يونس يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للحكومة الانتقالية في بنغلاديش.. تضم عضوين من قادة الاحتجاجات
أدَّى محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام اليمين الدستورية، الخميس، لقيادة الحكومة المؤقتة في بنغلاديش بصفته مستشاراً رئيسياً لها، بعد إطاحة رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة.
وقال يونس خلال مراسم أداء اليمين: «سأحافظ على الدستور وأدعمه وأحميه»، مضيفاً أنه سيؤدي واجباته «بصدق». وأدَّى يونس اليمين في القصر الرئاسي بدكا أمام زعماء سياسيين وقادة المجتمع المدني وجنرالات ودبلوماسيين.
كما أدى اليمين أكثر من 12 عضواً من حكومته يحملون لقب مستشارين وليس وزراء. ومن بينهم كبار قادة مجموعة الطلاب ضد التمييز التي قادت احتجاجات استمرت أسابيع، ناهد إسلام وآصف محمود. ومن بين الآخرين توحيد حسين، وزير الخارجية السابق، وحسن عارف، المدعي العام السابق، إضافة إلى محامية بيئية بارزة وكاتب وأستاذ قانون، والناشط البارز عادل الرحمن خان، الذي حكمت عليه حكومة الشيخة حسينة بالسجن عامين. وتتألف الحكومة الجديدة من فريق مدني، باستثناء عميد متقاعد واحد.
من هو (محمد يونس) الذي تطالب الجماهير الثائرة في بنغلاديش بتنصيبه رئيسا بعد فرار السفاحة حسينة ؟
نادرا ما تكون الثورات الجماهيرية متفقة على البديل للحاكم الذي يسعون لاقتلاعه، لكن في بنغلاديش الأمر مختلف.. فما هو السر في إجماع 160 مليون مواطن على هذا الشخص؟
إنه مدير (بنك الفقراء) الذي نذر نفسه منذ عام 1976 وحتى الآن لانتشال الملايين من المعدمين من حالة الفقر المدقع في بنغلاديش بطريقة غاية في الإبداع والذكاء. كان استاذ اقتصاد في الجامعة ووجد أن ما يدرسه من نظريات اقتصادية للطلاب متناقض تماما مع واقع المجتمع البنغالي، فقرر الذهاب بنفسه لافقر القرى المحيطة بمدينته ليعرف سبب الفقر الدائم.
هناك اكتشف ان نساء القرية يحتاجون لأقل من نصف دولار فقط للإستثمار في مواد أولية يمكن أن يصنعوا منها مصنوعات خيزران ليبيعوها، لكن كانوا مضطرين للاقتراض من أشخاص مرابين يأكلون النسبة الكبرى من ارباحهم. قرر في لحظتها ان يقرض 42 من نساء القرية ما مجموعه 27 دولار فقط دون شروط، وكانت النتائج مبهرة.. بعد مدة وجيزة أعاد الكل قيمة القرض وتحققوا لأنفسهم أرباح.
تبلورت عنده فكرة اقناع احد البنوك بتوسعة الفكرة واقراض عدد كبير من الفقراء، لكن مدير البنك ضحك من اقتراحه (الساذج) قائلا.. كيف اقرض فقراء دون أي ضمانة لسداد القرض؟ حينها تحمل محمد يونس مسؤولية القرض والضمانات للبنك، وبدأ عمله في اقراض المئات من القرويين مع توعيتهم بالاساليب الأفضل للاستثمار ووضع مخطط مفصل في أسلوب الاقتراض والسداد والاستثمار .
تواصل نجاح الفكرة بشكل مبهر في قرى عديدة، وفي 1976 افتتح محمد يونس اول بنك للفقراء في العالم (بنك غرامين)، ومع نهاية 1981 بلغ مجموع القروض المقدمة 14 مليون دولار، وكانت نسبة 90 بالمية من المقترضين من نساء القرى الفقيرة.
عمل محمد يونس على العكس تماما مما تعمل وفقه بنوك العالم.. فهو يقرض ليس الفقراء إنما (أفقر الفقراء) ممن ليست لديهم ممتلكات او ضمانات، ويفضل اقراض النساء بدلا من الرجال، السبب أن ربة المنزل حين تحقق أرباح فهي تحرص على أسرتها واطفالها، اما الرجل فقد يبذر الأرباح. وهو يرفض اسلوب المؤسسات الإغاثية التي تطعم الفقير وتجعله معتمدا دوما على المعونات دون أن يبذل اي جهد، وتتركه في حالة فقر دائم.
يضم بنك غرامين حاليا اكثر من 2600 فرع في بنغلاديش وخارجها، ويعمل لديه 26 الف موظف، وبفضل هذه النجاحات الباهرة حصل محمد يونس على جائزة نوبل للسلام والعشرات من الجوائز الدولية علاوة على 60 دكتوراه فخرية من الجامعات الدولية.
لكن مثل هذا النجاح لم يعجب الخاتونة (شيخة حسينة) رئيسة الوزراء، واكلتها الغيرة والحسد حتى لفقت له تهم ومحاكمات ووضعته قيد الإقامة الجبرية لسنوات.. ومع انتفاضة الشعب البنغالي وهروب السفاحة (حسينة) إلى الهند، تعالت اصوات الشعب مطالبة بتنصيب ابو الفقراء محمد يونس رئيسا انتقاليا ريثما تجري الانتخابات.. فسبحان مقلب الأحوال.
أجمل شي في شخصية محمد يونس انه لم يبحث عن الأعذار ليبرر عدم فعل اي شيء.. كان بمقدوره ان ينسب الفقر إلى الفساد المستشري في بنغلاديش، ودكتاتورية الحكام المتسلطين على الشعب، ومؤامرات دول الجوار، والمؤامرات الدولية، وكسل الناس عن العمل وووو ….. لكنه شمر عن ساعديه وقام بأعظم إنجاز.. وأنا أنصح بشدة بقراءة سيرة حياة محمد يونس والاطلاع على فلسفته ومخططه للقضاء على الفقر الذي تم اعداده باحترافية رائعة وتفصيلات جميلة