عاجل

دبلوماسيون غربيون يحذرون من أن إسرائيل بطريقها لاحتلال عسكري لقطاع غزة بعد الحرب

إسرائيل تهيئ الظروف لقيام الجيش الإسرائيلي بإعادة احتلال غزة بعد الحرب، حسبما قال ثلاثة دبلوماسيين غربيين كبار لتايمز أوف إسرائيل خلال الأسبوع الماضي.

واعترف الدبلوماسيون – واثنان منهم سفيرين – برغبة إسرائيل المعلنة في تجنب مثل هذا السيناريو.

لكنهم أوضحوا أن رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة، وفشله في تقديم بدائل واقعية، وتأكيد القدس على أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة على القطاع، تثني الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية عن التعاون مع الجهود الأمريكية لإعادة إعمار القطاع بعد الحرب.

وقال أحد الدبلوماسيين الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: “في ظل هذه الظروف، لا أرى سيناريو أكثر ترجيحاً”.

“سنعمل على منع إعادة احتلال غزة، ولكن لا يوجد أي متطوعين للحكم هناك غير السلطة الفلسطينية، التي تصر الحكومة الإسرائيلية الحالية على إضعافها، فأين يقودنا ذلك؟” سأل دبلوماسي ثان، مسلطا الضوء على القرار الذي اتخذته الحكومة في الشهر الماضي بحجب مئات الملايين من عائدات الضرائب عن رام الله، مما حرم السلطة الفلسطينية، التي تعاني بالفعل من ضائقة مالية، من الأموال التي هي في أمس الحاجة إليها.

واتفق الدبلوماسي الثالث مع هذه التوقعات، لكنه تكهن بأن إسرائيل يمكن أن تغير مسارها في نهاية المطاف، كما فعلت بعد احتلال جنوب لبنان لمدة 15 عاما. وسحبت الحكومة قواتها في عام 2000 وسط تراجع الدعم الشعبي للعملية التي أودت بحياة المئات من الجنود الإسرائيليين هناك.

وكشفت تعليقات الدبلوماسيين الغربيين عن النظرة السائدة في العديد من الدول التي تواصل دعم العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حماس، ولكنها تعارض بشكل متزايد خطط نتنياهو لغزة بعد الحرب. كما كشفت هذه التصريحات عن النفوذ المحدود الذي تعتقد بعض الحكومات الأكثر مهيمنة في العالم أنها تتمتع به حاليًا على إسرائيل بعد 7 أكتوبر.

“الإدارة المدنية لغزة”

في الأشهر التي تلت هجوم حماس – الذي قُتل فيه ما يقارب من 1200 شخص في جنوب إسرائيل إلى حانب احتجاز حوالي 240 كرهائن في غزة – أصر نتنياهو على أن إسرائيل ستحافظ على “السيطرة الأمنية الشاملة” على القطاع بعد الحرب من أجل ضمان عدم حدوث هجوم مماثل مرة أخرى.

وتسود وجهة النظر هذه بين القيادة الإسرائيلية، حيث قال وزير الحرب بيني غانتس الأسبوع الماضي “سنفرض سيطرة أمنية كاملة على المسلحة، بما في ذلك الاستيلاء على الأراضي للسماح بمواصلة الجهود العملياتية”.

كما أعلن القادة الإسرائيليون أيضًا أنه بالإضافة إلى إنشاء منطقة عسكرية عازلة داخل غزة، سيدخل الجيش الإسرائيلي أيضًا إلى القطاع حسب الحاجة من أجل تحييد التهديدات.

“نحن نعلم أنه ستكون لدينا الحرية في القضاء على أي تهديد في المستقبل، ولن تكون هناك تهديدات عسكرية خطيرة ضد إسرائيل من غزة… سوف نقوم بأي عملية وجهد عسكري ضروري من أجل تأمين مستقبلنا”، قال الوزير يوآف غالانت يوم الاثنين.

وفي نفس الوقت، أوضح غالانت أن إسرائيل “لن تسيطر على غزة بأي طريقة مدنية”.

وقد شبه المسؤولون الإسرائيليون سراً الوضع المستقبلي الذي يتصورونه لغزة بوضع المنطقة B في الضفة الغربية، حيث تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية دون تولي مسؤولية الخدمات المدنية للفلسطينيين.

الشرطة الفلسطينية تمنع المتظاهرين من التجمع في مدينة رام الله بالضفة الغربية قبل مظاهرة مزمعة ضد السلطة الفلسطينية

“لن توافق أي قوة عربية على دخول غزة في مثل هذه الظروف”، قال أحد الدبلوماسيين، وأضاف أن هذا الانهيار في المسؤولية هو ما أدى إلى فقدان شعبية السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وبالتالي لا يمكن توقع عودة عباس إلى غزة بصيغة مماثلة.

وفعلا، قال أحد كبار مساعدي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لتايمز أوف إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر إن السلطة الفلسطينية لن توافق على العودة إلى غزة – حيث تولت الحكم بعد انسحاب إسرائيل الأحادي الجانب في عام 2005 وحتى أن أطاحت بها حماس بعنف في عام 2007 – ما لم يتم الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية وما لم تكن هذه الخطوة جزءًا من مبادرة أوسع تهدف إلى تحقيق حل الدولتين في نهاية المطاف.

لكن نتنياهو رفض كلا الشرطين، قائلا مرارا وتكرارا إنه لن يسمح لغزة بأن تصبح “فتحستان”، في إشارة إلى حركة “فتح” التي يقودها عباس، وأعلن يوم السبت أنه “فخور” لأنه منع إقامة دولة فلسطينية.

أما عن الحكومة التي سيقبل بها في غزة بعد الحرب، فاكتفى نتنياهو بالقول “ستكون هناك إدارة مدنية لا تربي أبنائها لتدمير إسرائيل”.

مسؤول في الإدارة المدنية يسلم إخطار بشأن هدم خان الأحمر لأحد سكان القرية

ويبدو أنه كان يشير إلى هيئة يديرها الفلسطينيون، لكن “الإدارة المدنية” هو أيضًا اسم هيئة وزارة الدفاع المسؤولة عن الخدمات الإدارية للمستوطنين والفلسطينيين في المنطقة C التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وكان غانتس أكثر تحديدا، حيث قال الأسبوع الماضي إن على إسرائيل “تحديد مصادر محلية للتولى قضايا الصرف الصحي والأدوية والقضايا المدنية” بدعم من “الدول العربية المعتدلة”.

لكن الإمارات العربية المتحدة، من جانبها، اشترطت تقديمها الدعم المالي والسياسي لإعادة إعمار غزة بعد الحرب على احراز تقدم في المبادرة التي تدعمها الولايات المتحدة نحو تحقيق حل الدولتين.

“فترة انتقالية” طويلة المدى

من جانبها، قالت الولايات المتحدة أن معارضة إعادة احتلال غزة وتقليص مساحة أراضي القطاع من خلال إنشاء منطقة عازلة هي بين “مبادئها الخمسة” في التعامل مع غزة في مرحلة ما بعد الحرب.

ومع ذلك، أقر مساعدو بايدن أنه سيتعين على الجيش الإسرائيلي الحفاظ على وجود أمني في غزة لفترة أولية بعد الحرب.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر يوم الاثنين “نعم، ستكون هناك حاجة إلى فترة انتقالية في نهاية هذا الصراع، حتى لا يكون هناك فراغ أمني على الأرض. لكن في نهاية المطاف، كما أوضح الوزير والرئيس، لا يمكن أن يكون هناك إعادة احتلال لغزة”.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، والقائد العسكري الأمريكي سي كيو براون، ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت يجتمعون في تل أبيب

وتريد الولايات المتحدة أن تبدأ هذه الفترة الانتقالية في غضون أسابيع، ويضغط مسؤولو إدارة بايدن على إسرائيل للأنتقال من العمليات العسكرية العالية الشدة إلى قتال “منخفض الشدة” في غزة.

لكن إسرائيل تقتعد أن هذه الفترة الانتقالية يمكن أن تستمر لسنوات، وأشارت ماضي الولايات المتحدة.

“لقد كانت الولايات المتحدة في ألمانيا لعدة سنوات، وكانت في اليابان لعدة سنوات، واليوم ألمانيا واليابان هما من أقوى حلفائكم. هذا هو التغيير الذي يجب أن نحدثه مع الفلسطينيين”، قال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر لقناة MSNBC الشهر الماضي.

وردا على سؤال عن تعليقات ديرمر، قال أحد كبار الدبلوماسيين الغربيين “هذا يبدو لي كإحتلال لغزة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى