( سرقات المتنبي من خلال كتاب الإبانة عن سرقات المتنبي للعميدي ) في جمعية ادباء بالاحساء
الاحساء : زهير بن جمعه الغزال
استمراراً وتَميُّزاً بأنشطتها الدورية الثقافية والأدبية أقامت جمعية أُدباء بالاحساء
مُحاضرة بعنوان : ( سرقات المتنبي من خلال كتاب الإبانة عن سرقات المتنبي للعميدي ) عرض وتحليل قدمها أ.د. ياسين إبراهيم علي . وأدارها الدكتور ماهر المحمود في مقر الجمعية .
تناول فيها أ.د يا سين ( سرقات المتنبي من خلال كتاب الإبانة للعميدي وذكر :
- أنه يعدُّ أوفى كتاب، وأشمل مؤلَّف فيما سميَ بسرقات المتنبي) على حدِّ قول المحقق.
- جاء هذا الكتاب في سياق مؤلفات عديدة اعتنت بشعر المتنبي وبيان سرقاته، وهذا يضعنا أمام سؤال مهمّ نحاول الإجابة عنه. هل كان المتنبي سرّاقاً عظيماً أم كان مثقّفاً عظيماً يصدر عن مخزون قرائي عظيم؟
- أجدني أميل إلى التقدير الثاني، الذي تؤيده الدراسة الفاحصة، والقراءة المتريّثة في شعر المتنبي.
- وإذا كان (الناس أبناء عصرهم أكثر من أبناء آبائهم)، كما يقول أحد المفكرين، فإن هذه العبارة تنطبق على المتنبي الذي كان ابن عصره الذهبي بامتياز، لذلك كان شعره مختلفاً، وكان مستودعاً للتراث والفلسفة والحكمة ومعارف العصر المتعددة واستوعبت تجربته الشعرية علوم وفنون المتقدّمين والمتأخرّين، وأحالتها بنيةً فنّيةً مدهشةً، ومُعجِبةً.
إذن، أين تكمن مشكلة المتنبي مع النقّاد؟ - في تصوُّري أن مشكلة المتنبي مع النقّاد لا تكمن في سرقاته، وإنما تكمن في مكان آخر. هذا المكان يمكن تحديده في أمرين: في شخصية المتنبي المتعالية، وفي مبحث السرقات الشعرية في القديم.
أما فيما يتعلق بشخصية المتنبي، فقد عُرِف هذا الشاعر باعتداده الكبير بنفسه، وبعبقريته، وبتجربته الشعرية، وأكثر ذلك خصومه وحساده من حوله.
وأما الأمر الثاني فقد استأثر مبحث السرقات بجهود النقّاد القدامى الذين أولوه عناية لم يحظَ بها أيّ مبحثٍ نقديٍّ في القديم، حتى قال عنه صاحب العمدة ابن رشيق “وهذا بابٌ متسِّعٌ جداً لا يقدرُ أحدٌ من الشعراء أن يدّعي السلامة منه”. وفي تقديري أن هذا الاعتناء وجّه إلى غير وجهته، إذ ليست ما يسمى بالسرقات الشعرية بهذه الخطورة والأهمية، وليت هذه الجهود صُوّبت تجاه قضايا أخرى أكثر أهمية، لعلها تكون أسهمت في تطوير حركة الإبداع الشعري وإنضاجها كما فعل بعض النقّاد الكِبار أمثال الجاحظ الذي مرّ عليها سريعاً في تنظيره للبيان العربي، وعبد القاهر الجرجاني الذي صبَّ جهوده العظيمة في بناء نظرية النظم.
- إن ما فعله المتنبي أو غيره من الشعراء هو عين الإبداع، لأنه عادةً ما يأخذ المعنى المشترك المتداول ويضعه في قالب فنّي أكثر جماليةً، فتسير أشعاره، وتخلد.
- إن تطرّف نقّاد شعر المتنبي في تتبّع واستخلاص سرقاته لم يكن مبرراً، لأن الكثير من هذا الشعر الذي اتهم فيه المتنبي بالسرقة لا يعدو أن يكون نوعاً من توظيف المخزون القرائي للشاعر .
وفي نهاية المحاضرة دارت المداخلات المتنوعة من الحضور . ثم ألقى رئيس الجمعية الدكتور محمود آل ابن زيد كلمة موجزة أكد فيها قيمة شعر المتنبي الفنية الخالدة وأردفها بقطعة شعرية قال فيها :
ثاوٍ وسِحرُكَ لم يزل يتلوَّى
وصريعُكَ الغافي هُنا يتغوّى
يا ( الطائرُ المحكيُّ ) ، كم من آخرٍ
مِن مَقعدٍ لِصداكَ أن يتبوَّا ؟
عُمياننا نظروا إليكَ ، وصُمُّنا
سَمِعوا ، وَمنكَ ضعيفُنا يتقوّى
يا مالئَ الدنيا وشاغلَ أهلِها
أشغلتَ آدمَ في دُناكَ وحَوّا !
عطَّشتَ مِن حيثُ ارتويتَ فقُل لنا
مِن أينَ كُنتَ – كبيرَنا – تترَوَّى ؟!
الناسُ من طينٍ ، ومن شِعرٍ تُرى
سُوِّيتَ ؛ يا سبحانه من سَوَّى !
واختتم كلمته بشكر جزيل للمحاضر أ.د. ياسين إبراهيم، وللمقدم د. ماهر المحمود وللحضور الكريم، والتقطت الصور التذكارية بهذه المناسبة .