د/ عصام عبد الصمد يكتب / يوميات طبيب امتياز
علي اول درجه من درجات سلم مهنه الطب ، الطويل جدا ، والمتعب جدا ، والشاق جدا ، ولكن لايضاهيه في المتعة وتحمل المسؤليه وفهم الدنيا وفلسفه الموت اي سلم أخر .القصة دي ترجع لأيام الامتياز ، ودي سنة غريبة ، عجيبة … { لا انت محصل فيها طالب ، ولا دكتور ، ولا حتى ممرضة … بس لازم تمر بيها علشان تتدرب في المستشفيات وبعدها تاخد شهادة البكالوريوس في الطب والجراحة } .
المهم … السنة دي ناس بتاخدها جد ، وناس بتاخدها ضحك وتهريج .كان معانا بقي زميلة واخداها من منظور الطب الطحلبي …هي كانت فاكرة نفسها الطبيبة الخارقة الحاذقة اللي تقدر تعالج العجل في بطن أمه … وفاكره نفسها ورثت علم سيد باشا لاظوغلي ..المهم كنا مرة في العيادة الخارجية ، فالنايب المفروض بيكشف و احنا الامتياز بنساعده … يعني ناخد تاريخ المرض من العيان { اسمك ، سنك ، شكوتك ، أمك في العشة ولا طارت …الخ } ، هي بقي كانت واخدة الموضوع جد حبتين ، المهم النايب قال لها خدي history من العيان ده لحد ما آجي ( يعني تاخد معلومات عن المريض وحالته المرضية وخلافه ) ..
طبعا هي قفزت علي المكتب و عملت فيها مجدي يعقوب وهو في أعظم حالاته …العيان كان راجل بتاع ٧٠ سنة ، وفلاح …. بصحته ما شاء الله ، و جاي معاه اتنين من ولاده كل واحد فيهم كما الدولاب .. ، المهم هي قعدت علي المكتب وعلقت علي كتفها السماعة بعزة وفخر … وكان قدامها ورق و عمالة تعمل نفسها بتكتب (معرفش كانت بتكتب ايه) ، بس يعني عاملة نفسها مهمة و كدة ، و ضاكتورة بقى..الراجل قعد وبص لها … وبعدين بص لولاده وكأنه كده استصغرها …فالدكتورة قالت له خير يا حاج مالك ؟قالها ( باستنكار …) :
هو إنتي الل هتكشفي ؟؟قالت : يا ريت حضرتك ما تضيعش وقتي ووقت عيانيني اللي بره ، بتشتكي من ايه .. ؟الصراحة انا نفسي اتثبت من ردها … وكنت عايز أقوم اسقف .. “عيانيني دي كانت جامدة جدا “انا اتنفضت من قعدتي لما قالها : ( الصراحة يا ضاكتورة مشكلتي آني وأنا “باظرّط” في الغيط امبارح تعبت قوي من تحت … ) بصراحة الكلمة خرمت ودني ..الغريب بقى إن رد فعل الأخت الزميلة كان عادي جداً .. و فضلت مكملة كتابة وكأنها مسمعتش أيوتها حاجة غريبة !!
هي تقريبا افتكرت التظريط في الغيط ده حاجة ليها علاقة بالزراعة ، يعني بيظرط في الغيط دي شغلانة زي مثلا بيزرع ، أو بيقلع ، أو بيرش كيماوي ، أو بيحرت … كده يعني ، مش ان التظريط ده لفظ فلاحى لا مؤاخذة معناه إخراج الريح !!الأغرب بقى كان ردها !!قالت له : ماتزعلش منّي يا حاج … بس انت في سنك ده مينفعش تظرّط في الغيط نهائي ..الراجل وولاده وانا وكل الموجودين كأننا اتثبتنا ف الأرض بمسامير ٩ لنيه ..أنا بقي ف اللحظة دي كنت بأقول يا أرض ابلعيني بسرعة فائقة قبل الضرب ما يبدأ…- الراجل استغرب جدا وقالها …( ليه بقي ان شاء الله يا ضاكتورة ؟ )- فقالت له : انا مش هاخبي عليك.. ، التظريط خطر ع اللي في سنك ، أنت كبرت يا حاج ..، المهم تعالي يا حاج اقيس لك الضغط..الراجل استسلم لها تماما ، وقعد يقلب كف علي كف وهو بيفكر إزاي التظريط خطر ع اللي في سنه …
ثم قالها : ما احنا حدانا في البلد يا ضاكتورة الكل بيظرط عادي !!قالت له : ضغطك كويس ، بس بص ياحاج… ، غالبا اللي حصلك إن التظريط تعب لك ضهرك لانه بيضغط علي الفقرات العصعصية الموجوده في اسفل الضهر فتعبك من تحت ..ثم ختمت بجملة رهيبه و قالت له : ( ولو يعني ضروري إنك تظرط يا حاج يبقى ماتظرطش لوحدك .. ابقي خد ولادك يظرطوا معاك في الغيط.. أو يستحسن هما اللي يظرطولك وخلاص .. )طبعا الراجل فتح بقه و ما بقاش فاهم إيه اللي بيتقال ده … فقام اتنطر من السرير وقال أستغفر الله .. أستغفر الله .. و بص لولاده الميتين علي روحهم من الضحك وقال لهم :
( بقى ياولاد الكلب طالعين م البلد من قبل صلاة الفجر علشان تجيبوني لواحدة تقوللي : ولادك يظرطولك ..!! ، حتظرط لي إزاي يا واطي يابن الواطي منك له ؟؟! )وفتح باب العيادة وخرج ونزل ضرب بالعصايه في ولاده والناس عمالة تسلك وهما هايموتو من الضحك والدكتورة واقفه على باب العياده مش فهمه ايه اللي بيحصل .وتوته توته خلصت الحدوته تحياتي واحترامي
دكتور عصام عبد الصمد لامواخذه طبيب ملحوظه هامة جدا :
أوعوا تفتكروا ان الحكاية دي حكايتي ، لأ ، دي حكايه ناس تانيه خالص مالص .ملحوظة ثانية مهمة كمان : هذه الصورة أخذت مع مجموعة من الأصدقاء الأطباء الأحباء في مستشفى اولد تشيرش وهي أول مستشفى أعمل بها وأبدأ حياتي العملية كطبيب في دولة بريطانيا الشقيقة منذ ٥٣ سنة …