السياسة

بعد إعلان القاهرة عن ترتيبات لعودة السفراء… هل انتهت الخلافات والملفات العالقة بين مصر وتركيا؟

شهدت العلاقات المصرية – التركية خلال السنوات العشر الماضية حالة من الجمود السياسي مع استمرار العلاقات الاقتصادية، كما تدنى مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى أقل درجاته، لكن قبل أقل من عامين بدأ الحديث عن التقارب في ظل صمت أو مواربة من الطرفين.هل بدأت العلاقات المصرية التركية مرحلة عملية من عودة العلاقات الدبلوماسية على المستوى الرفيع بعد فوز أردوغان بولاية جديدة وتهنئة السيسي له؟… وهل عودة السفراء تعني أن الخلافات والملفات العالقة قد تم حسمها؟

بداية يقول بكير أتاجان، المحلل السياسي التركي، إن التقارب المصري التركي بدأ قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تركيا بفترة طويلة، والولاية الرئاسية الجديدة لن تغير في السياسات التركية تجاه الدول وعلى رأسها مصر.وأضاف، في حديثه لـ”سبوتنيك“، أنه لا تزال هناك ملفات وقضايا خلافية لم تحل فيما يتعلق بالعلاقات التركية – المصرية، على سبيل المثال ما يتعلق بالأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق وحوض البحر المتوسط، والأمر يختلف بعض الشيء بالنسبة للسودان.وتابع المحلل السياسي: “تملي مصر على تركيا بعض الشروط فيما يتعلق بالملفات الخلافية، الأمر الذي يجعلني أتوقع أن يكون هناك رد فعل تركي قوي جدا خلال الأيام المقبلة، أما بالنسبة للتدخل التركي في شمال سوريا والعراق هو دفاع عن أمننا القومي ضد الإرهاب، وإذا كانوا جادين في حل الملف يجب أن يمنعوا الإرهاب الذي تحتضنه بعض الدول قبل أن يقولوا لتركيا لا يحق لك التدخل”.

أخطر الملفات

وأشار أتاجان إلى أن أنقرة لا يزال لديها إصرار على أن تكون هناك اتفاقية بين مصر وتركيا في حوض البحر الأبيض المتوسط، ولا يعني هذا أننا نطالب بإلغاء الاتفاقية بين مصر واليونان، بل نريد اتفاقية مشابهة للتي تم توقيعها بين القاهرة وأثينا، تحمي المصالح التركية والمصرية، لأن الاتفاقية المصرية – اليونانية مناهضة للحقوق التركية في حوض المتوسط، تحفظ حقوق الطرفين، لا نريد أن تتخلى مصر ولا تركيا عن حقوقهما أو مصالحهما.وأوضح أن ملف حوض البحر المتوسط هو أهم وأوضح خلاف بين مصر وتركيا، ويمكن تحسين العلاقات من خلال التوصل إلى حلول تحقق مصالح الطرفين في المستقبل القريب والبعيد.

طريق الحل

وحول التطورات الأخيرة بين قادة البلدين، والحديث عن ترتيبات عودة سفراء البلدين وعلاقة ذلك بنقاط الخلاف بين تركيا ومصر، يقول أتاجان: “تركيا تصر على أن تكون هناك علاقات اقتصادية ودبلوماسية وسياسية واجتماعية بين الدولتين، على أن تحل الملفات العالقة أو النقاط الخلافية بين الجانبين تدريجيا عن طريق الحوار، فلا يمكن التوصل إلى حلول للملفات والخلافات في غياب السفراء، لأنه لا توجد علاقات في تلك الحالة، وكلما خطونا نحو تحسين العلاقات كلما كانت فرص حل الخلافات أفضل”.تركيا: وزير خارجية مصر يعتزم زيارة أنقرة ومن الممكن الإعلان عن مسار تبادل السفراء10 أبريل, 16:14 GMTوفيما يتعلق بالمطالب المصرية من تركيا أو ما يتم الإعلان عنه من أن أنقرة لا تزال تحتضن الإخوان، يقول المحلل السياسي: “تركيا في الفترة الأخيرة غيرت نهجها وأسلوبها في هذا الشأن وأغلقت القنوات واستبعدت قسما كبيرا منهم، لكن مصر تصر على الحديث في ملف شمال سوريا والعراق وتعتبرها محتلة في تلك المناطق”.ويرى أتاجان أن مصر إذا كانت جادة في تحسين العلاقات عليها أن تتواضع في الطلب، ورغم العقبات التي تقف في طريق التقارب المصري التركي، إلا أنه يحدوني الأمل الكبير بأن الطرفان يدركان اليوم الحقائق والظروف الراهنة وسوف يسعيان بجد نحو الحل.

تصفير المشاكل

في المقابل يقول هاني الجمل، الباحث المصري في الشؤون السياسية والإقليمية، إن دماء جديدة ضخت في العلاقات المصرية التركية، وتحاول إنهاء المرة الثالثة من تجميد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العصر الحديث.

