القانون الذي تقدم به عضو الكنيست من حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف موشيه سلومون، لليهود بامتلاك الأراضي في الضفة الغربية.
ويطرح البعض تساؤلات بشأن تداعيات هذه الخطوة، وخطورتها، وموقف الأردن في ظل انتهاك قانونه بالضفة، لا سيما في ظل الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية الفلسطينية.
قانون أردني ساري
اعتبر حمادة أبو نجمة، خبير القانون الدولي الأردني، أن هذه الخطوة تأتي في سياق استراتيجية إسرائيلية واضحة، تستهدف فرض واقع جديد على الأرض في الضفة الغربية، بما يخدم أجندة اليمين المتطرف الساعي إلى ضمها فعليًا لإسرائيل.
وبحسب حزب “الصهيونية الدينية”، الذي يدفع بهذا المشروع، يهدف إلى تعزيز الاستيطان وشرعنة السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وهو ما يتناقض مع مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وأكد أن من الناحية السياسية يعتبر القانون تصعيدًا خطيرًا، حيث يعمق التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويقوض احتمالات التوصل إلى حل سياسي عادل وشامل للنزاع.
وتابع: “كما يضعف القانون، موقف إسرائيل أمام المجتمع الدولي، خاصة أن هذه الخطوة تتزامن مع تعيين شخصيات أمريكية داعمة للاستيطان في مناصب مؤثرة ضمن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما يشير في مجملها، إلى تحول سياسي دولي قد يشجع إسرائيل على التمادي في سياساتها الأحادية”.
ويرى أن مشروع القانون المقترح ينتهك بوضوح القانون الدولي، الذي يعتبر الضفة الغربية أرضا محتلة تخضع لأحكام اتفاقيات جنيف ولائحة لاهاي لعام 1907، والقانون الأردني الذي يراد إلغاؤه ساري المفعول بموجب المادة 43 من لائحة لاهاي، التي تلزم قوة الاحتلال باحترام القوانين القائمة ما لم تكن هناك ضرورة أمنية ملحة لتغييرها.
وقال إن إلغاء هذا القانون وتسهيل ملكية الأراضي لليهود يعد انتهاكا مباشرا لاتفاقيات جنيف، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي المحتلة أو إجراء تغييرات جوهرية تؤثر على السكان الأصليين، كذلك، فإن السماح بملكية الأراضي على أساس تمييزي يشكل خرقا واضحا لمبادئ المساواة المنصوص عليها في القانون الدولي.
ويعتقد أبو نجمة أن المقترح يهدف إلى توسيع رقعة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، مما يؤدي إلى مزيد من التهجير القسري للفلسطينيين وتقويض وجودهم على أراضيهم، وهذا يؤدي إلى تعميق الأزمات المرتبطة بالموارد والبنية التحتية، حيث تخصص موارد الأراضي والمياه لصالح المستوطنات بشكل غير متوازن.
وبين أن مشروع القانون ليس مجرد تعديل تشريعي داخلي، بل خطوة مدروسة لتعزيز الضم التدريجي للضفة الغربية من خلال تطويع التشريعات الإسرائيلية لتخدم أجندة الاستيطان.
وأوضح أنه من الناحية القانونية والسياسية، يشكل هذا المشروع خرقا للقوانين الدولية، ويؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة، كما أنه يظهر تجاهلا واضحا للحقوق الفلسطينية، مما يعمق الصراع ويجعل احتمالات التوصل إلى حل سياسي أكثر صعوبة.
خطة إسرائيلية
في السياق، اعتبر الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن القانون القائم في الضفة الفلسطينية بشكل عام هو قانون أردني ولم تحدث السلطة أي تعديل عليه.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، المستوطنون والمتطرفون الإسرائيليون يعمدون منذ سنوات إلى مصادرة الأراضي الفلسطينية، وتملكها، دون الرجوع لأي قانون.
وقال الرقب إن اليمين المتطرف الذي يتجهز لضم مساحات من الضفة الغربية يسعى إلى إصدار قانون يشرعن له ذلك، وكل هذا يتم استعدادا لوصول ترمب الذي سيدعم حسب التقديرات كل جهود هذا اليمين في شرعنة سرقة الأراضي الفلسطينية.
وتابع: “صحيح أن هذا يتجاوز وينقلب على قانون أردني قائم ولكن الأردن لا يمكنه فعل شيء وقد يصدر بيان إدانة لهذا الإجراء، فيما قد يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة لمناقشة هذا الإجراء الإسرائيلي”.
مخططات ضم الضفة
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخرًا، إنه “سيطرح فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فور تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئاسة رسميا”.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن نتنياهو قال، في الاجتماعات المغلقة، إن “إعادة إمكانية السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة يجب أن تعود إلى جدول الأعمال مع دخول ترامب إلى منصبه”، دون المزيد من التفاصيل.
وأعرب وزير المال الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عن أمله أن “توسع إسرائيل سيادتها لتشمل الضفة الغربية بحلول 2025”.
وقال سموتريتش: “حان الوقت لتطبيق السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية”، مشيرًا إلى أنه وجّه تعليماته لقسم الاستيطان في وزارة الدفاع الإسرائيلية والإدارة المدنية بالبدء في العمل التحضيري الشامل والمهني لإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق السيادة.
وكشف تقرير أمريكي، الشهر الماضي، أن وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، قال في تسريب صوتي له، إن الحكومة الإسرائيلية منخرطة في جهد سري لتغيير الطريقة التي تحكم بها إسرائيل الضفة الغربية.