المنوعات

ليبيا… استمرار الجدل على “شرعية” رئيس المجلس الأعلى للدولة في البلاد

لا يزال الخلاف مستمرا على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، في ظل مناكفات واتهامات بين الأطراف المتخاصمة، مع بروز مؤشرات بظهور انقسام جديد ولكن هذه المرة داخل أروقة داخل المجلس وذلك نتيجة لوجود كتلتين الأولى مؤيدة لمحمد تكالة، والأخرى داعمة لخالد المشري، الذي نصّب نفسه رئيسا للمجلس، وفقا للتصويت الذي أجري، في السادس من أغسطس/ آب الجاري.

ورقة واحدة كانت كفيلة بأن تصنع خلافا بين أعضاء المجلس الأعلى للدولة ليصل ذلك الخلاف إلى القضاء للبت والفصل فيه لمعرفة من هو الرئيس الشرعي للمجلس.

انقسام وارد

يرى المحلل السياسي السنوسي إسماعيل إن “العادة جرت وترسخ عرف داخل المجلس الأعلى للدولة في ثمان مناسبات سابقة، وفي كل تصويت كان يمضي بنزاهة وسلاسة باعتراف الخاسر والرابح، جرت الأمور بهذا الشكل ولكن حينما وصلت إلى أن يكون هناك تصويت لتكالة، فإن الأمر اختلف من حيث الانقسام الحاصل في المجلس نتيجة التدخلات في المجلس، لا سيما من حكومة الوحدة الوطنية”.

واعتبر إسماعيل أن “هذه الإشكالية التي تحدث داخل المجلس هي أساسية داخله، وهي باعتراف نتيجة التصويت دون أن يكون هناك مشاكل، على الرغم من بت اللجنة القانونية في الورقة المختلف عليها، والتي كانت قد ألغيت منذ بداية الفرز بموافقة كل أعضاء لجنة الفرز”. وأردف أن “المجلس الأعلى للدولة مهدد بالانقسام وربما تشظية وخروجه من المشهد أمر وارد. هناك محاولات لرأب الصدع داخل المجلس”.

وأكد بأن “خالد المشري، متمسك بموقفه باعتباره فاز بالتصويت، وبحسب لوائح المجلس واللجنة القانونية، وحسب مجريات العملية الانتخابية، التي تمت بنزاهة تامة فإن المشري هو من يتمتع بشرعية التصويت والفوز في هذا الاقتراع الذي يمر به المجلس”.

ويعتقد إسماعيل أن “جميع أعضاء المجلس سيلقون نفس المصير ويخرجون من المشهد في حال لم يتفقوا فيما بينهم خاصة في ظل تجمد العملية السياسية ووجود ضغوطات كبيرة على كل الأطراف”.

ويرى أن “هذه المشكلة يسهل حلها من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الواقع في طرابلس معقد والتدخلات في المجلس قد تسبب في ذلك”.

وأوضح أن “تكالة مثل المجلس أسوأ تمثيل نتيجة لضعفه الشديد وعدم وجود أي محتوى سياسي عمل عليه كان قد يؤدي إلى توافقات في العملية السياسية، واتبع سياسة الرفض والغياب في المحافل السياسية كلها عوامل تؤدي إلى ضعف مجلس الدولة وانقسامه”.

مؤكدا بأن “تيار التوافق داخل المجلس الأعلى للدولة أصبح يتمتع بمصداقية أكبر لدى الأطراف الأخرى خاصة فيما يتعلق بالتوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة”.

صراعات كبيرة

من ناحية أخرى، قال المحلل السياسي، عصام الزبير، إن “هناك مجموعتين داخل المجلس الأعلى للدولة، مجموعة يقودها المشري وهي تريد أن تتوافق مع مجلس النواب، أما الكتلة الثانية بقيادة تكالة، تريد أن يكون للمجلس الأعلى للدولة كلمة مع مجلس النواب”.

وأضاف الزبير: “لأن الكتلة الأولى رأت بأن توافق عقيلة صالح مع المشري وذهابهم إلى بعض النقاط حتى التي اعترض عليها البعض من المجلس الأعلى للدولة، هم توافقوا ولا يهمهم أمر البقية”.

وأردف: “أحد الأعضاء الموالين للمشري، قال إنه في حال فوز تكالة، فإنهم سوف يعملون على إبعاده عن حكومة الدبيبة ويجعلونه مع التوافق، أما في حال فوز المشري، فهي ذاهبة للتوافق”.

واعتبر أن “الطرف الذي يؤيد المشري، يتفق مع مجلس النواب في إزاحة حكومة الوحدة الوطنية وانتخاب حكومة جديدة، أما الطرف الآخر لا يرى بأن الأمر يتعلق بحكومة جديدة، وإنما يتعلق بالذهاب للانتخابات ويجب أن يكون وفق قوانين متوافق عليها بين مجلسي الأعلى للدولة والنواب”.

وأوضح بأن “الأمر في انتظار أن يُحسم عن طريق القضاء والمحكمة العليا، لأن هناك بعض الأشياء التي ظهرت على الملأ كرد اللجنة القانونية وسيطرة البعض عليها، ومحاولة أطياف السيطرة بذاتها، على الرغم من أن رأي اللجنة القانونية كان يفترض أن يقدم عن طريق رئيسها وهو المرشح الثالث لرئاسة المجلس عادل كرموس، ولكنه لم يكن حاضرا في اجتماع اللجنة القانونية ولم يقدم دعوة للاجتماع وهو ما أثار الريبة وأدى ذلك لانسحاب تكالة وخروج جماعة المشري، في بيان رسمي يعزز وجود المشري في الرئاسة”.

وأبدى الزبير استغرابه من “بعض الأحداث التي تحاول إرباك المشهد، فرض المشري منها، إذ فرض المشري نفسه رئيسا للمجلس وسيطرته على الصفحات والموقع الرسمي المجلس، وهذه حركات كان لا ينبغي أن يقوم بها المشري”، بحسب قوله.

وتابع الزبير: “مع كل ذلك لم يتم انتخاب نواب الرئيس الأول والثاني، كما لم يتم وضع التسليم والاستلام بشكل رسمي حتى ينصب نفسه رئيسا ويستلم كل شيء بشكل رسمي، السياسيين أصبحوا يلعبون كالأطفال، هذه دولة وليست لعبة في أيديهم”.

وأشار بأن “الجميع ترقب أسماء مرشحة جديدة ويجب ألا يكون هناك تكرار وتوارث لهؤلاء، وبالتالي لم يحظ المجلس بذلك القبول الذي يحظى به قبل فترة، تمسك الكثير بالكرسي في وجود تصارع كبير بين الأعضاء داخل المجلس وفرض سياسة الأمر الواقع من بعض التيارات والكتل”.

واعتبر أنه “لا يمكن حسم الأمر إلا عن طريق القضاء وهذا واضح جدا، وهذا ما حدث في أمريكا في صراع بين ترامب بايدن واحتكموا للقضاء في ظل فوضى ولكن القضاء حسم الأمر”.

وأوضح “بأن كل المتواجدين الحاليين يبحثون عن البقاء لأطول فترة وإطالة عمر الأزمة باستحداث حكومة جديدة، الأمر لا يتعلق بما يريده الشعب، وإنما ما يريده هؤلاء، وهنا يأتي تدخل الأجندات الخارجية وفرض بعض الدول أجنداتها على المشهد الليبي عن طريق بعض الأعضاء، والدخول في لعبة تستثمرها هذه الدول من أجل مصالحها ومكتسباتها وليس من أجل مصلحة الشعب الليبي”.

في الوقت الذي اعتبرت فيه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان رسمي أن ما حدث من خلاف داخل المجلس الأعلى للدولة هو مسألة داخلية يتعين على المجلس حلها، وحثت البعثة جميع الأطراف على التحلي بروح المسؤولية للتوصل إلى حل وإنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى