شعرة لبيتهوفن تكشف عن مفاجأة بعد قرنين من وفاته
في يوم إثنين عاصف من شهر مارس/ آذار، عام 1827، توفي الملحن الألماني لودفيغ فان بيتهوفن بعد صراع طويل مع المرض.
وبعد أن ظل بيتهوفن، طريح الفراش منذ عيد الميلاد السابق لوفاته، أصيب باليرقان، وتورمت أطرافه وبطنه، وكان كل نفس يتنفسه يشكل تحديا.
وبينما كان زملاؤه يشرعون في مهمة فرز متعلقاته الشخصية، اكتشفوا وثيقة كتبها بيتهوفن قبل ربع قرن من الزمان، وصية يطلب فيها من إخوته أن يكشفوا تفاصيل حالته للجمهور.
واليوم ليس سراً أن أحد أعظم الموسيقيين الذين عرفهم العالم على الإطلاق كان أصماً وظيفياً في منتصف الأربعينيات من عمره.
دراسة تكشف عن بقايا “تكنولوجيا متقدمة” لدى حضارة المايا… صور وفيديو
18 نوفمبر 2021, 13:45 GMT
ولقد كان من المفارقات المأساوية، التي تمنى بيتهوفن أن يفهمها العالم، ليس فقط من منظور شخصي، بل وأيضاً من منظور طبي.
وعاش الملحن أكثر من طبيبه بحوالي عقدين من الزمان، ومع ذلك، بعد ما يقرب من قرنين من الزمان من وفاة بيتهوفن، شرع فريق من الباحثين بالوفاء لوصيته. بطرق لم يكن ليحلم بها أبدًا، من خلال التحليل الجيني للحمض النووي في عينات موثقة من شعره.
وأوضح عالم الكيمياء الحيوية يوهانس كراوس، من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا، عندما تم الكشف عن النتائج: “كان هدفنا الأساسي هو تسليط الضوء على مشاكل بيتهوفن الصحية، والتي تشمل فقدان السمع التدريجي، بدءًا من منتصف العشرينات من عمره وأواخرها، مما أدى في النهاية إلى إصابته بالصمم الوظيفي بحلول عام 1818”.
ولم يُعرف السبب الرئيسي لفقدان السمع هذا، حتى لطبيبه الشخصي الدكتور يوهان آدم شميت
وبدأ بيتهوفن في العشرينيات من عمره، المعاناة من طنين في الأذن، ثم تحول ببطء إلى فقدان القدرة على تحمل الضوضاء العالية، وفي النهاية فقدان السمع في النغمات العالية، مما أنهى فعليًا حياته المهنية كفنان أداء.
لا يوجد شيء أكثر سخرية بالنسبة لموسيقي، في رسالة موجهة إلى إخوته، اعترف بيتهوفن بأنه “مصاب بشكل ميؤوس منه”، لدرجة التفكير في الانتحار.
ولم يكن فقدان السمع هو ما كان على الملحن التعامل معه في حياته، حيث يقال إنه عانى منذ سن 22 عامًا على الأقل من آلام شديدة في البطن.
وقبل ست سنوات من وفاته، ظهرت أولى مؤشرات مرض الكبد، وهو المرض الذي يُعتقد أنه كان مسؤولاً جزئيًا على الأقل عن وفاته في سن مبكرة نسبيًا بلغت 56 عامًا.
وفي عام 2007، أشارت تحقيقات الطب الشرعي في خصلة من شعر بيتهوفن إلى أن التسمم بالرصاص ربما يكون قد عجل بوفاته، إن لم يكن مسؤولاً في النهاية عن الأعراض التي أودت بحياته.
وبالنظر إلى ثقافة الشرب من أوعية الرصاص، والعلاجات الطبية في ذلك الوقت، التي تنطوي على استخدام الرصاص، فإن هذا الاستنتاج ليس مفاجئًا على الإطلاق.
لكن هذه الدراسة الأخيرة، التي نُشرت في مارس 2023، تفند النظرية، وتكشف أن الشعر، لم يأتِ من بيتهوفن في المقام الأول، بل من امرأة مجهولة.
الأمر الأكثر أهمية، هو أن العديد من الخصلات التي تم تأكيدها على أنها من المرجح أن تكون من رأس الملحن، تثبت أن وفاته كانت على الأرجح نتيجة لعدوى التهاب الكبد ب، والتي تفاقمت بسبب شربه وعوامل الخطر العديدة لأمراض الكبد.
وقال كراوس: “لم نتمكن من العثور على سبب قاطع لصمم بيتهوفن أو مشاكل الجهاز الهضمي”.
ونظرًا لأن الفريق استلهم إلهامه من رغبة بيتهوفن في أن يفهم العالم فقدانه للسمع، فهذه نتيجة مؤسفة، على الرغم من وجود مفاجأة أخرى مدفونة بين جيناته.
حيث تشير التحقيقات الإضافية التي قارنت بين “كروموسوم Y” في عينات الشعر، وعينات أقارب حديثين ينحدرون من خط بيتهوفن، الأبوي إلى عدم التطابق.
يشير هذا إلى النشاط الجنسي خارج نطاق الزواج في الأجيال التي سبقت ولادة الملحن.
وقال تريستان بيج، عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة: “يشير هذا الاكتشاف إلى وجود حدث أبوة خارج الزواج في خط الأب بين الحمل بهندريك فان بيتهوفن في كامبنهاوت، بلجيكا، في حوالي عام 1572، والحمل بلودفيج فان بيتهوفن بعد سبعة أجيال في عام 1770، في بون، ألمانيا”، وفق قوله.