وأضاف، في حديثه لـ”سبوتنيك”: “الإعلان المصري عن ترتيبات عودة السفراء بين البلدين، هو خطوة تعمل على تصفير المشاكل بين الطرفين، والمضي قدما في إيجاد رؤية متقاربة مع الملفات الساخنة التي أدت إلى هذه الخصومة الدبلوماسية الأخيرة، والتي لامست ما يقرب من العشرة أعوام”.وأشار الباحث السياسي إلى أن الإعلان الأخير عن العلاقات الدبلوماسية والاستعداد لعودتها إلى المستوى الرفيع، قد جاءت بعد فتح العديد من القنوات واللقاءات المباشرة بين رجال السلك الدبلوماسي، وغير المباشر عبر بعض الوسطاء والتي كانت قطر أميزهم، واستطاعت أن تستغل افتتاح كأس العالم لكرة القدم قطر 2022، لتضرب مصافحة تاريخية بين الغريمين في ذلك الوقت وهما السيسي وأردوغان.

دور قطري

وتابع الجمل: “كانت مصافحة كأس العالم في قطر صفحة جديدة في العلاقات التاريخية بين البلدين الكبيرين على المستوى الإقليمي، ورسمت ملامح التوافق في المرحلة المقبلة، والقائمة على قدر كبير من التنسيق والتفاهم لمستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية الجديدة، وإيجاد صيغة جديدة بين الطرفين خاصة في القضايا الشائكة التي كانت مثار خلاف بينهما، والذي أثر بالسلب على العلاقة بينهما خاصة بعد أحداث 30 يونيو”.وأوضح الباحث السياسي، أن دلالة الخطوة الأخيرة نحو عودة العلاقات الدبلوماسية لا تقتصر فقط على الارتقاء بالتمثيل الدبلوماسي وحسب، ولكن تنسحب أيضا على الاستغلال الأمثل للقدرات البينية التي تتمتع بها كل دولة في مسارها الإقليمي، وتضع دعائم حل لبعض الأمور الشائكة.

واستطرد: “تلك الخطوة الدبلوماسية سوف تسهم في زيادة التقارب في أزمة ملف الطاقة وترسيم الحدود البحرية، من أجل الاستفادة من التواجد التركي في “منظمة غاز شرق المتوسط”، وأن تكون هذه الخطوة تمهيدًا لعودة العلاقات بين تركيا واليونان وقبرص، وتشكيل محور اقتصادي جديد في منطقة شرق المتوسط لما تتمتع به هذه البلدان من موانئ طبيعية على مسار التجارة العالمية، وهو مايصب في مصلحة تركيا من أجل إنهاء الخصومة مع تركيا واليونان والتي حاولت مصر بعد أحداث الزلزال الذي ضرب تركيا أن تنمي هذا المسار”.

ليبيا وسد النهضة

وحول ما يمكن أن ينعكس على الملف الليبي نتيجة هذا التقارب، يقول الجمل: “كل من مصر وتركيا تتمتع بوضع جيوسياسي داخل ليبيا، وهو ما قد يكلل النجاح بإجراء الانتخابات في ليبيا في العام المقبل، بعد الجهود الكبيرة التي أحرزتها مباحثات 6+6 والمعنية بدعم المسار السياسي في ليبيا، هذا بجانب تصفية المنطقة الرخوة أمنيا والتي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، التي اتخذت من الشمال السوري مرتعا لها، وتؤثر بشكل كبير على العمق الاستراتيجي المصري والتركي على السواء”.

مشيرا إلى أن دعم مصر للنظام السوري وترتيب العديد من اللقاءات بين الجانب التركي والسوري برعاية روسيا، قد يعجل بهذه الخطوة، ومن ثم ازدهار طريق التجارة البينية بين تركيا ومصر كما كان سابقا في اتفاقية “الرورو”، فضلا عن التدخل التركي لدى إثيوبيا في مساعدة مصر في حل أزمة سد النهضة، لما تتمتع به تركيا من علاقات جيدة مع الجانب الإثيوبى، وهو ما قد يؤثر بشكل أفضل بعض الشيء في المفاوضات المصرية السودانية الإثيوبية حول أزمة سد النهضة، التي ازدادت تعقيدا بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها السودان.

توحيد الرؤية

واختتم بقوله: “تلك الخطوة تسهم في توحيد الرؤية تجاه القضية الفلسطينية، ومحاولة إيجاد مسارات للحد من الانتهاكات الإسرائيلية للأماكن المقدسة، والسعى نحو إقرار مسار حل الدولتين والذي تجمد بسبب تجمد عمل الرباعية الدولية بعد أحداث روسيا وأوكرانيا، العملية العسكرية الروسية الخاصة لدعم إقليم دونباس”.اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مساء الاثنين الماضي، على “البدء الفوري في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء”.وأفادت الرئاسة المصرية، في بيان لها، إن “الرئيس عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث قدم التهنئة للرئيس أردوغان بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، وإعادة انتخابه رئيسا لتركيا لفترة رئاسية جديدة”، فيما أعرب الرئيس التركي عن التقدير لهذه اللفتة الطيبة من الرئيس السيسي.تركيا: تحسن العلاقات مع مصر ستنعكس فوائده على ليبيا وفلسطين26 مارس, 09:09 GMTوقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن الرئيسين أكدا على “عمق الروابط التاريخية التي تربط البلدين والشعبين المصري والتركي، واتفقا على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون بين الجانبين، وفي ذلك الإطار قرر الرئيسان البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء”.وبعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “رسالة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، وإعادة انتخابه رئيسًا لتركيا لفترة رئاسية جديدة”، وفق بيان للرئاسة المصرية.وأعلن رئيس المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا، الأحد الماضي، فوز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى