تقرير – زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان تواجه محاكمة قد تدمر طموحاتها الرئاسية
تشير استطلاعات الرأي إلى أن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان، أقرب من أي وقت مضى للفوز بالرئاسة، لكن المحاكمة التي تبدأ اليوم قد تقلب مستقبلها السياسي رأساً على عقب.
وتُتهم لوبان وحزبها (التجمع الوطني) و26 عضواً آخرون – بمن في ذلك مشرّعون فرنسيون حاليون وسابقون، وأعضاء في البرلمان الأوروبي – باختلاس أموال البرلمان الأوروبي، من خلال ما أطلق عليه المدّعون «نظاماً» لمنح عقود المساعدين البرلمانيين للأفراد الذين عملوا غالباً على عمليات الحزب، بدلاً من شؤون الاتحاد الأوروبي، في انتهاك واضح لقواعد الاتحاد الأوروبي. ووقع المخطط المزعوم بين عامي 2004 و2016، إلا أن لوبان نفت مراراً أي مخالفات.
إن المخاطر هائلة بالنسبة للسياسية الفرنسية التي ترشحت ثلاث مرات لمنصب الرئاسة. وإذا ثبتت إدانتها بعد المحاكمة فقد تواجه عقوبة قصوى بالسجن 10 سنوات، وغرامة تصل إلى مليون يورو. وفي حين أن عقوبة السجن بهذه المدة غير مرجحة، فإنها تواجه أيضاً حظراً محتملاً لمدة خمس سنوات على الترشح لمنصب عام، ما من شأنه أن يمنعها من الترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2027.
وقد قالت لوبان إنها تخطط فعلاً للترشح في هذه المنافسة. وأظهر استطلاع رأي حديث أنه إذا أجريت الانتخابات الرئاسية اليوم، فقد تحصل لوبان على نحو 40% من الأصوات في الجولة الأولى، اعتماداً على من يترشح ضدها، وسجلت اليمينية المتطرفة ما يزيد قليلاً على 23% في السباق الرئاسي الأخير، وخسرت جولة الإعادة بنسبة 41% من الأصوات.
وقال المدّعون في بيان، إن البرلمان الأوروبي أبلغهم بأن التجمع الوطني أنفق الملايين سنوياً على المساعدين البرلمانيين، الذين شغل أغلبهم مناصب رئيسة داخل الحزب. وقالت الخدمة الصحافية للبرلمان في بيان: «يعتقد محامو البرلمان الأوروبي أنه في هذه الحالة، عانى البرلمان أضراراً مالية، وأضراراً مسّت سمعة المؤسسة التشريعية».
كما تورطت شخصيات بارزة أخرى من اليمين الفرنسي المتطرف، بمن في ذلك جان ماري لوبان، مؤسس الحزب ووالد مارين، فضلاً عن مسؤولين منتخبين آخرين، مثل لويس أليوت، عمدة مدينة بربينيان جنوب فرنسا. وجان ماري البالغ 96 عاماً، سيغيب عن المحاكمة ووُضع تحت الحماية القانونية، بسبب تدهور صحته.
اختلافات ثقافية
وليس التجمع الوطني أول حزب فرنسي يواجه اتهامات بإساءة استخدام أموال البرلمان الأوروبي في العمليات المحلية، ففي وقت سابق من هذا العام، تم تغريم الحركة الديمقراطية الوسطية – وهي جزء من الائتلاف الداعم للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون – 300 ألف يورو، بسبب مزاعم مماثلة. وكان البرلمان الأوروبي قد قدّر في البداية الخسائر التي تسببت فيها الحركة بمبلغ 1.4 مليون يورو، لكنه خفض الرقم لاحقاً إلى 293 ألف يورو، وفقاً لوكالة «فرانس برس».
وكانت الشخصية الأكثر شهرة في قضية الحركة الديمقراطية هو فرانسوا بايرو، أول وزير عدل في عهد ماكرون، وأحد أوائل الشخصيات السياسية الثقيلة التي ألقت بدعمها خلف الرئيس الفرنسي. وتمت تبرئته بسبب «الشك المعقول»، لكن تم تغريم العديد من المسؤولين الآخرين في الحزب، بمن في ذلك خمسة من الأعضاء السابقين في البرلمان الأوروبي، أو صدرت عليهم أحكام بالسجن مع وقف التنفيذ.
وفي غضون ذلك، يزعم التجمع الوطني أن هذه الحالات تنبع من الاختلافات الثقافية في باريس وبروكسل، في ما يتعلق بما يشكّل طبيعة العمل لموظف في حزب سياسي.
وقال مسؤول كبير في التجمع الوطني، طلب عدم الكشف عن هويته: «في الأحزاب السياسية الفرنسية، يعد العمل موظفاً استثناء، والعمل متطوعاً هو القاعدة، لكن هذا ليس هو الحال في الثقافات السياسية الأوروبية الأخرى». وأضاف المسؤول: «إن نهج مكتب مكافحة الاحتيال الأوروبي في التعامل مع السياسة لا معنى له. إذا كان المساعد عضواً في الحزب، فهذا يثير لديهم علامة حمراء».
جدير بالذكر أن جوردان بارديلا، الرئيس الحالي للتجمع الوطني ليس قيد المحاكمة، ولم ينتخب بعد لعضوية البرلمان الأوروبي، ولم يشغل مناصب رئيسة في الحزب خلال الفترة المعنية.
نفوذ وشعبية
وبعد قيادة الحملة الناجحة للحزب في الانتخابات الأوروبية ولعب دور حيوي في الانتخابات الفرنسية المبكرة التي تلت ذلك، مهد نفوذ بارديلا وشعبيته المتزايدة الطريق لمعركة زعامة محتملة بين لوبان وتلميذها. وقد أصرّ التجمع الوطني علناً على أن الثنائي ملتزم بالترشح معاً على «بطاقة انتخابية واحدة»، حيث تسعى لوبان إلى الرئاسة، وإذا فازت فستنصّب بارديلا رئيساً للوزراء.
ولكن إذا ثبتت إدانة لوبان، فقد تأتي عملية الخلافة أسرع مما تريد. وقالت لوبان في فيلم وثائقي: «في السياسة لا يستطيع الكثيرون تحمل فكرة استبدالهم. وبالنسبة لي، إنه أمر مريح، وهذا لا يعني أنني أعتقد أنني سأُدان». وأضافت أن بارديلا (29 عاماً)، يتمتع «بالمكانة والثقة» لتولي المنصب.
ومع ذلك، فإن الاكتشافات الجديدة قد تخيم على مستقبل بارديلا. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة ليبيراسيون اليومية ذات الميول اليسارية، يُزعم أن بارديلا قدم وثائق مزورة للمحققين لإثبات أنه عمل في الشؤون البرلمانية، وليس أعمال الحزب عام 2015 أثناء عمله مساعداً لعضو البرلمان الأوروبي السابق جان فرانسوا جالك.
ووصف بارديلا الاتهامات الموجّهة إليه بأنها «كاذبة» بعد نشر «ليبيراسيون» تقريرها. وقال التجمع الوطني في بيان، إن نشر القصة قبل أيام من بدء محاكمة زعيمة الحزب والأعضاء المعنيين، كان «محاولة فجة» لقلب الإجراءات. وجاء في البيان: «لن ينخدع أحد».
وأضاف المسؤول الكبير في التجمع الوطني، أن لوبان تعتقد أن وجودها قد يؤثر في النتيجة، خصوصاً بالنظر إلى مسيرتها السابقة محامية قبل دخول السياسة. وأضاف النائب في الحزب: «سيكون الأمر كما لو أنها عادت إلى رداء المحامي». وعلى الرغم من العواقب المحتملة، يرى البعض في الحزب أن الحكم بالإدانة يمكن إدارته، وهم يعتقدون أن أنصار الحزب قد يقفون إلى جانب لوبان بغض النظر عما تقرره المحاكم. وقال النائب عن التجمع الوطني: «لقد تعاملنا دائماً مع أحكام المحكمة بشكل جيد للغاية، وقام ناخبونا بذلك بشكل أفضل». عن «بوليتيكو»
• لوبان وحزبها (التجمع الوطني) و26 عضواً آخرون يواجهون اتهامات باختلاس أموال البرلمان الأوروبي بين عامي 2004 و2016.
• قال المدّعون إنهم أُبلغوا بأن التجمع الوطني ينفق الملايين سنوياً على المساعدين البرلمانيين.
• وجود لوبان في المحاكمة قد يؤثر في النتيجة، بالنظر إلى مسيرتها السابقة كمحامية.