السياسة

دور الغرب في انقسام الرأي العام العربي تجاه فلسطين و”المقاومة” ؟

الأزهر : شهداء المقاومة الفلسطينية كانوا مقاومين بحق ولم يكونوا إرهابيين

الباحث الاستراتيجي اللبناني محمد سعيد الرز : “مصر قادت العمل السياسي والدبلوماسي لنصرة حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

اعده للنشر / على خليل

شهد الرأي العام العربي تحولات كبيرة، خلال السنوات الأخيرة، تجاه القضايا العربية والإقليمية وخاصة القضية الفلسطينية.

واتضح الانقسام في الرأي العام العربي، بصورة كبيرة، خلال الأشهر الأخيرة، مع اغتيال بعض القادة من حركة حماس الفلسطينية وكذلك الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، ومنذ أيام عدة، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار.

وفق الخبراء، فإن التحولات الحاصلة والانقسام نتيجة خطط إعلامية غربية عملت على ترسيخ مفاهيم مغلوطة عن “المقاومة”، وكذلك تجاه إيران.

ينقسم الشارع العربي حاليا بين من يلوم “المقاومة” ويتهمها بـ”التبعية لإيران وأنها تتحمل نتيجة ما حدث”، ومن يرى أن “محور المقاومة يدافع عن القضية الفلسطينية وأنه على حق في مواجهة الاحتلال”، وفق الخبراء.

موقف الأزهر الشريف

إشارات هامة تؤكد مشهد الانقسام، حيث أصدر الأزهر الشريف، بيانا شديد اللهجة في الساعات الأولى من صباح أول أمس الجمعة، عقب مقتل يحيى السنوار، جاء فيه: “ينعى الأزهر الشريف شهداء المقاومة الفلسطينية الأبطال، الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة، عاثت في أرضنا العربية فسادًا وإفسادًا، فقتلت وخرَّبت، واحتلت واستولت وأبادت أمام مرأى ومسمع من دول مشلولة الإرادة والقدرة والتفكير، ومجتمع دولي يغط في صمت كصمت الموتى في القبور، وقانون دولي لا تساوي قيمته ثمن المِداد الذي كُتبَ به”.

وتابع البيان: “يؤكد الأزهر أن شهداء المقاومة الفلسطينية كانوا مقاومين بحق، أرهبوا عدوهم، وأدخلوا الخوف والرعب في قلوبهم، ولم يكونوا إرهابيين كما يحاول العدو تصويرهم كذبًا وخداعًا، بل كانوا مرابطين مقاومين متشبثين بتراب وطنهم، حتى رزقهم الله الشهادة وهم يردون كيد العدو وعدوانه، مدافعين عن أرضهم وقضيتهم وقضيتنا، قضية العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها”.

في المقابل، هاجم بعض النشطاء من دول عربية كل من تداول صورة السنوار ووصفه بـ”الشهيد”، وهو الانقسام ذاته الذي انسحب على اغتيال الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله.

خطط غربية

يقول المحلل السياسي السوري مهند الحاج علي، إن “من أخطر ما تقوم به الماكينة الإعلامية الغربية والعربية العبرية المواكبة لها، هو تحويل طبيعة الصراع من صراع عربي فلسطيني – إسرائيلي، إلى صراع إيراني إسرائيلي، ليبنوا على هذه الفكرة مغالطات، تسبب الإرباك للشارع العربي”.

وأضاف ، أن “الجانب الغربي يعمد ترسيخ بعض العبارات والمفاهيم ومنها، إيران تقاتل بحلفائها ولاتقاتل بجيشها، إيران تستعمل القضية الفلسطينية لمد نفوذها في المنطقة، المقاومة في لبنان وفلسطين مرتهنة للأوامر الإيرانية، المقاومة غير قادرة على استخدام أسلحتها الفتاكة، بدون أوامر إيرانية، حماس تسرعت في عملية “طوفان الأقصى”، وورطت الجميع معها”.

وشدد الحاج علي، على أن “إيران ردت على كل هذه العبارات من خلال العمليات، التي ردت فيها على إسرائيل بشكل مباشر، ووضعت نفسها بموقف المواجهة المباشرة مع أمريكا والكيان”.

وتابع: “لكن هذه الأفكار وغيرها تعمد الماكينة الغربية على زرع الفتنة والشقاق في الشارع العربي وتقسيمه إلى معسكرين، بدلا من معسكر مع التطبيع وآخر ضده ومع حقوق الشعب الفلسطيني، بل تريد تقسيمه إلى معسكر إيراني يريد الحرب وسفك الدماء، ومعسكر تطبيعي يريد السلام والأمان”.

واستطرد قائلا: “هذه خلطة خطيرة جدا، ويستخدمها الغرب لشيطنة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكل من هو في محور المقاومة، بل ويعتبرون أن المقاومة أصبحت عيبا، ولا تراعي حياة المدنيين، وكأن هذه المقاومة من الفضاء الخارجي وأتت لتحقق أحلامها في قيادة العالم العربي على حساب دماء الأبرياء”.

وشدد الحاج علي، على أن “غاية الغرب من هذه الدعاية خلق حالة خلافية قد تقود للشقاق والاقتتال، حتى ولو انتهى هذا العدوان، خاصة مع ضعف الإمكانيات الإعلامية لمحور المقاومة، ما يجعل من ماكينة الغرب متفوقة”.

في الإطار، قال الباحث الاستراتيجي اللبناني محمد سعيد الرز، إنه “عقب حدوث التطورات العاصفة في المنطقة العربية، بدءا من عملية “طوفان الأقصى”، وما صاحبها ولحقها من حرب إبادة عنصرية إسرائيلية ضد قطاع غزة بمقاومتها في حركات حماس والجهاد وغيرها، برزت انقسامات عربية إزاء هذا الحدث الكبير، بين مؤيد لحق الفصائل الفلسطينية في النضال من أجل تحقيق أهدافها وكسر الحصار المفروض عليها من قبل إسرائيل، وبين حكومات عربية رأت أن عملية “طوفان الأقصى” لم يتم التنسيق بشأنها مع أي جهة عربية وبالتالي فإن تحمل تبعاتها يعتبر توريطا يطال الأمن الوطني والقومي”.

دور مصري حاسم

وأضاف الرز،”، أن “مصر قادت العمل السياسي والدبلوماسي لنصرة حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة منذ اللحظة الأولى لعملية الطوفان، لكن حكومات عربية اقتصر دورها على تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة ولم تدخل جديا في محور عربي مواجه للعربدة الإسرائيلية، حتى ولو كان دبلوماسيا”.

وتابع: “ومع تطور العمليات الحربية وما نتج عنها من كوارث الموت بالشعب الفلسطيني في غزة برجاله ونسائه وأطفاله، وبسبب الغضب الشعبي العربي بدأت ملامح تحرك عربي بسيط، لكن عندما أفصح نتنياهو عن توجهه لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد، مدعوما بترسانة أمريكية وأطلسية ضخمة سقط الستار وبدأت الحكومات العربية تتحسس مواقعها، لأن الشرق الأوسط الجديد مشروع أمريكي أطلسي إسرائيلي يسعى لتفكيك المقومات الوطنية للدول العربية، وخاصة لتسع دول منها وتدمير جيوشها الوطنية تمهيدا لإضعافها وتقسيمها إلى دول متناحرة مع وصاية إسرائيلية على مقدراتها”.

مخطط أمريكي أطلسي

وأردف الرز: “لذلك أدركت هذه الدول المعنية بهذا المخطط أن المسألة ليست محصورة بالقضاء على حماس أو حزب الله، بل هي استغلال أطلسي إسرائيلي لعملية “طوفان الأقصى” بغية جعلها غطاء لمشروع كبير، تسعى أمريكا من ورائه للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط في مواجهة محور الشرق، ومبادئه تحت عناوين التنمية والتقدم والتكامل والتعاون الحضاري كنقيض للمشاريع الاستعمارية الممتصة لثروات الشعوب والمهدرة لحقوقها في الاستقلال وحق تقرير المصير”.

واستطرد بالقول: “لذلك وجدنا أنه ثمة تحرك عربي للتشاور وتوحيد الموقف ومن أبرز دلالاته القمة، التي يجري العمل على عقدها بين مصر والسعودية والإمارات والأردن وتركيا وباكستان في الأردن، إضافة إلى سلسلة تحركات أخرى تصب في هذا الاتجاه، وجاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى اجتماع دول منظومة “بريكس”، لتؤكد الوعي العربي بالمخاطر المحدقة”.

ويرى المحلل السياسي اللبناني أن “هناك بداية إدراك بأن الخيار الوحيد أمام الدول العربية لمواجهة التحديات هو التضامن وتوحيد الجهود لتجنب مخاطر المشروعات التي تهدد نظمها وتركيبتها الوطنية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى