السياسة

الممر الآمن لقيادات “حماس” مقابل وقف الحرب على غزة.. ما دلالات مقترح بلينكن وما إمكانية قبوله

وسط انسداد أفق الحل السياسي لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفشل كافة الجهود في إبرام صفقة التبادل، يأتي مقترح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بشأن فكرة “ممر آمن”.

الفكرة التي عرضها بلينكن تنص على توفير “ممر آمن” لخروج عناصر وقادة حماس من قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، وكذلك وقف وإنهاء الحرب على قطاع غزة.

وطرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية قبول حركة حماس هذا المقترح، في ظل التطورات الإقليمية المهمة، والتدمير الكبير الذي طال القطاع جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة.

رفض مطلق

اعتبر الدكتور حسام الدجني، المحلل السياسي الفلسطيني أن من المستحيل أن تقبل حماس، أو أي من فصائل المقاومة بمقترح الخروج الآمن، وكأن الخلاص الفردي لها سيكون مقابل الإفراح عن الرهائن الإسرائيليين في ظل كل هذه الخسائر.

وبحسب تركيبة وسيكولوجية القيادة الفلسطينية في قطاع غزة تؤكد أن مجرد الاستماع للعرض مرفوض، ولا يمكن لها القبول بهذه المعادلة، وأقل من رؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، لا يمكن فتح ملف الأسرى مرة أخرى.

وقال إن الأصل في هذا الأمر حراك المجتمع الإسرائيلي للضغط من أجل إنهاء هذه الأحداث وهذا الواقع الذي قد يمهد لحرب أوسع وأشمل بعد وصول ترامب لسدة الحكم في حال تعثر أو قدم رؤية لا تقبلها كل الأطراف.

ويرى أن “المنطقة أمام سيناريو التصعيد والحرب الواسعة التي لا تخدم أي طرف، وهناك ضرورة من كل الأطراف الدولية والإقليمية للعمل على مقاربة سياسية تنهي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتوقف هذه الحرب”.

وفيما يتعلق بهدف ودلالات الطرح، قال الدجني إن يأتي من باب تبريد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وكأن هناك جهود تبذل في هذا الملف، إضافة إلى تشويه صورة المقاومة، إظهارها كأنها تفاوض من أجل خلاصها الفردي.

العودة للمربع الفلسطيني

في السياق، قال المحلل السياسي فادي أبو بكر، إن مقترح الخروج الآمن لحماس من قطاع غزة، مقابل وقف الحرب وتبادل الأسرى، ليس الأول من نوعه، كان هناك عروض مشابهة أكثر من مرة، لا سيما قبل اغتيال يحيى السنوار، وكان التركيز حينها عن تأمين خروجه مع بعض القيادات العسكرية في مقابل وقف الحرب وإجراء تبادل للأسرى.

وبحسب حديثه اليوم بعد السنوار والتطورات في المشهد والحديث عن إغلاق مكتب حماس في قطر، وتوجه طهران بالحراك السياسي نحو وقف الحرب على لبنان بالتعاون مع أمريكا، دون أي حراك يذكر لوقف الحرب في غزة.

وتابع: “يتضح وكأن الأطراف الإقليمية إيران وقطر التي كانت تستند إليها حركة حماس كداعم استراتيجي، تتخلى عنها اليوم بشكل واضح، حيث وصلت هذه الأطراف لقناعة، وتحديدا إيران أن امتدادها في غزة قد فقدته، وتسعى اليوم لحماية حزب الله في لبنان، والحفاظ على قدرات الحزب العسكرية في لبنان، قبل أن يحصل له ما حصل لحماس في غزة، وتبيقه كورقة ضغط استراتيجية خاصة في المستقبل القريب بعد وصول ترامب للحكم، بحيث يكون لإيران أدوات الضغط التي يمكن أن تتفاوض وتقدم فيها أوراق قوية للمساومة فيما يخص ملفات اقتصادية وسياسية، لا سيما الملف النووي”.

ويرى أن قبول حماس لهذا المقترح الأخير يعني إنهاءها على الصعيد الاستراتيجي، وتحقيق الأهداف التي أعلنتها إسرائيل في بداية هذه الحرب، لأن خروجها يعني القضاء على الحركة، مستبعدًا قبول حماس هذا المقترح.

وأوضح أن كل ما تم ذكره من عوامل إقليمية ودولية تشكل ضعفا للحركة، يتطلب من حماس العودة للمربع الفلسطيني، وأن تحتكم إلى منظمة التحرير، وتنخرط في عملية توحيد الصف الوطني، كون منظمة التحرير الحصن الوحيد الذي سيحمي الشعب الفلسطيني من محاولات تفكيكه والسيطرة عليه.

وأعلن بلينكن، أن إسرائيل حققت أهدافها بقطاع غزة، وأنه حان وقت إنهاء الحرب، وأضاف للصحافيين أن الولايات المتحدة تريد هدناً حقيقية وممتدة في قطاع غزة، حتى يتسنى توصيل المساعدات إلى المحتاجين إليها، كما اعتبر أنه من الجيد ممارسة بعض الضغوط الحقيقية على حركة حماس لإنهاء الحرب.

وأعلن بلينكن أن بلاده طرحت ممراً آمناً لخروج مقاتلي حماس من غزة مقابل إطلاق سراح الأسرى، من دون كشف مزيد من التفاصيل، وفقا للعربية.

وفي وقت سابق، اتهمت حركة “حماس” الفلسطينية، الولايات المتحدة بالتواطؤ في “حرب إبادة” في قطاع غزة، وذلك بعد تصريح واشنطن بأن إسرائيل لا تنتهك القانون الأمريكي بشأن مستوى المساعدات المقدمة للقطاع.

وأدانت حماس في بيان، مزاعم واشنطن حول “اتخاذ إسرائيل تدابير لتحسين الوضع الإنساني في غزة”، وذكرت في بيان أن هذه التصريحات تمثل “تأكيداً للشراكة الكاملة لإدارة الرئيس (جو) بايدن في الحرب الوحشية للإبادة ضد شعبنا”.

ولا تزال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية “طوفان الأقصى”؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.

وردت إسرائيل بإعلان الحرب رسميًا على قطاع غزة، وبدأت بقصف مدمر ثم عمليات عسكرية برية داخل القطاع، ما أدى إلى مقتل وجرح نحو 150 ألف شخص، وفق مصادر فلسطينية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى